بمشاركة رجال أعمال.. مسؤولون أميركيون وروس يبحثون "فرص" التعاون الاقتصادي بعد انتهاء الحرب

"الصفقات التجارية" مسار جديد في مفاوضات السلام بشأن أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما في ألاسكا. 15 أغسطس 2025 - Reuters
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما في ألاسكا. 15 أغسطس 2025 - Reuters
دبي -الشرق

اجتمع ثلاثة من كبار رجال الأعمال في ميامي بيتش بولاية فلوريدا، الشهر الماضي، حول حاسوب محمول في لقاء بدا، في ظاهره، محاولة لصياغة خطة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. غير أن مصادر مطلعة كشفت لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن الهدف الفعلي كان أعمق بكثير، إذ سعى الاجتماع لتمهيد الطريق أمام إعادة دمج الاقتصاد الروسي، الذي يقدَّر بنحو تريليوني دولار، في النظام المالي العالمي، مع ضمان أولوية الشركات الأميركية على منافسيها الأوروبيين في الاستفادة من العوائد المتوقعة.

استضاف المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وهو مستثمر عقاري تربطه بالرئيس دونالد ترمب علاقة تمتد لعقود، كيريل ديميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي الذي اختاره الرئيس فلاديمير بوتين للتفاوض، والذي كان قد وضع ملاحظاته على الوثيقة التي جرى تعديلها على شاشة الحاسوب.

كما حضر جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي، من منزله القريب في جزيرة تُعرف بأنها "الملاذ الفاخر للمليارديرات"، حسبما ذكرت الصحيفة.

وكان ديميترييف يدفع نحو خطة تسمح للشركات الأميركية بالوصول إلى نحو 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في أوروبا، بهدف تمويل مشروعات استثمارية مشتركة وإعادة إعمار أوكرانيا بقيادة الولايات المتحدة.

كما اقترح التعاون بين الشركات الأميركية والروسية لاستغلال الثروات المعدنية الضخمة في القطب الشمالي، وحتى إمكانية تنفيذ مهمة مشتركة إلى كوكب المريخ عبر شركة "سبيس إكس" المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك

فرصة اقتصادية

وبحسب مسؤولين غربيين، شكلت المحادثات في ميامي جزءاً من استراتيجية بدأت قبل تنصيب الرئيس دونالد ترمب، تهدف إلى تجاوز المؤسسات الأميركية التقليدية للأمن القومي، وإقناع الإدارة الأميركية بالتراجع عن اعتبار روسيا تهديداً عسكرياً، والتعامل معها كـ"فرصة اقتصادية واعدة". 

وبحسب هذه الاستراتيجية، فإنه من خلال طرح صفقات بمليارات الدولارات في مجالات المعادن النادرة والطاقة، يمكن لموسكو إعادة تشكيل الخريطة الاقتصادية لأوروبا، وفي الوقت نفسه، زرع انقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين. 

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن ديميترييف، وهو موظف سابق في "جولدمان ساكس"، وجد في كل من ويتكوف وكوشنر شريكين متعاونين. 

ويتبنى الرجلان نفس النهج طويل الأمد لترمب في السياسة الدولية. ففي حين اعتبر أجيال من الدبلوماسيين أن التحديات التي واجهت أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مشكلة معقدة تتطلب حلاً دقيقاً، كان ترمب يرى أن الحل أبسط، وهو أن الأعمال التجارية أهم من الحدود.

ففي ثمانينيات القرن الماضي، عرض ترمب التفاوض شخصياً لإنهاء الحرب الباردة بسرعة، مقترحاً بناء "برج ترمب" مقابل الكرملين، وجعل النظام السوفيتي شريكاً تجارياً. 

وقال ويتكوف لـ"وول ستريت جورنال"، إن روسيا تمتلك موارد هائلة وأراضٍ شاسعة، معرباً عن أمله في أن تصبح روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة شركاء تجاريين، وهو ما سيعزز الاستقرار ويقلل النزاعات المستقبلية. 

وتسربت نسخة من خطة تضم 28 نقطة، وأثارت احتجاجات في أوروبا وأوكرانيا، حيث اعتبرت أن الخطة تميل لصالح روسيا وتكافئها تجارياً بعد إعادة رسم الحدود بالقوة، إذ علق رئيس وزراء بولندا، دونالد توسك قائلاً: "الأمر لا يتعلق بالسلام، بل بالأعمال". 

ويرى مستشارون في البيت الأبيض، أن الاستثمارات الأميركية في روسيا بعد الحرب، قد تصبح "الضامن التجاري للسلام"، وفضلت روسيا أن تتولى الشركات الأميركية هذه الصفقات بدلاً من المنافسين الأوروبيين. 

وأرسل مقربون من بوتين، بينهم مليارديرات خاضعون للعقوبات من سانت بطرسبرج، ممثلين للقاء شركات أميركية لاستكشاف صفقات التعدين والطاقة، بما في ذلك إعادة تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم". كما ناقشت شركة "إكسون موبيل" العودة إلى مشروع غاز "ساخالين" الضخم إذا حصلت على موافقة موسكو وواشنطن. 

ووصل ويتكوف، الذي لم يزر أوكرانيا هذا العام، إلى موسكو، الثلاثاء، في زيارته السادسة إلى روسيا للقاء بوتين مرة أخرى، مؤكداً أنه لا يفضل طرفاً على الآخر.  

وقال: "الأوكرانيون قاتلوا ببسالة من أجل استقلالهم. حان الوقت لتثبيت ما حققوه عبر الدبلوماسية"، مشيراً إلى أفكار لتوظيف الجنود السابقين في تشغيل مراكز بيانات أميركية تعتمد على الذكاء الاصطناعي برواتب مرتفعة. 

عمل "خارج المسار الدبلوماسي"

وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، أن إدارة ترمب جمعت مدخلات من الجانبين الأوكراني والروسي لصياغة اتفاق سلام يوقف القتل وينهي الحرب، مؤكدة أن فريق الأمن القومي أحرز تقدما كبيراً، وأن الاتفاق سيواصل التحسين بعد المزيد من المحادثات مع المسؤولين. 

وقال مسؤول بالإدارة الأميركية"، إن كوشنر ويتكوف التقيا أيضاً بمستشار الأمن القومي الأوكراني، رستم عمروف، وتحدثا مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مشيراً إلى أن جهود ترمب ركزت على "الحوافز الاقتصادية" إلى جانب "الواقعين الجيوسياسي والعسكري". 

وخلال تسعة أشهر من المحادثات مع ديميترييف، كانت بعض الوكالات داخل إدارة ترمب، على اطلاع محدود على تفاصيل لقاءات ويتكوف مع موسكو، بما في ذلك اقتراح لتبادل سجناء قبل قمة ألاسكا مع بوتين، لم تُطلع عليه وكالة الاستخبارات المركزية CIA، أو مكتب وزارة الخارجية المعني بالأميركيين المسجونين.

وفي أعقاب القمة، وزعت وكالة استخبارات أوروبية تقريراً على كبار مسؤولي الأمن القومي في القارة، كشف تفاصيل الخطط التجارية والاقتصادية التي سعت إدارة ترمب لتحقيقها مع روسيا، بما في ذلك مشاريع مشتركة لاستخراج المعادن النادرة في القطب الشمالي. 

ويعمل ويتكوف عن كثب مع نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، بينما تم استبعاد مبعوث ترمب الخاص لأوكرانيا، الجنرال السابق كيث كيلوج، تقريباً من المحادثات المهمة، وأعلن الأسبوع الماضي مغادرته الحكومة. 

وتكشف التحقيقات أن رجال الأعمال المقربين من ترمب يسعون للعمل خارج المسارات الدبلوماسية التقليدية لتثبيت اتفاق سلام مرتبط بصفقات اقتصادية مع روسيا، في قصة استثنائية تربط بين السياسة والأعمال. 

ولفهم القصة وراء مفاوضات الإدارة الأميركية مع روسيا، قالت "وول ستريت جورنال" إنها تحدثت إلى عشرات المسؤولين والدبلوماسيين وضباط المخابرات السابقين والحاليين من الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا، بالإضافة إلى جهات ضغط ومستثمرين أميركيين مقربين من الإدارة.  

زائر من موسكو 

وكان ويتكوف قد مضى على توليه منصب مبعوث الرئيس ترمب لمفاوضات روسيا وأوكرانيا، أسابيع قليلة فقط، عندما طلب مكتبه من وزارة الخزانة المساعدة في السماح لرجل أعمال روسي خاضع لعقوبات بزيارة واشنطن. 

وكان كيريل ديميترييف، المصرفي الاستثماري الحاصل على شهادات من هارفارد وستانفورد، يتحدث لغة ويتكوف المفضلة: لغة الأعمال. ودعا ديميترييف ويتكوف إلى موسكو في فبراير الماضي، وأخذه إلى اجتماع استمر ثلاث ساعات مع بوتين لمناقشة حرب أوكرانيا.

لكن ديميترييف كان شخصية غير مرغوب فيها في الولايات المتحدة، بعد أن حجبت وزارة الخزانة دخوله في عالم 2022، لدوره في إدارة صندوق الثروة السيادي الروسي، الذي وصفته الوزارة بأنه "صندوق دعم شخصي لفلاديمير بوتين". 

وقال ترمب لويتكوف، إنه يريد إنهاء الحرب، وكانت الإدارة مستعدة لتحمل مخاطر استقبال مبعوث بوتين في واشنطن. وكان وزير الخزانة سكوت بيسنت لديه أسئلة حول هذا الطلب الفريد، لكنه وافق في النهاية. 

وصل ديميترييف إلى البيت الأبيض في 2 أبريل الماضي، وقدم قائمة بمشروعات تجارية بمليارات الدولارات يمكن للحكومتين تنفذيها معاً. في إحدى المرات، أخبر وزير الخارجية ماركو روبيو ديميترييف، أن بوتين بحاجة لإظهار جديته بشأن السلام. 

لكن ديميترييف شعر أن تواصله القائم على الأعمال يحقق تأثيراً. وقال في مقابلة غير منشورة ذلك الشهر: "يمكننا تحويل الصندوق الاستثماري إلى دور سياسي". 

في أبريل، استقبل ديميترييف ويتكوف في مكتبة الرئيس في سانت بطرسبرج لاجتماع آخر استمر ثلاث ساعات مع بوتين.  

ودون ويتكوف ملاحظاته بنفسه، مستعيناً بمترجم من الكرملين، ثم أطلع البيت الأبيض على التفاصيل من السفارة الأميركية. وفي الشهر نفسه، خطط مستشارو الأمن القومي الأوروبيون للاجتماع مع ويتكوف في لندن لدمجه في عملية السلام، لكنه كان مشغولاً بمهمته الأخرى وهي التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، ولم يتمكن من الحضور.  

بعد ذلك، طلب منه أحد المسؤولين الأوروبيين استخدام خط اتصال أمني ثابت مع الحلفاء لإجراء المحادثات الحساسة، لكنه رفض بسبب كثرة سفره وصعوبة استخدام النظام. 

وفي الوقت نفسه، كان ديميترييف وويتكوف يتبادلان المكالمات حول مقترحات طموحة بشكل متزايد.

وقال ديميترييف لـ"وول ستريت جورنال"، إن الولايات المتحدة وروسيا كانتا تناقشان اتفاقيات كبيرة في مجالات النفط والغاز والنقل في القطب الشمالي، مضيفاً: "نعتقد أن الولايات المتحدة وروسيا يمكن أن تتعاونا أساساً في كل شيء في القطب الشمالي. إذا تم إيجاد حل في أوكرانيا، يمكن أن يكون التعاون الاقتصادي الأميركي قاعدة لعلاقتنا المستقبلية". 

محادثات "سرية" بين رجال الأعمال الروس والأميركيين

كان رجال الأعمال الأميركيون والروس يراقبون بهدوء، متوقعين أن يحقق ويتكوف وديميترييف ما وعدا به، ويجهزان شركاتهما للاستفادة من فرص السلام. 

في محادثات سرية، التقى نائب رئيس شركة "إكسون موبيل"، نيل تشابمان، مع إيجور سيتشين، رئيس "روسنفت" وسكرتير بوتين السابق، في الدوحة لمناقشة عودة "إكسون" إلى مشروع "ساخالين" الضخم، وهو استثمار توقف بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022. 

اقرأ أيضاً

خطة السلام.. بوتين يطلب "المزيد من النقاش" وزيلينسكي يبحث عن "ضمانات الأمن"

قال الرئيس الروسي إن مسودة اتفاق السلام مع أوكرانيا تحتاج إلى نقاش، فيما أعلن نظيره الأوكراني عن مباحثات مرتقبة مع أميركا بحثاً عن صيغة تقود إلى "ضمانات الأمن".

كما استكشفت "إكسون" والمستثمر الملياردير تود بويلي وغيرهما، شراء أصول تملكها شركة "لوك أويل"، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا.  

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على "لوك أويل" في أكتوبر الماضي، مما دفع الشركة إلى عرض أصولها الخارجية للبيع. كما نظرت شركة "إليوت إنفستمنت مانجمنت" في شراء حصة في خط أنابيب ينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا. 

وفي الآونة الأخيرة، عرض رجال أعمال مرتبطون بالكرملين مثل جينادي تيمتشينكو ويوري كوفالتشوك، على نظرائهم الأميركيين امتيازات غازية في بحر أوخوتسك، وكذلك في أربعة مواقع محتملة أخرى، وفق مسؤول أمني أوروبي وشخص مطلع على المحادثات.  

كما ذكرت روسيا فرصاً لتعدين المعادن النادرة بالقرب من مناجم النيكل الضخمة في نوريلسك، وفي ما يصل إلى ستة مواقع في سيبيريا أخرى لم تُستغل بعد. 

وكان جنتري بيتش، صديق دونالد ترمب جونيور (نجل الرئيس) في الجامعة، في مفاوضات للاستحواذ على 9.9% من مشروع الغاز الطبيعي المسال في القطب الشمالي مع "نوفاتك"، ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في روسيا، والذي يملكه جزئياً تيمتشينكو، إذا رفعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة العقوبات عنه، وفق مسودات عقود اطلعت عليها الصحيفة. 

وقال بيتش في بيان، إن الشراكة مع نوفاتك "ستعود بفائدة كبيرة على أي شركة ملتزمة بتعزيز القيادة الأميركية في الطاقة"، وأن شركته "تسعى بنشاط لفرص استثمارية تعزز المصالح الأميركية حول العالم". وأضاف أنه "لم يعمل أبداً مع ستيف ويتكوف" لكنه "ممتن جداً" للجهود التي يبذلها ويتكوف وآخرون لإنهاء الحرب في أوكرانيا.  

وفي الوقت نفسه، كان المستثمر المقيم في ميامي، ستيفن لينش، يسعى للحصول على موافقة الحكومة الأميركية للمزايدة على خط أنابيب "نورد ستريم 2" المخرب، إذا طُرح للبيع ضمن إجراءات إفلاس سويسرية.

وحصل لينش، الذي مُنح في عام 2022 ترخيصاً من وزارة الخزانة لاستكمال استحواذه على الفرع السويسري لبنك "سبر" الروسي، على ترخيص الأنبوب منذ إدارة الرئيس السابق جو بايدن، لكنه كثّف جهوده في أبريل بتوظيف صديق دونالد ترمب جونيور، تشيس مكدوال، مقابل 600 ألف دولار على مدى ستة أشهر. كما تواصل ممثلو لينش مع ويتكوف لترتيب اجتماع. 

وفي أواخر يوليو الماضي، زار ديمتري باكانوف، رئيس وكالة "روسكوسموس" الفضائية، مركز "ناسا" ليندون بي جونسون في هيوستن، بالإضافة إلى مرافق تصنيع المركبات الفضائية لشركتي "بوينج" و"سبيس إكس"، وهي أول زيارة من نوعها منذ 2018. 

الطريق إلى ميامي 

وكانت القطع تتحرك نحو مكانها، لكن كل شيء كان يعتمد، إلى حد ما، على قدرة ويتكوف على فك النزاع الذي تعهد رئيسه بحله خلال حملته في يوم واحد. 

في 6 أغسطس، سافر ويتكوف إلى موسكو بدعوة من بوتين لعقد اجتماع تم التحضير له قبل بضعة أيام فقط. واستعرض ديميترييف معه حديقة زارياديه المطلة على نهر موسكفا، ثم رافقه إلى الكرملين لجلسة أخرى استمرت ثلاث ساعات مع الرئيس الروسي.

وذكر بوتين رغبته في لقاء ترمب شخصياً، ومنح ويتكوف وسام لينين لتمريره إلى نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA، الذي قُتل ابنه المريض نفسياً أثناء القتال لصالح روسيا في أوكرانيا. 

وفي اليوم التالي، شارك ويتكوف في مؤتمر عبر الفيديو مع مسؤولين ورؤساء دول من أبرز الحلفاء الأوروبيين، حيث عرض الخطوط العريضة لما فهمه من مقترح بوتين.

ووفق المقترح، إذا سلمت أوكرانيا نحو 20% المتبقية من مقاطعة دونيتسك التي لم تتمكن روسيا من السيطرة عليها، فإن موسكو ستتخلى عن مطالبها في مقاطعتي زابوريجيا وخيرسون.

لكن الأوروبيين بدا عليهم الارتباك: هل يقصد بوتين الانسحاب الفعلي من زابوريجيا وخيرسون كما فسره ويتكوف، أم أنه يعد فقط بعدم السيطرة على الأراضي الأوكرانية المتبقية؟ في كل الأحوال، كانت أوكرانيا متشككة بشأن جدوى هذا الوعد. 

وفي 9 أغسطس، انتقل ويتكوف إلى جزيرة إيبيزا الإسبانية. وكان القادة الأوروبيون لا يزالون يسعون لفهم العرض بدقة من ويتكوف والبيت الأبيض ووزارة الخارجية. 

وأراد ويتكوف اغتنام الفرصة لعقد قمة دون تأخير. وكان ديميترييف متفائلاً بأن ويتكوف أخذ حساسية روسيا بعين الاعتبار، وقال للصحيفة قبل أيام: "نعتقد أن ستيف ويتكوف وفريق ترمب يقومان بعمل رائع لفهم الموقف الروسي لإنهاء النزاع". 

وانهارت القمة التي عُقدت في 15 أغسطس تقريباً فور انطلاقها. ووصل ويتكوف وروبيو وترمب على متن الطائرة الرئاسية Air Force One، والتقوا ببوتين ومستشاره القديم يوري أوشاكوف ووزير الخارجية سيرجي لافروف.

وبدأ بوتين بمحاضرة عن تاريخ الوحدة بين الشعبين الروسي والأوكراني تمتد لألف عام. ألغيت جلسة الغداء والجلسة المسائية المخصصة لمراجعة القضايا الأخرى، مثل تبادل السجناء. 

وخرج ويتكوف من الاجتماع غير متأكد من الأمور، لكنه كان متفائلاً بأن المحادثات ستتسارع قريباً. وقال: "كان الجميع يعمل بجد، لكنها كانت إيجابية". 

في أكتوبر، سافر زيلينسكي إلى واشنطن على أمل الحصول على صواريخ كروز "توماهوك" بعيدة المدى من صنع الولايات المتحدة. وكان الجيش يسعى لتعطيل المصافي الروسية لدفع موسكو للتفاوض بشروط أفضل. 

وبحلول موعد وصول زيلينسكي، كان ترمب قد تحدث مع بوتين قبل يوم واحد وقرر عدم تقديم الصواريخ. وبدلاً من ذلك، شجع ويتكوف المسؤولين الأوكرانيين على اتباع مسار آخر قائلاً: "ما الفائدة من عدد قليل من الصواريخ؟". 

واقترح بدلاً من ذلك على أوكرانيا، طلب إعفاء جمركي لمدة عشر سنوات، مؤكداً أنه سيعزز اقتصادهم بشكل كبير. 

وقال ويتكوف لـ"وول ستريت جورنال": "أنا هنا لأعمل على تسوية الصفقات، وهذا سبب وجودي. نستمر في طرق الأبواب وابتكار الأفكار". 

تصنيفات

قصص قد تهمك