العمليات شهدت 4 حوادث تشمل نيران صديقة وسقوط مقاتلتين في البحر واصطدام حاملة طائرات

تحقيقات: الحملة الأميركية ضد الحوثيين تسببت بسلسلة حوادث بحرية مكلفة

حاملة الطائرات الأميركية "هاري إس ترومان" خلال عبورها البحر الأبيض المتوسط. - via REUTERS
حاملة الطائرات الأميركية "هاري إس ترومان" خلال عبورها البحر الأبيض المتوسط. - via REUTERS
دبي-الشرق

كشفت مجموعة تقارير استقصائية جديدة صدرت، الخميس، أن الضربات الأميركية التي قادتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين في اليمن، كانت الأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية، وألحقت خسائر فادحة بالسفن والمقاتلات وأرهقت البحارة، بحسب ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس".

وتغطي التقارير الأربعة حادثة "نيران صديقة" وقعت في ديسمبر 2024، والتي شهدت إطلاق الطراد "يو إس إس جيتيسبيرج" النار على مقاتلتين انطلقتا من حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان"، ما أدى إلى إسقاط إحداهما، بالإضافة إلى اصطدام الحاملة بسفينة تجارية، وسقوط طائرتين أخريين بملايين الدولارات من على متن الحاملة في حوادث، في وقت سابق من هذا العام.

وتكبدت البحرية الأميركية خسائر فادحة جراء الحوادث الأربعة التي كان من الممكن تجنبها، وشملت فقدان ثلاث طائرات، وتضرر حاملة الطائرات ترومان، بالإضافة إلى إصابة عدد من البحارة، رغم عدم سقوط أي ضحايا.

وترسم التقارير مجتمعة صورة لحاملة طائرات لم تتعرض فقط لهجمات صاروخية منتظمة أرهقت الطاقم، بل أيضاً لمتطلبات تشغيلية أخرى ضغطت على كبار القادة لدرجة أن قبطان الحاملة وملاحها حُرموا من النوم بشدة، وكان ذلك في منتصف فترة انتشار استمرت ثمانية أشهر، وكان من المقرر في الأصل أن تستمر ستة أشهر.

كما خلص أحد التقارير إلى أن العمليات القتالية المكثفة في بعض أجزاء السفينة "أدت إلى شعور بالخدر بين أفراد الطاقم، وأن بعض البحارة فقدوا إدراكهم لأدوارهم في المهمة".

وبدأت الحملة الأميركية ضد الحوثيين في أكتوبر 2023، عندما أطلقت الجماعة مسيرات وصواريخ على السفن في البحر الأحمر وسط الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة، إذ بدأت العمليات العسكرية في عهد الرئيس جو بايدن، وواصل الرئيس دونالد ترمب الحملة.

"نيران صديقة"

ونفّذت حاملة الطائرات أول ضربة دفاعية لها ضد الحوثيين في 22 ديسمبر 2024، وأمضت سفن أخرى في المجموعة الهجومية للحاملة عدة ساعات في الدفاع ضد صواريخ كروز وطائرات هجومية مسيرة رداً على ذلك.

وأخطأت السفينة "يو إس إس جيتيسبيرج"، إحدى سفن المجموعة الهجومية التابعة للحاملة، في التفرقة بين عدة طائرات مقاتلة من طراز F/A-18F، وصواريخ حوثية أخرى، وأطلقت النار على اثنتين من المقاتلات. 

وانتقد التقرير، الذي خضع لمراجعة مكثفة، البحارة في مركز معلومات القتال بشدة لضعف تدريبهم واعتمادهم المفرط على تقنيات واجهت مشكلات.

وخلص التقرير إلى أنه عندما دخلت سفينة تجارية مسار حاملة الطائرات، لم يتخذ الضابط الإجراءات الكافية لتجنب الخطر، مُدرجاً تصرفاته على أنها السبب الرئيسي للاصطدام. كما أُلقي باللوم على قائد السفينة وملاحها لعدم إدراكهما الكامل لمخاطر العبور.

اقرأ أيضاً

من البحر الأحمر إلى العقوبات.. جبهة جديدة بين واشنطن والحوثيين

تصعيد متبادل بين واشنطن والحوثيين ينتقل من البحر الأحمر إلى العقوبات الاقتصادية، وسط تزايد التوتر في المنطقة ووساطة عُمانية لم تنهِ المواجهة.

وخلال عمليات قتالية في أبريل، انعطفت السفينة بشكل حاد لتجنب صاروخ حوثي قادم، بينما كان البحارة في حظائر الطائرات يُحركون الطائرات. وعندما بدأت حاملة الطائرات ترومان بالميلان مع الانعطاف، بدأت الطائرة بالانزلاق.

وأبلغ البحارة الذين يُحركون الطائرة المحققين أنه أثناء انزلاق الطائرة عن سطحها إلى المحيط، كانت عجلات هبوطها تدور، على الرغم من أن الطيار داخلها كان يحاول استخدام المكابح.

وكان سطح السفينة أكثر اتساخاً، ويعود ذلك جزئياً إلى أن الوتيرة التشغيلية العالية لعمليات الطيران القتالي أعاقت عمليات التنظيف المنتظمة.

وفي مايو، سقطت طائرة مقاتلة من طراز F/A-18F في البحر أثناء محاولتها الهبوط على متن حاملة الطائرات ترومان. ووجد التحقيق أن كابلاً مصمماً لإيقاف الطائرة التي يبلغ وزنها 50 ألف رطل على بُعد بضع مئات من الأقدام فقط انقطع أثناء الهبوط. وذلك لأن سوء صيانة المعدات يعني أن النظام كان يفتقد جزءاً أساسياً.

"جرس إنذار" 

وأفاد التحقيق في حادث اصطدام حاملة الطائرات "ترومان" بسفينة تجارية بأنه "لو وقع الاصطدام على بُعد 100 قدم للأمام، لكان من المرجح أن يخترق حجرة كان ينام فيها 120 بحاراً".

وأضاف التقرير أن الكابتن ديف سنودن، قائد حاملة الطائرات آنذاك "خفف زاوية الاصطدام، وأخره الاصطدام، ما حال على الأرجح دون وقوع أضرار جسيمة وخسائر محتملة في الأرواح في الثواني التي سبقت الاصطدام".

في السياق، قال برادلي مارتن، الباحث البارز في السياسات في مؤسسة "راند" والنقيب المتقاعد في البحرية، إن الحوادث التي تعرضت لها حاملة الطائرات ترومان تُعدّ بمثابة "جرس إنذار" للبحرية بشأن متطلبات المعركة ومخاطر إرهاق السفن وطاقمها.

وأضاف مارتن: "الرسالة الواضحة من هذا الانتشار هي أن البحرية ليست مستعدة للتعامل مع قتال ممتد"، مضيفاً أن "حاملة الطائرات ترومان كانت بوضوح في مرحلة كانت فيها تسير على حافة الهاوية".

وتابع: "مستوى التهديد الجوي القادم من الحوثيين لا يُقارن بما قد تواجهه من الصين، ولكنه كان كافياً لإثارة القلق. أعتقد أن ما رأيتموه كان هشاشة كبيرة في الجاهزية والإعداد".

ومن غير الواضح ما الذي فعلته البحرية، لمحاسبة البحارة والقادة المتورطين، لأن تلك الأجزاء من التقارير حُذفت، كما أعفت البحرية سنودن علناً من القيادة بعد حوالي أسبوع من الاصطدام بالسفينة التجارية.

بدوره، أكد الأدميرال جيمس كيلبي، ثاني أعلى ضابط رتبة في البحرية، الخميس، أن "إجراءات مساءلة لجميع المشغلين المتورطين اتخذت في الحوادث الأربعة"، لكنه لم يُقدم أي تفاصيل.

تصنيفات

قصص قد تهمك