الإندو باسيفيك ساحة للصراعات الجيوسياسية في القرن القادم.. ولا ندعم أي تغيير أحادي في تايوان

استراتيجية الأمن القومي الأميركي: التفوق العسكري والتكنولوجي أفضل وسيلة لردع الصين

سفن حربية أميركية وكورية جنوبية خلال تدريبات قابلة السواحل الكورية، سبتمبر 2025 - @US7thFleet
سفن حربية أميركية وكورية جنوبية خلال تدريبات قابلة السواحل الكورية، سبتمبر 2025 - @US7thFleet
واشنطن -هبة نصر

شددت الإدارة الأميركية في استراتيجية الأمن القومي الجديدة على ضرورة الحفاظ على التفوق العسكري والتكنولوجي الأميركي في مواجهة الصين، باعتباره الوسيلة المثلى لردع أي هجوم محتمل على تايوان، ومنع وقوع نزاع عسكري واسع النطاق في المنطقة الحيوية للتجارة الأميركية، مؤكدة على دور الاقتصاد في الحفاظ على المكانة العالمية للولايات المتحدة.

واعتبرت الاستراتيجية التي نشرت مساء الخميس، في القسم المختص بالصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، أن سيطرة أي قوة منافسة على بحر الصين الجنوبي، ستشكل تحدياً أمنياً للولايات المتحدة، وأن منطقة الإندو-باسيفيك، والتي تمثل حالياً مصدر ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي بناءً على تعادل القدرة الشرائية، "تعتبر بالفعل وستستمر في كونها من ساحات الصراع الاقتصادية والجيوسياسية الرئيسية في القرن القادم".

واعتبرت الإدارة الأميركية في استراتيجية الأمن القومي أن على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها وشركائها بموجب المعاهدات، لمواجهة ما وصفته بـ"الممارسات الاقتصادية الاستغلالية"، واستخدام قوتها الاقتصادية المشتركة للحفاظ على مكانتها العالمية، وضمان ألا تصبح اقتصادات الحلفاء تابعة لأي قوة منافسة.

وشجعت الاستراتيجية على مواصلة تحسين العلاقات التجارية وغيرها مع الهند، لتشجيع نيودلهي على المساهمة في أمن المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك من خلال التعاون الرباعي المستمر مع أستراليا، واليابان، والولايات المتحدة، والعمل على مواءمة تصرفات حلفائها وشركائها مع مصالحها المشتركة في منع هيمنة أي دولة منافسة واحدة.

الاستثمار في مستقبل القوة العسكرية

وذكرت الاستراتيجية أنه يجب على الولايات المتحدة الاستثمار في البحث للحفاظ على ميزتها في التكنولوجيا العسكرية والمدنية المتقدمة، مع التركيز على المجالات التي تتفوق فيها الولايات المتحدة، بما في ذلك تحت الماء، والفضاء، والأسلحة النووية، فضلاً عن المجالات التي ستحدد مستقبل القوة العسكرية مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والأنظمة الذاتية، والطاقة اللازمة لدعم هذه المجالات.

ورأت الإدارة الأميركية أن العلاقات الحيوية بين الحكومة الأميركية والقطاع الخاص الأميركي تعزز الحيوية في مراقبة التهديدات المستمرة لشبكات الولايات المتحدة، بما في ذلك البنية التحتية الحيوية، مما يمكّن الحكومة الأميركية من إجراء الاكتشاف الفوري والتحديد والاستجابة (أي الدفاع السيبراني والهجمات السيبرانية) مع حماية تنافسية الاقتصاد الأميركي وتعزيز مرونة القطاع التكنولوجي الأميركي.

وأشارت إلى أن تحسين هذه القدرات سيتطلب أيضاً تخفيف القيود التنظيمية بشكل كبير لتعزيز التنافسية الأميركية، وتحفيز الابتكار، وزيادة الوصول إلى الموارد الطبيعية الأميركية، وهو ما سيؤهل واشنطن لـ"استعادة التوازن العسكري لصالح الولايات المتحدة وحلفائنا في المنطقة".

وبالإضافة إلى الحفاظ على التفوق الاقتصادي وتوحيد نظام تحالفاتها الاقتصادية، نصت الاستراتيجية على أنه يجب على الولايات المتحدة "تنفيذ دبلوماسية قوية ومبادرات اقتصادية يقودها القطاع الخاص في الدول التي من المتوقع أن يشهد معظم نمو الاقتصاد العالمي فيها خلال العقود القادمة".

إعادة التوازن للتجارة العالمية

وقالت الإدارة الأميركية إن دبلوماسية "أميركا أولاً"، تسعى لإعادة توازن العلاقات التجارية العالمية.

وأشارت الإدارة الأميركية إلى أنها أوضحت للحلفاء أن عجز الحساب الجاري الأميركي "غير مستدام"، مضيفة أنه "يجب أن نشجع أوروبا واليابان وكوريا وأستراليا وكندا والمكسيك ودول بارزة أخرى على اعتماد سياسات تجارية تساعد في إعادة توازن الاقتصاد الصيني نحو الاستهلاك الأسري، لأن جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط لا يمكنها بمفردها امتصاص فائض الإنتاج الهائل للصين".

وقالت إنه يمكن لدول التصدير في أوروبا، وآسيا أن تنظر إلى الدول ذات الدخل المتوسط كسوق محدود، لكنه متنامٍ لصادراتها.

"لم نصغ للجنوب العالمي"

وذكرت الإدارة في استراتيجيتها أن الشركات الصينية المملوكة للدولة والمدعومة من الدولة، تتفوق في بناء البنية التحتية المادية والرقمية، مشيرة إلى أن الصين أعادت تدوير حوالي 1.3 تريليون دولار من فائض تجارتها كقروض لشركائها التجاريين.

وتابعت: "لم تصغ الولايات المتحدة، وحلفاؤها بعد خطة مشتركة لما يُسمى بالجنوب العالمي، لكنهم يمتلكون معاً موارد هائلة. تمتلك أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها أصولاً صافية خارجية بقيمة 7 تريليونات دولار، وتمتلك المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك البنوك متعددة الأطراف للتنمية، أصولاً مجمعة بقيمة 1.5 تريليون دولار".

إلا أنها استدركت أن "ما يميز أميركا عن بقية العالم، هو انفتاحها، وشفافيتها، وجدارتها بالثقة، والتزامها بالحرية والابتكار، ورأسماليتها السوقية الحرة، وهو ما سيجعلنا الشريك العالمي المفضل".

وقالت الإدارة إن الولايات المتحدة "لا تزال تحتفظ بالمكانة المهيمنة في التقنيات الأساسية التي يحتاجها العالم. يجب أن نقدم للشركاء مجموعة من الحوافز – مثل التعاون التكنولوجي المتقدم، وشراء الأسلحة، والوصول إلى أسواقنا المالية – التي توجه قراراتهم لصالحنا".

التفوق هو الوسيلة الأفضل للردع

ورأت الاستراتيجية أنه على المدى الطويل، فإن الحفاظ على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي الأميركي هو "الطريقة الأكيدة لردع ومنع حدوث صراع عسكري واسع النطاق".

وأشارت إلى أن التوازن العسكري التقليدي المواتي "يظل مكوناً أساسياً من مكونات المنافسة الاستراتيجية".

ولفتت الإدارة الأميركية إلى أن الاهتمام يتركز بشكل خاص على تايوان، جزئياً بسبب هيمنتها على إنتاج أشباه الموصلات، ولكن في المقام الأول؛ لأنها توفر الوصول المباشر إلى "السلسلة الثانية من الجزر" (جزر أوكيناوا شمال شرق اليابان عبر جوام، وجزر ماريانا، وصولاً إلى جزر اليابان في المحيط الهادئ) وتقسم شمال شرق وجنوب شرق آسيا إلى مسرحين منفصلين. 

تايوان والتفوق الأميركي

وأشارت الإدارة إلى أنه بما أن ثلث الشحن العالمي يمر سنوياً عبر بحر الصين الجنوبي، فإن لذلك تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأميركي، ومن ثم، فإن ردع أي صراع حول تايوان، ويفضل أن يكون ذلك من خلال الحفاظ على التفوق العسكري، يمثل أولوية.

وتابعت: "سنستمر في سياسة الولايات المتحدة المعلنة منذ زمن طويل تجاه تايوان، والتي تعني أن الولايات المتحدة لا تدعم أي تغيير أحادي للوضع الراهن في مضيق تايوان".

ونصت الاستراتيجية على أن الولايات المتحدة "ستقوم ببناء قوة عسكرية قادرة على منع أي اعتداء في أي مكان على طول السلسلة الأولى من الجزر (خط الدفاع الأول، وهو أقرب إلى الصين، ويشمل تايوان وجزر الفلبين وأجزاء من اليابان).

وأشارت إلى أن الجيش الأميركي "لا يمكنه، ولا يجب أن يتحمل هذه المسؤولية بمفرده، ومن ثم يجب على الحلفاء أن يرفعوا مستوى التزامهم وينفقوا، والأهم من ذلك، أن يفعلوا الكثير من أجل الدفاع الجماعي".

وأكدت الاستراتيجية أنه ينبغي أن تركز الجهود الدبلوماسية الأميركية على الضغط على حلفائنا وشركائنا في السلسلة الأولى من الجزر للسماح للقوات الأميركية بالوصول بشكل أكبر إلى موانئهم ومرافقهم الأخرى، وزيادة الإنفاق على دفاعهم الخاص، والأهم من ذلك، الاستثمار في القدرات المصممة لردع العدوان.

واعتبرت أن هذا سيؤدي إلى ربط قضايا الأمن البحري على طول السلسلة الأولى من الجزر، مع تعزيز قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على منع أي محاولة للاستيلاء على تايوان أو الوصول إلى توازن قوى سلبي يجعل الدفاع عن الجزيرة مستحيلاً. 

تصنيفات

قصص قد تهمك