طالبان تتجه نحو حظر إنتاج الأفيون في أفغانستان

عامل أفغاني يعمل في حقل لزراعة الأفيون على أطراف مدينة مزار شريف في أفغانستان 11 مايو 2016 - AFP
عامل أفغاني يعمل في حقل لزراعة الأفيون على أطراف مدينة مزار شريف في أفغانستان 11 مايو 2016 - AFP
دبي-الشرق

قال سكان بعض مناطق زراعة نبات الخشخاش الرئيسية في أفغانستان، إن قادة حركة طالبان، الذين يسعون للحصول على الاعتراف الدولي بعد الاستيلاء على السلطة في كابول، طلبوا من المزارعين التوقف عن زراعة النبات الذي يتم استخراج الأفيون منه، مما تسبب في ارتفاع أسعار الأفيون الخام في جميع أنحاء البلاد، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وأفادت الصحيفة، في تقرير نشرته، السبت، بأن ممثلي طالبان بدأوا في الأيام الأخيرة، إبلاغ المزارعين بمقاطعة قندهار الجنوبية، وهي إحدى المناطق الرئيسية المنتجة للأفيون في البلاد، أنه قد يتم فرض حظر على زراعة الخشخاش، التي تمثل جزءاً مهماً من الاقتصاد المحلي.

وكان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، قال في مؤتمر بعد الاستيلاء على السلطة في كابول، إن حكام البلاد الجدد لن يسمحوا بتجارة المخدرات، ولكنه لم يقدم حينها أي تفاصيل عن كيف تنوي الحركة فرض هذا الحظر، وفقاً للصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن مزارعين في مقاطعات قندهار وأوروزغان وهلمان، أن أسعار الأفيون الخام الذي يُستخدم في صناعة الهيروين تضاعفت 3 مرات، من نحو 70 دولاراً إلى 200 دولار للكيلوجرام الواحد، فيما قال سكان مدينة مزار شريف بشمال البلاد، إن سعر الأفيون وصل للضعف أيضاً، بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الصناعة.

80% من الإنتاج العالمي للأفيون

وقالت "وول ستريت جورنال": "وفقاً للحكومات الغربية فإنه طالبان كانت من أكبر المستفيدين من صناعة المخدرات في البلاد، إذ استخدمت الضرائب المفروضة على تجارة المخدرات لتمويل تمردها المستمر منذ 20 عاماً. إذ تمثل أفغانستان نحو 80% من صادرات العالم من المواد الأفيونية غير المشروعة".

وتابعت الصحيفة: "فشلت محاولات الولايات المتحدة التي استمرت على مدى عقدين لكبح جماح تجارة المخدرات في أفغانستان، وهو ما يرجع جزئياً، إلى التكلفة السياسية الهائلة لترك المزارعين الأفغان الذين يعتمدون على محاصيل الخشخاش في معيشتهم".

ورأت "وول ستريت جورنال" أن محاولات طالبان لفعل الشيء نفسه اليوم يمكن أن تقوّض الدعم الشعبي للحركة، وتحرم إدارتها الجديدة من مصدر مهم للإيرادات في وقت يتم فيه قطع أفغانستان عن النظام المالي العالمي والمساعدات الخارجية.

أفغان يجمعون زهرة الخشخاش في المنطقة القبلية البشتونية في سمر خيل خارج مدينة جلال آباد، على الحدود الأفغانية الباكستانية. أبريل 2004 - Getty Images
أفغان يجمعون زهرة الخشخاش في المنطقة القبلية البشتونية في سمر خيل خارج مدينة جلال آباد، على الحدود الأفغانية الباكستانية. أبريل 2004 - Getty Images

وفي مقابلة عبر الهاتف مع الصحيفة، قال أحد المزارعين في مزارع الأفيون في قندهار، والذي حضر اجتماعاً مؤخراً بين المزارعين وطالبان: "صحيح أن المزارعين غير سعداء، ولكن ليس لديهم خيار سوى الانصياع في حال تحركت طالبان لفرض حظر على الزراعة".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى الطرق غير الممهدة في أفغانستان، فضلاً عن ضعف البنية التحتية اللازمة للتخزين، وقلة منافذ التصدير، فإن زهرة الخشخاش، التي يبدأ موسم زراعتها في غضون شهر تقريباً، تعد أحد المحاصيل القليلة المتاحة للمزارعين المحليين.

ونقلت الصحيفة عن مزارع في أحد مزارع الخشخاش، في منطقة تشورا في أوروزغان، القول في مقابلة هاتفية: "إذا حظرت طالبان زراعة الخشخاش فإن الناس سيموتون من الجوع، خصوصاً حين تتوقف المساعدات الدولية، وما زلنا نأمل أن يسمحوا لنا بزراعة الخشخاش، فلا شيء يمكن أن يعوضنا عن الدخل الذي نحصل عليه من زراعته".

9 مليارات دولار بلا جدوى

وذكرت الصحيفة أن طالبان حظرت إنتاج الأفيون في البلاد، حين كانت في السلطة قبل الغزو الأميركي للبلاد عام 2001، لكنها اكتفت لاحقاً بالمعاقبة على تعاطي المخدرات، وليس زراعتها أو الاتجار فيها، ومع ذلك، شنت الحركة حملة قمع كبيرة على زراعة الأفيون في عام 2000، حين سعت للحصول على اعتراف  دولي بنظامها.

ونقلت الصحيفة عن الزميلة البارزة في معهد بروكينغز، فاندا فيلهاب براون، القول إن هذا الحظر قد أدى في ذلك الوقت إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 90%، ولكنه كلف الحركة تكلفة سياسية ضخمة.

وقالت "وول ستريت جورنال": "أنفقت الولايات المتحدة، بعد عام 2001، نحو 9 مليارات دولار على مدار 20 عاماً لمحاولة منع أفغانستان من إمداد العالم بالهيروين، ولكن بلا جدوى، وقد تضمنت هذه الجهود، التي قادتها وزارة الخارجية الأميركية وإدارة مكافحة المخدرات، دفع أموال للمزارعين لتدمير نبات الخشخاش، وهي السياسة التي زادت من معدل زراعته من قبل أولئك الذين حاولوا جني الأموال".

ولفتت الصحيفة إلى أنه في العام الماضي، زرع الأفغان الخشخاش على أراض تعادل مساحتها 4 أضعاف المساحة التي كان يتم زراعتها في عام 2002.

ورأت الصحيفة أنه على الرغم من أن فرض طالبان حظراً جديداً على زراعة الأفيون سيشكل خطراً سياسياً على الحركة، إلا أنه يمكن أن يكسبها بعض الثناء من قبل الحكومات الأجنبية، لا سيما في أوروبا وروسيا وإيران، وهي الأسواق الرئيسية للهيروين الأفغاني.

ومضت تقول: "على عكس التسعينيات، حين كان على طالبان مواجهة جماعات تحالف الشمال المسلحة المدعومة من الخارج، والتي احتفظت بالسيطرة على شمال شرق البلاد، فإن الحركة لا تواجه اليوم تحدياً عسكرياً خطيراً لحكمها. ومع ذلك، فهي بحاجة إلى التعامل مع السخط المحتمل الناجم عن الأزمة الاقتصادية في البلاد".

وقالت "وول ستريت جورنال" إنه "مع تجميد الولايات المتحدة لأصول البنك المركزي الأفغاني وتوقف المساعدات الخارجية البالغة مليارات الدولارات للبلاد، فإن سلطات طالبان تواجه ضغوطاً شديدة لدرء الانهيار الاقتصادي"، مشيرة إلى أن بعض أسعار السلع الأساسية مثل زيت الطهي، قد ارتفعت بالفعل، فيما تزداد الواردات في التقلص.

الأفيون الأفغاني في أرقام

  • 37% معدل الارتفاع في إنتاج أفغانستان من الأفيون خلال عام 2020
    (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات)




  • 6300 طن إجمالي إنتاج أفغانستان من الأفيون خلال عام 2020
    (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات)




  • 22 إقليماً إجمالي عدد الأقاليم التي تزرع الأفيون في أفغانستان خلال 2020
    (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات)




  • 71% حجم إنتاج جنوب غرب أفغانستان من الأفيون من إجمالي إنتاج البلاد
    (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات)




  • 28% حجم إنتاج منطقة شرق أفغانستان من الأفيون مقارنة بإجمالي إنتاج البلاد
    (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات)




  • 80% إجمالي نصيب أفغانستان من الإنتاج العالمي للأفيون
    (مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات)




  • 400 مليون دولار إجمالي الربح التقديري لـ"طالبان" من تجارة الأفيون بين 2018 و2019
    (الأمم المتحدة)




  • 9 مليارات دولار إجمالي الإنفاق الأميركي لمكافحة المخدرات في أفغانستان منذ 2001 حتى 2019
    (الكونجرس الأميركي)

لمتابعة التطورات في أفغانستان: