هونج كونج.. إدانة قطب الأعمال المعارض لبكين جيمي لاي في قضية الأمن القومي

الإعلامي المعارض في هونج كونج جيمي لاي. - REUTERS
الإعلامي المعارض في هونج كونج جيمي لاي. - REUTERS
دبي-الشرق

أدانت المحكمة العليا في هونج كونج الاثنين، رجل الأعمال والناشط المؤيد للديمقراطية جيمي لاي بتهمة التآمر مع قوات أجنبية، في أبرز محاكمة تشهدها المدينة بموجب قانون الأمن القومي الذي فرضته الصين، والذي قد يؤدي إلى سجنه مدى الحياة.

واعتقل لاي عام 2020، بعد احتجاجات واسعة، وأغلقت السلطات صحيفته المؤيدة للديمقراطية "آبل ديلي"، التي كانت من أبرز الأصوات المنتقدة لبكين، وفق "أسوشيتد برس".

ولاي، البالغ من العمر 78 عاماً، ناقد صريح للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، واعتُقل في عام 2020 بموجب قانون الأمن القومي، وذلك عقب احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة هزّت هونج كونج.

وشكّل اعتقاله وإغلاق صحيفة آبل ديلي التي أسسها، وهي صحيفة شعبية دعمت حركة الديمقراطية، "ضربة" لحرية التعبير في مدينة كانت تُعدّ معقلاً لحرية الصحافة في آسيا، وفق "أسوشيتد برس".

A prison van believed to be carrying Jimmy Lai, leaves the West Kowloon Magistrates' Courts building after the verdict in the national security collusion trial of Jimmy Lai, founder of the now-defunct pro-democracy newspaper Apple Daily, in Hong Kong, China, December 15, 2025. REUTERS/Lam Yik     TPX IMAGES OF THE DAYحافلة يُعتقد أنها تقل جيمي لاي تغادر مبنى محاكم ويست كولون الابتدائية، هونج كونج، الصين، 15 ديسمبر 2025 - REUTERS

ومنذ ديسمبر 2020، يقبع لاي رهن الاحتجاز، وقد حُكم عليه خلال هذه الفترة بالسجن خمس سنوات وتسعة أشهر في قضية احتيال لا تتعلق بقانون الأمن القومي.

"يضمر كراهية للصين"

وفي محاكمته الحالية، قال الادعاء إنه تآمر مع آخرين للتواطؤ مع قوى أجنبية ونشر مواد تحريضية، معتبراً أنه "خان المصالح الوطنية بوضوح".

واستند الادعاء إلى مقالاته ورسائله النصية ومنشوراته على مواقع التواصل وبرامجه المباشرة. واعترف لاي بأنه دعا سابقاً إلى فرض عقوبات أجنبية على الصين، لكنه قال إنه توقف بعد دخول قانون الأمن القومي الصيني حيّز التنفيذ في هونج كونج، مؤكداً أمام المحكمة أنه كتب دون نية تحريضية.

غير أن المحكمة رفضت هذه الحجج، وذكرت في حكم من 855 صفحة أن حملة لاي ضد جمهورية الصين الشعبية استمرت معظم حياته، وتواصلت "بصورة أقل صراحة" بعد سنّ القانون.

وقالت القاضية إستر توه، أثناء تلاوة الحكم: "لا شك أن (لاي) كان يحمل استياءً وكراهية لجمهورية الصين الشعبية طوال سنوات عديدة من حياته البالغة".

Teresa Lai, wife of former media mogul Jimmy Lai, center left, their son Lai Shun Yan, center right, and Joseph Zen, cardinal of the Holy Roman Church, left, arrive at the West Kowloon Court to hear the verdict in Lai�s national security trial in Hong Kong, China, on Monday, Dec. 15, 2025. Lai faces a verdict on Monday in a landmark national security trial, a decision that will help define the limits of free speech in the Chinese territory and potentially strain relations with the US and UK. Photographer: Billy H.C. Kwok/ Bloomberg
تيريزا لاي، زوجة قطب الإعلام السابق جيمي لاي، ونجلهما لاي شون يان أمام محكمة ويست كولون، هونج كونج، الصين، 15 ديسمبر 2025 - Bloomberg

من الصين إلى هونج كونج

ووُلد لاي في البرّ الرئيسي الصيني، وكان في الثانية عشرة من عمره عندما وصل إلى هونج كونج متسللاً على متن قارب صيد، أملاً في حياة أفضل في المستعمرة البريطانية آنذاك. وبدأ العمل طفلاً في مصنع قفازات، حيث تعرّف إلى صناعة الملابس، وأسس لاحقاً سلسلة الملابس الشهيرة جيوردانو عام 1981.

وشكل قمع الاحتجاجات الطلابية المطالِبة بالديمقراطية في ميدان تيانانمن عم 1989، بداية اهتمامه بالإعلام.

وأسس مجلة نيكست عام 1990، وبعد خمس سنوات أطلق صحيفة آبل ديلي. وجذبت الصحيفة جمهوراً واسعاً بتقاريرها المثيرة أحياناً، وتحقيقاتها الاستقصائية، ومقاطع الفيديو القصيرة المتحركة. وبسبب انتقادها العلني لحكومتي هونج كونج والصين، لاقت رواجاً كبيراً لدى القرّاء المؤيدين للديمقراطية.

وفي عام 1994، وجّه لاي إهانة لرئيس الوزراء الصيني آنذاك لي بينج، واصفاً إياه بعبارة مسيئة في الثقافة الصينية، بعد أن برر قمع تيانانمن. وعلى إثر ذلك، مارست الصين ضغوطاً على علامة جيوردانو، ما اضطر لاي إلى بيع حصته في الشركة.

ناشط صريح مؤيد للديمقراطية

وقال صديقه القديم والناشط لي وينج-تات إن لاي كان مؤمناً إيماناً راسخاً بالديمقراطية والحرية، وبمبدأ "حكومة صغيرة وسوق كبير" الذي يدعو إلى الحد الأدنى من تدخل الدولة والتجارة الحرة.

وأضاف أن هذا التوجه تشكّل بفعل طفولته في الصين، حيث عانت عائلته تحت حكم الحزب الشيوعي، وبفعل رحلته من الفقر إلى الثراء في هونج كونج.

ونظم لاي في تسعينيات القرن الماضي لقاءات غير رسمية لنواب ديمقراطيين وأكاديميين لمناقشة السياسات، على أمل التأثير في صناع القرار، بحسب لي.

كما شارك في التظاهرات، بما فيها احتجاجات عام 2014 المعروفة بـ"حركة المظلات"، وقدّم تبرعات لأحزاب مؤيدة للديمقراطية، وكانت صحيفته تحث القرّاء مراراً على المشاركة في الاحتجاجات.

وكان لاي من بين المتظاهرين في احتجاجات 2019 المناهضة للحكومة، والتي لم يكن لها قيادة مركزية. كما التقى آنذاك نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو لبحث التطورات المرتبطة بمشروع قانون، سُحب لاحقاً، أشعل الاضطرابات، ما أثار غضب بكين.

احتجاجات 2020

في عام 2020، ومع اقتراب فرض قانون الأمن القومي الصيني على هونج كونج، أطلقت آبل ديلي حملة تشجع القرّاء على مطالبة الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب بـ"إنقاذ هونج كونج".

وخلال المحاكمة، قال مسؤولون تنفيذيون في الصحيفة إن لاي كان يؤثر في التغطية التحريرية، واتهمه الادعاء بأنه طلب من الموظفين عدم استهداف ترمب بالنقد، فيما شهد لاي لاحقاً بأنه كان يأمل أن يتمكن الرئيس الأميركي من وقف قانون الأمن القومي.

وبعد دخول القانون حيّز التنفيذ في يونيو 2020، قال لاي لوكالة "أسوشيتد برس": "هونج كونج ماتت".

وبعد أكثر من شهر، اعتُقل لاي بموجب القانون خلال مداهمة الشرطة لمبنى الصحيفة، في عملية أحدثت صدمة في الوسط الإعلامي المحلي. وفي عام 2021، أدت اعتقالات كبار التنفيذيين وتجميد بعض الأصول إلى توقف الصحيفة عن الصدور.

تصنيفات

قصص قد تهمك