"البديل من أجل ألمانيا": اعتراف مباشر بعملنا.. و"التجمع الوطني": لا نقبل الوصاية

دعم ترمب يشق صفوف اليمين المتطرف في أوروبا.. ترحيب ألماني وحذر فرنسي

متظاهرون يحملون علماً يعبر عن دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب والعلم الألماني في احتجاج يميني بمنطقة فريدريشهاين في برلين بألمانيا. 22 مارس 2025 - REUTERS
متظاهرون يحملون علماً يعبر عن دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب والعلم الألماني في احتجاج يميني بمنطقة فريدريشهاين في برلين بألمانيا. 22 مارس 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

كشف الدعم العلني الذي يقدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتيارات اليمين القومي في أوروبا عن انقسام واضح بين أكبر أحزاب اليمين المتطرف في القارة، لا سيما في ألمانيا وفرنسا، بحسب "بوليتيكو".

وأوضحت الصحيفة أن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف، رحّب بالدعم المعنوي الذي يقدمه ترمب، معتبراً إياه فرصة لاكتساب شرعية داخلية وإنهاء العزلة السياسية المفروضة عليه، في حين اختار "التجمع الوطني" في فرنسا النأي بنفسه، إذ يرى أن الارتباط المباشر بالإدارة الأميركية قد يتحول إلى "عبء سياسي".

وأضاف التقرير أن الحزبين، اللذين يتصدران استطلاعات الرأي في أكبر اقتصادين داخل الاتحاد الأوروبي، لطالما اختلفا، خصوصاً بسبب بعض التصريحات الصادرة عن الحزب الألماني المتعلقة بالحرب العالمية الثانية. غير أن تباين مواقفهما من ترمب يعود، بحسب الصحيفة، إلى حسابات سياسية داخلية أكثر منه إلى اختلافات أيديولوجية.

احتفاء بهجمات ترمب على قادة الوسط

وذكرت "بوليتيكو" أن قادة "البديل من أجل ألمانيا" احتفوا بالهجمات الأخيرة التي شنتها إدارة ترمب على قادة التيار الوسطي الأوروبي، وكذلك بإشادة واشنطن بما وصفته بـ"الأحزاب الأوروبية الوطنية" التي تسعى إلى مواجهة ما تسميه "طمس الهوية الحضارية" لأوروبا.

وأشارت الصحيفة إلى أن التيارات الوسطية في أوروبا تبدي قلقاً خاصاً من الهدف الأميركي الجديد المتمثل في "تنمية المقاومة" من أجل تعزيز المد القومي.

ونقلت عن عضو البرلمان الأوروبي عن "البديل من أجل ألمانيا"، بيتر بيسترون، قوله: "هذا اعتراف مباشر بعملنا"، وذلك عقب صدور استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترمب، التي أوضحت الصحيفة أنها بدت في بعض أجزائها وكأنها بيان سياسي لحزب أوروبي من اليمين المتطرف، إذ تحذر من أن أوروبا قد تصبح "غير قابلة للتعرّف عليها" خلال عقدين بسبب الهجرة وفقدان الهويات الوطنية. 

وأضاف بيسترون: "لطالما ناضل حزب البديل من أجل ألمانيا من أجل السيادة، وإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، والسلام، وهي بالضبط الأولويات التي يطبقها ترمب الآن".

وأوضحت الصحيفة أن بيسترون سيكون ضمن وفد من قيادات الحزب يتوجه هذا الأسبوع إلى واشنطن للقاء جمهوريين من أنصار حركة MAGA (اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى). 

كما رحبت أليس فايدل، إحدى القيادات الوطنية في الحزب، باستراتيجية ترمب الأمنية، قائلة في منشور عقب صدور الوثيقة: "لهذا السبب نحتاج إلى البديل من أجل ألمانيا!". 

الحذر الفرنسي من ترمب

في المقابل، ذكرت الصحيفة أن "التجمع الوطني" الفرنسي يتعامل بحذر شديد مع أي تقارب مع ترمب، الذي يحظى بشعبية متدنية للغاية داخل فرنسا.

وأشار التقرير إلى أن رئيس الحزب جوردان بارديلا أجرى، هذا الأسبوع، مقابلات مع وسائل إعلام بريطانية، أعرب خلالها عن اتفاقه العام مع برنامج ترمب المناهض للهجرة، لكنه رفض أي دور للرئيس الأميركي في توجيه السياسة الفرنسية.

وقال بارديلا في مقابلة مع صحيفة "ذا تليجراف": "أنا فرنسي، ولذلك لا أقبل بالوصاية، ولا أحتاج إلى أخ أكبر مثل ترمب ليقرر مصير بلدي". 

من جانبه، أوضح تييري مارياني، عضو المكتب الوطني للحزب، أن "ترمب لا يبدو حليفاً مثالياً"، وقال: "ترمب يعاملنا كمستعمرة، خطابه قد لا يمثل المشكلة الكبرى، لكن تأثيره الاقتصادي والسياسي يثير القلق". 

وأضاف مارياني أن قيادات الحزب ترى "مخاطر في هذا السلوك الصادر عن شخص لم يعد لديه ما يخشاه، لأنه لا يستطيع الترشح مجدداً، وهو دائماً مفرط وأحياناً مثير للسخرية". 

الحلم الأميركي لـ"البديل من أجل ألمانيا"

وذكرت الصحيفة أن وجود بيسترون ضمن وفد من قيادات "البديل من أجل ألمانيا" للقاء شخصيات مقربة من ترمب في واشنطن هذا الأسبوع "ليس مصادفة".

فبحسب التقرير، يسعى عدد متزايد من قيادات الحزب الألماني إلى بناء علاقات مع إدارة ترمب، في محاولة لكسب دعم لما يصفونه بأنه معركة ضد الاضطهاد السياسي والرقابة داخل ألمانيا.

وأضافت "بوليتيكو" أن هذا الخطاب يلقى تعاطفاً واضحاً داخل إدارة ترمب. فعندما أعلنت وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية تصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا" كتيار متطرف في وقت سابق من هذا العام، وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هذه الخطوة بأنها "استبداد مقنَّع".

وخلال مؤتمر ميونيخ للأمن، دعا نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس السياسيين الوسطيين في أوروبا إلى إسقاط "الجدران العازلة" التي تمنع أحزاب اليمين المتطرف من المشاركة في الحكم. 

وبناءً على ذلك، ترى قيادات "البديل من أجل ألمانيا" أن دعم ترمب قد يمنح الحزب درجة من القبول السياسي، ما يساعده على جذب عدد أكبر من الناخبين، ويجعل من الصعب سياسياً على المحافظين بقيادة المستشار الألماني فريدريش ميرتس رفض تشكيل حكومة ائتلافية معه. 

وأوضحت الصحيفة أن هذا يفسر سعي قيادات "البديل من أجل ألمانيا" هذا الأسبوع في الولايات المتحدة إلى اكتساب شرعية سياسية. فمن المقرر مساء الجمعة أن يكون ماركوس فرونماير، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، "ضيف شرف" في حفل يقيمه نادي الجمهوريين الشباب في نيويورك، وهو نادٍ دعا إلى "نظام مدني جديد" في ألمانيا. 

التجمع الوطني: لا مكاسب تُذكر

وذكرت "بوليتيكو" أن حزب "التجمع الوطني" الفرنسي بزعامة مارين لوبان حرص على أن ينأى بنفسه عن "البديل من أجل ألمانيا" وترمب، ضمن استراتيجية أوسع لتقديم نفسه بصورة أكثر قبولًا لدى الناخبين الوسطيين، استعداداً للانتخابات الرئاسية المقررة في 2027، والتي يعتقد الحزب أن فرصه جيدة للفوز فيها.

وفي إطار جهود تحسين صورة الحزب الفرنسي، دفعت لوبان العام الماضي نحو طرد "البديل من أجل ألمانيا" من كتلة "الهوية والديمقراطية" في البرلمان الأوروبي، عقب سلسلة من الفضائح التي جعلت الحزب الألماني "شبه منبوذ"، بحسب "بوليتيكو". 

وفي الوقت نفسه، خلص قادة "التجمع الوطني" إلى أن ترمب لا يستطيع مساعدتهم داخلياً، نظراً لكونه غير محبوب على نطاق واسع في فرنسا، حتى بين أنصار الحزب أنفسهم. 

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة Odoxa عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 أن 56% من ناخبي "التجمع الوطني" يحملون نظرة سلبية تجاه ترمب، فيما وصف 85% من ناخبي مختلف الأحزاب ترمب بأنه "عدواني"، و78% بأنه "عنصري". 

ومن جهته، أشار جان-إيف كامو، أستاذ العلوم السياسية وأحد أبرز الخبراء في شؤون اليمين المتطرف الفرنسي والدولي، إلى الفجوات الأيديولوجية التي تفصل بين لوبان وترمب، ولا سيما دعمها لدولة الرفاه وشبكات الأمان الاجتماعي، فضلًا عن اهتمامها المحدود بالمحافظة الاجتماعية والدين. 

وقال كامو: "الترمبية ظاهرة أميركية بحتة لا يمكن نقلها إلى فرنسا. لوبان، التي تعمل على تطبيع صورتها، لا مصلحة لها في الارتباط بترمب. وبما أنها تُتهم في كثير من الأحيان بخدمة قوى أجنبية، ولا سيما روسيا، فلا شيء يمكن أن تكسبه من وسمها بأنها (وكيلة ترمب في فرنسا)". 

تصنيفات

قصص قد تهمك