اتهامات لروسيا والصين.. بريطانيا تحقق في مدى التدخل الأجنبي بسياستها الداخلية

ناثان جيل عضو البرلمان الأوروبي السابق مع الصحافيين خارج مستشفى هوتبيير في ستراسبورج. 7 أكتوبر 2016 - REUTERS
ناثان جيل عضو البرلمان الأوروبي السابق مع الصحافيين خارج مستشفى هوتبيير في ستراسبورج. 7 أكتوبر 2016 - REUTERS
دبي-الشرق

أعلنت الحكومة البريطانية عن مراجعة مستقلة لتقييم تأثير "النفوذ والتدخل المالي الأجنبي" في السياسة الداخلية، ولا سيما من جانب روسيا ودول تعدها "معادية"، وذلك عقب سجن ناثان جيل، أحد كبار المسؤولين السابقين في حزب Reform UK (الإصلاح)، بعد إدانته بتلقي رشى ممن وصفته بأنه "عميل موال للكرملين".

وفي ظل تصاعد القلق داخل الأجهزة الأمنية والبرلمان بشأن حجم التهديد الأجنبي للديمقراطية البريطانية، ستركز المراجعة على مدى فاعلية قوانين تمويل العمل السياسي في المملكة المتحدة، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

وسيُنظر في ما إذا كانت الأطر التنظيمية الحالية قادرة على رصد النفوذ الأجنبي، وما إذا كانت الضمانات القائمة ضد تدفقات التمويل غير المشروع، بما في ذلك العملات المشفرة، كافية وفعالة.

كما ستبحث المراجعة القواعد التي تحكم جميع الأحزاب السياسية، إضافة إلى صلاحيات هيئة الانتخابات الحالية في إنفاذ القانون.

حالة فردية معزولة

ويأتي التركيز على تهديد التدخل السياسي في بريطانيا عقب قضيتي جيل، النائب السابق في البرلمان الأوروبي، الذي حُكم عليه بالسجن 10 سنوات لتلقيه رشى لصالح الدولة الروسية، وكريستين لي، المحامية المقيمة في المملكة المتحدة، التي قالت لندن إنها تعمل لصالح الحزب الشيوعي الصيني سراً.

وبعد صدور الحكم بحق جيل الشهر الماضي، قال زعيم حزب Reform UK، نايجل فاراج، إن التحقيق في النفوذ الروسي والصيني على السياسة البريطانية سيكون موضع ترحيب، ما خلق توقعات بأن يكون مستعد للتعاون.

ووصف فاراج، جيل الذي سبق أن تولى قيادة الحزب في ويلز، بأنه "حالة فردية معزولة"، مؤكداً أن تصرفاته لا تمثل الحزب، ومندداً بسلوكه وواصفاً إياه بأنه "مشين وغادر ولا يغتفر"، مضيفاً أنه يشعر بالارتياح لأن العدالة أخذت مجراها.

وفي إعلان المراجعة، قال وزير شؤون المجتمعات ستيف ريد أمام النواب: "الحقائق واضحة.. سياسي بريطاني تلقى رشى لتعزيز مصالح موسكو".

وأضاف: "هذا السلوك وصمة عار في ديمقراطيتنا.. وستسهم هذه المراجعة المستقلة في عمل هذه الحكومة لإزالة تلك الوصمة".

وسيقود التحقيق فيليب ريكروفت، السكرتير الدائم السابق لوزارة الخروج من الاتحاد الأوروبي التي جرى إغلاقها، على أن يختتم عمله بحلول نهاية مارس 2026. وستُستخدم نتائجه لاحقاً في صياغة مشروع قانون الانتخابات المقرر طرحه العام المقبل.

ثغرات تمويل الحملات الانتخابية

وستتناول المراجعة المشهد السياسي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وليس تأثير التضليل الروسي في استفتاء عام 2016، وهو ما سيخيب آمال بعض من طالبوا بإجراء تحقيق جديد في تلك الفترة.

وسلط ريد الضوء على استراتيجية الحكومة للانتخابات، التي نُشرت في يوليو، والتي ستغلق ثغرات تمويل الحملات الانتخابية، وتعزز القواعد القائمة للتبرعات، وتشدد الخناق على الشركات الوهمية. لكنه أضاف أن ملاحقة جيل قضائياً أظهرت "أننا بحاجة إلى التفكير في ما إذا كان جدار الحماية لدينا كافياً".

وقال للنواب: "من الصواب أن نتراجع خطوة إلى الوراء الآن لننظر في كيفية حماية ديمقراطيتنا من مثل هذه الجرائم المروّعة.. يجب أن نتعلم الدروس حتى لا يتكرر هذا مرة أخرى".

خطة عمل لمواجهة التجسس

وبشكل منفصل، رفض فاراج دعوات لإجراء تحقيق داخلي لاستئصال أي صلات محتملة بين حزب Reform UK وروسيا. وقال كير ستارمر إن على فاراج، الذي يتقدم حزبه بفارق كبير في استطلاعات الرأي، أن يجيب عن أسئلة بشأن كيفية حدوث ذلك.

من جانبه، قال وزير الأمن دان جارفيس: "ستسهم هذه المراجعة في حمايتها من أي محاولات سرية للتدخل في شؤوننا السيادية.. كما ستُقيّم بدقة الضمانات المالية الحالية، وتضمن توافر جميع الأدوات اللازمة لصد التهديدات وردعها. إن حماية الأمن القومي تظل واجبنا الأول، ولن نتسامح مع أي شخص يساوم على المصلحة الوطنية لتحقيق مكاسب شخصية".

وكان جارفس أعلن، الشهر الماضي، خطة عمل لمواجهة التدخل السياسي والتجسس، تهدف إلى تعطيل أنشطة التجسس وردعها من دول مثل الصين وروسيا.

وبموجب الخطة، ستقدّم أجهزة الاستخبارات إحاطات أمنية للأحزاب السياسية، وتصدر إرشادات للمرشحين في الانتخابات حول الأنشطة المشبوهة. كما ستعمل مع مواقع التواصل المهني، مثل "لينكدإن"، لجعلها بيئة أكثر عداءً لعمل الجواسيس.

وفي الصيف الماضي، فشلت محاولة قام بها 3 نواب سابقين في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لإجبار الحكومة على إجراء تحقيق في مزاعم التدخل الروسي في استفتاء "بريكست".

وأشارت المحكمة إلى أنه جرى بالفعل إجراء تحقيقين في المملكة المتحدة، من بينهما تقرير روسيا الصادر عن لجنة الاستخبارات والأمن في عام 2020، إضافة إلى سلسلة من التشريعات، بما في ذلك قانون الأمن القومي لعام 2023، رداً على هذه القضية.

تصنيفات

قصص قد تهمك