شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أهمية الاستفادة العادلة والمنصفة للموارد المائية المشتركة في إفريقيا، مؤكداً على أن مصر "لا تواجه أي إشكالية" مع إثيوبيا، وأن مطلبها الوحيد هو عدم المساس بحقوقها في مياه النيل، والتوصل إلى "اتفاق قانوني وملزم بشأن السد الإثيوبي".
وأضاف السيسي أن "سياسة مصر ثابتة وتقوم على عدم التدخل في شؤون الدول وعدم زعزعة استقرارها"، وأشار إلى أن مصر، "رغم خلافها مع إثيوبيا، لم توجه أبداً أي تهديد لها، إيماناً منها بأن الخلافات تُحل عبر الحوار والحلول السياسية"، وفق بيان صادر عن الرئاسة المصرية.
ويمثل السد الإثيوبي تحدياً جيوسياسياً معقداً، فمنذ بدء المشروع في عام 2011، أعربت مصر والسودان عن مخاوف كبيرة بشأن أمنهما المائي.
وتتمسَّك القاهرة بـ"الحق التاريخي" لها في مياه النيل، والذي تضمنه سلسلة اتفاقات مبرمة منذ عام 1929، حيث حصلت مصر حينها على حق النقض "الفيتو" ضد بناء أي مشاريع على النهر. وفي عام 1959، حصلت مصر بموجب اتفاق مع الخرطوم حول توزيع مياه النيل، على حصة بنسبة 66% من كمية التدفق السنوي للنيل، مقابل 22% للسودان.
5 محاور للتنمية الإفريقية
وجاءت تصريحات السيسي، خلال استقباله لرؤساء الوفود الإفريقية، وممثلي مفوضية الاتحاد الإفريقي والتجمعات الإقليمية، المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة "روسيا – إفريقيا"، الذي تستضيفه مصر.
وقال السيسي إن الرؤية المصرية للتنمية في إفريقيا ترتكز على 5 محاور، وهي دعم تنفيذ الممرات الاستراتيجية والمناطق اللوجستية، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة والربط الكهربائي، ودعم التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز التجارة البينية الإفريقية، وتعزيز التعاون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
وقال السيسي إنه "في سبيل تحقيق رؤيتنا للتنمية في إفريقيا، تحرص مصر على توظيف مختلف أدوات التعاون المتاحة، بما في ذلك تشجيع الشركات المصرية على توسيع استثماراتها وشراكاتها في الدول الإفريقية، كما أطلقت مصر وكالة لضمان الصادرات والاستثمارات في إفريقيا دعماً لهذا المسار، وبناءً على ذلك؛ بلغ إجمالي الاستثمارات المصرية في إفريقيا ما يتجاوز 12 مليار دولار، وتجاوز إجمالي معدلات التبادل التجاري مع القارة الإفريقية 10 مليار دولار".
وأشار إلى أن مصر "تواصل دعمها لبرامج بناء القدرات والتنمية البشرية في إفريقيا، من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي نفذت أكثر من 700 برنامج تدريبي في المجالات المختلفة، ووفقاً لأولويات الدول الإفريقية الشقيقة".
الموارد المائية
وشدد السيسي على أن مصر "تؤمن بأهمية العمل المشترك لتحقيق الاستفادة العادلة والمنصفة من الموارد المشتركة العابرة للحدود، بما في ذلك الموارد المائية المشتركة".
وتابع: "لا مجال لأي إجراءات أحادية، من شأنها الإضرار بحقوق الدول المتشاطئة في الأنهار العابرة للحدود، أو تقويض فرص التعاون وتحقيق المنفعة المشتركة".
وقال إنه "وبحكم انتماء مصر - بالجغرافيا والتاريخ – إلى منطقة حوض النيل، فقد حرصت مصر عبر عقود على التعاون مع دول الحوض الشقيقة لتحقيق الاستفادة العادلة والمنصفة من الموارد المائية وفقاً لقواعد القانون الدولي، سواء من خلال التعاون في إنشاء السدود أو تنفيذ مشروعات للتنمية المشتركة".
وأشار إلى أنها "دعمت مؤخراً عدداً من المشروعات، في إطار مبادرة حوض النيل، وأطلقت آلية تمويلية لدعم المشروعات المائية ومشروعات البنية التحتية في دول حوض النيل الجنوبي انطلاقاً من إيماننا بالحق المشترك لكافة شعوب دول الحوض في التنمية مع عدم إحداث ضرر لدول المصب.
أمن الملاحة في البحر الأحمر
وقال الرئيس المصري إنه "على ضوء الارتباط الوثيق بين مصر ومنطقة القرن الإفريقي، تشدد مصر على أهمية تحقيق واستدامة الاستقرار في تلك المنطقة، وضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، باعتبارهما عنصرين أساسيين للأمن الإقليمي والدولي".
وأشار إلى أن مصر تعتزم المشاركة في بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة في الصومال (أوصوم)، وتبذل جهوداً مضنية في سبيل توفير التمويل اللازم للبعثة".
وقال إنه "استناداً إلى تجربتها في مكافحة الإرهاب، تحرص مصر على تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة لمواجهة هذه الظاهرة الخبيثة، من خلال مقاربة شاملة؛ تراعي الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية والاجتماعية، بما في ذلك من خلال دور الأزهر الشريف، وبرامج مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام".
وأضاف أن مصر "تؤكد التزامها بدعم عمل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، خاصة التي تستضيفها، بما في ذلك من خلال دعم دخول هذه المؤسسات في شراكات لتنفيذ برامج ومشروعات فعالة تلبي تطلعات شعوب بلادنا".
وتابع: "مصر ستبذل كل جهد ممكن، في إطار ريادتها لملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، ورئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات النيباد، لدعم جهود التنمية وحشد التمويل للمشروعات القارية الطموحة، فضلاً عن تنفيذ مشروعات وبرامج إعادة الإعمار في المناطق الخارجة من النزاعات".
وقال إن بلاده "ستواصل الدفاع عن المواقف والرؤى الإفريقية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، ولا سيما إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفقاً لتوافق أوزولويني وإعلان سرت، فضلاً عن العمل على إصلاح هياكل التمويل الدولية، وتحقيق تمثيل أكثر عدالة للقارة في مؤسسات الحوكمة العالمية".
وشدد الرئيس المصري على ضرورة بذل كل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار، محذراً من أن غياب ذلك يزيد من مخاطر الائتمان.
وأكد أن استقرار أي دولة إفريقية "يجب ألا يكون على حساب مصالح دولة أخرى". وأضاف أن مصر، خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي عام 2019، طالبت بضرورة توفير بنية أساسية مناسبة للدول الإفريقية، خاصة خلال لقاءاته مع قادة الدول الأوروبية والغربية بالمحافل الدولية والإقليمية المختلفة".









