قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن الولايات المتحدة تواجه تحديات تتعلق بكيفية مواصلة الضغط على حركة طالبان من خلال العقوبات، ومنعها من الوصول إلى التدفقات المالية، وتفادي نشوب أزمة إنسانية يتضرر منها ملايين الأفغان.
وأفادت الصحيفة الأميركية في تقرير الجمعة، بأن مصير مليارات الدولارات من الاحتياطيات الدولية والمساعدات الخارجية لأفغانستان يُمثل تحدياً خاصاً، بينما يتعامل العالم مع الشكل الذي ستبدو عليه البلاد في ظل حكم طالبان.
وأشارت إلى أن الوضع ينطوي على أخطار كبيرة بشكل استثنائي، إذ يواجه ملايين الأفغان الأضرار الجانبية لعقوبات خانقة على طالبان، ما يهدد بانهيار الاقتصاد الذي قضت الولايات المتحدة عقدين في محاولة دعمه.
ولفتت إلى أنه بينما تلوح أزمة إنسانية بأفغانستان في الأفق، تدرس إدارة الرئيس جو بايدن سبل تعديل شبكة العقوبات بحيث تستمر المساعدات في الوصول إلى الشعب الأفغاني.
ويتمثل التحدي في كيفية السماح باستمرار تدفق أموال المانحين دون زيادة إثراء طالبان، التي تعتبرها الولايات المتحدة "منظمة إرهابية".
"عالم جديد"
ويقول خبراء إن مثل هذا الوضع الذي تستولي فيه جماعة تعتبر "إرهابية" على دولة بأكملها، لم يسبق له مثيل، ويشكل اختباراً معقداً لبرنامج عقوبات الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن آدم سميث، مسؤول العقوبات البارز بوزارة الخزانة بإدارة الرئيس السابق باراك أوباما قوله: "إنه عالم جديد.. لا يمكنني التفكير في أي حالة أصبحت فيها جماعة تم تصنيفها بالفعل إرهابية، السلطة المسؤولة عن دولة كاملة".
واعتبر أنه يتعين على وزارة الخزانة أن تقرر قريباً ما هي الاستثناءات أو التراخيص التي ستمنحها لأنواع معينة من المعاملات. كما يجب أن تحدد ما إذا كانت أفغانستان بأكملها، أو قيادة طالبان فقط، ستظل تحت العقوبات حتى يعرف العالم كيفية التعامل مع الحكومة.
وأضاف سميث: "نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لتشجيع وصول السلع والخدمات في أفغانستان، وإلا فسيتضرر 30 مليون أفغاني من الآثار الجانبية للعقوبات، وستكون هذه كارثة".
ومع وصول طالبان إلى السلطة الشهر الماضي، تحركت الولايات المتحدة بسرعة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من النفوذ. ومنعت وصول الحركة إلى 9.5 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية الدولية وضغطت على صندوق النقد الدولي لتعليق توزيع أكثر من 400 مليون دولار من احتياطيات العملة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بوزارة الخزانة، لم تكشف هويته، قوله إن "الولايات المتحدة لم تخفف ضغوط العقوبات على قادة طالبان، أو القيود الكبيرة على وصولها إلى النظام المالي الدولي.. لا تزال الحركة المسلحة تصنف على أنها جماعة إرهابية عالمية، كما أنها تخضع لعقوبات الأمم المتحدة".
"بعض المرونة"
لكن ثمة رغبة في إظهار "بعض المرونة"، بحسب "نيويورك تايمز". ففي الأسبوع الماضي، أشارت وزارة الخزانة إلى أن منظمات إنسانية تتخذ خطوات للسماح بمواصلة أعمال الإغاثة التي تفيد الشعب الأفغاني.
وفي 25 أغسطس، أصدرت الوزارة ترخيصاً محدداً، على غرار ما أصدرته في أماكن مثل سوريا وفنزويلا، للسماح بإيصال الطعام والمأوى والأدوية والخدمات الطبية إلى أفغانستان.
كما توجد مؤشرات على استئناف التدفقات المالية إلى البلاد، والتي توقفت خلال الأسبوعين الماضيين، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في القطاع المصرفي، أن المؤسسات المالية في الولايات المتحدة كانت تنتظر من إدارة بايدن توضيح ما إذا كانت ممتلكات أفغانستان تعتبر ملكاً لطالبان، إذ تشعر البنوك بالقلق من انتهاك العقوبات الأميركية إذا قامت بتسهيل المعاملات مع البلاد.
وأعلنت شركة "ويسترن يونيون"، الخميس، أنها ستستأنف خدمات تحويل الأموال إلى أفغانستان حتى يتمكن عملاؤها من إرسال الأموال إلى ذويهم وأنها ستتنازل عن رسوم تحويل الأموال إلى البلاد لمدة أسبوعين.
وقالت متحدثة باسم الشركة، إنها اتخذت القرار بعد أن أشارت حكومة الولايات المتحدة، إلى أن التحويلات المالية إلى أفغانستان "مسموح بها".
وأكد مسؤول بوزارة الخزانة، أن الوزارة قد اتصلت بالمؤسسات المالية لإبلاغها بالسماح بالتحويلات الشخصية.
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن وزارة الخزانة لديها خبرة في محاولة السماح بوصول المساعدة إلى الأشخاص الذين تحكمهم حكومات معادية، وأصدرت عدة تراخيص بوصول المساعدات الإنسانية إلى مثل هذه الأماكن. ففي يونيو الماضي، أصدرت الوزارة تراخيص تسمح بشحن إمدادات مكافحة فيروس كورونا إلى إيران وسوريا وفنزويلا.
تحديات خاصة
"نيويورك تايمز" توقعت أن تشكل حركة طالبان المُصنفة "إرهابية"، تحديات خاصة، بالنظر إلى أن إبقاء أموال المساعدات بعيداً عن أيدي الحركة لن يكون سهلاً، لا سيما مع سيطرتها على البلاد.
وأوضحت أن "الحركة تشتهر بسلب ثروات الأفغان من خلال ضرائب باهظة، وسيكون تدفق المواد الغذائية أو الأدوية من الخارج فرصة للاستيلاء عليها، وبيعها لجمع الأموال".
ورجحت الصحيفة أن العقوبات الصارمة ربما تجبر طالبان على الاعتماد بشكل أكبر على التمويل غير المشروع وتجارة المخدرات، على الرغم من تنصل الحركة علنياً من مثل هذه الممارسات.
وفيما يتعلق بمستقبل السياسة الأميركية في المنطقة، رجحت الصحيفة أن واشنطن وطالبان ستقضيان سنوات في "شد وجذب" بين التعاون والصراع، إذ ستحتاج الولايات المتحدة إلى تعاون الحركة على سبيل المثال في عدة مسائل مثل مكافحة عدو مشترك، وهو تنظيم "داعش خراسان".
ومن جانب آخر، ستظل واشنطن تنظر فيما إذا كان ينبغي عليها الإفراج عن 9.4 مليار دولار من احتياطيات الحكومة الأفغانية من العملات المجمدة في البلاد.
اقرأ أيضاً: