مخاوف من سباق تسلح نووي عالمي بعد صفقة الغواصات الأسترالية

عناصر من البحرية الأسترالية على متن غواصة من فئة "كولينز" في ميناء سيدني بعد الاتفاق مع فرنسا على بناء الجيل التالي منها - 2 نوفمبر 2016 - AFP
عناصر من البحرية الأسترالية على متن غواصة من فئة "كولينز" في ميناء سيدني بعد الاتفاق مع فرنسا على بناء الجيل التالي منها - 2 نوفمبر 2016 - AFP
واشنطن -أ ف ب

تطرح صفقة شراء أستراليا غواصات تعمل بالدفع النووي من الولايات المتحدة، أسئلة كثيرة بشأن مخاطر انتشار السلاح النووي في العالم، وهي الصفقة التي أدت لأزمة دبلوماسية بين فرنسا من جهة، وكل من الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا على الجانب الآخر.

كانت أستراليا وقعت عقداً مع فرنسا، لشراء غواصات ذات دفع "تقليدي"، تطفو كل بضعة أيام لشحن بطارياتها، أما الغواصات النووية الأميركية، فهي مجهزة بنظام دفع نووي، يتيح لها شحن بطارياتها بشكل متواصل، وبالتالي بإمكانها البقاء تحت الماء، إلى حين نفاد إمدادات طواقمها، وهي مهلة نادراً ما تتعدى ثلاثة أشهر.

تمتلك باريس التكنولوجيا النووية، التي تجهز حاملة الطائرات شارل ديجول وجميع الغواصات الفرنسية، غير أن فرنسا تستخدم اليورانيوم ضعيف التخصيب، بنسبة تقل عن 20%، وهو المستوى المستخدم في المحطات النووية لإنتاج الكهرباء. وهذا اليورانيوم يتطلب تجديده كل 10 سنوات، وفق عملية دقيقة وخطيرة، غير أنه من المستحيل تحويله لأهداف عسكرية.

صورة تعبيرية عن الغواصة التي صنعتها مجموعة
صورة تعبيرية للغواصة التي صنعتها مجموعة "نافال جروب" الفرنسية للبحرية الملكية الأسترالية - 22 أبريل 2016 - REUTERS

 وتستخدم الغواصات الأميركية اليورانيوم عالي التخصيب بأكثر من 93%، وتصل مدة حياته إلى ثلاثين عاماً، غير أن مستوى تخصيبه يسمح باستخدامه لصنع قنبلة نووية.

آلان كوبرمان من جامعة تكساس، أوضح في مقال كتبه قبيل الإعلان عن التحالف الأمني الاستراتيجي الأميركي البريطاني الأسترالي "أوكوس"، أن "مفاعلات البحرية الأميركية تستخدم حالياً كمية من اليورانيوم عالي التخصيب توازي 100 قنبلة نووية، أكثر من كل المحطات النووية في العالم بأسره معاً".

وأوصى الخبير في انتشار الأسلحة النووية في مجلة "بريكنج ديفنس" المتخصصة، بأن يخصص الكونجرس، الذي يناقش حالياً الميزانية العسكرية للعام المقبل، أموالاً لانتقال البحرية الأميركية إلى استخدام اليورانيوم ضعيف التخصيب، باعتباره أكثر أماناً.

"فراغ قانوني" 

واعتبر جيمس أكتون من معهد كارنيجي للدراسات السياسية، أن شراء أستراليا غواصات نووية يطرح "مخاطر كبرى بانتشار الأسلحة النووية، ولا سيما في ظل فراغ قانوني في القانون الدولي".

وأوضح أنه بما أن "معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لا تحظر على الدول التي لا تملك السلاح النووي شراء غواصات نووية، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تسمح لها بسحب الوقود النووي من أي مراقبة لاستخدامه في أنشطة عسكرية غير محظورة".

وتابع، "لا أخشى أن تمتلك أستراليا أسلحة نووية. ما يقلقني هو أن تستخدم دول أخرى هذه السابقة لاستغلال فراغ قانوني، قد يكون خطيراً في ظل النظام العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية".

وحذر طارق رؤوف، الخبير السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يعمل باحثاً في معهد "تودا" للسلام، من أن هذا "قد يفتح فعلاً مجالاً لانتشار الأسلحة النووية"، مشيراً إلى أن "دولاً لا تملك السلاح النووي مثل الأرجنتين والبرازيل وكندا وإيران واليابان وكوريا الجنوبية، ستتجه إلى الغواصات النووية، وتحتفظ بالوقود النووي خارج رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

حالة استثنائية

ورأى هانس كريستنسن، من اتحاد العلماء الأميركيين، أن روسيا "قد تزيد مبادلاتها التكنولوجية مع الهند"، وأن "الصين قد تقدم تقنياتها في مجال المفاعلات النووية لباكستان وسواها، والبرازيل قد تجد بمزيد من السهولة سوقاً لمشروعها المتعثر لبناء مفاعل غواصة".

وأكدت واشنطن مؤخراً، التزامها بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن أستراليا تشكل "حالة استثنائية لا ترسي سابقة على هذا الصعيد".

لكن داريل كيمبال، مدير مركز "أرمز كونترول" للدراسات، اعتبر أن "التوصل إلى اتفاق تعاون دفاعي مع حليف قريب أمر، وإبرام الاتفاق بما ينقض مبادئنا ومبادئ الأسرة الدولية أمر مختلف".

وأضاف لوكالة "فرانس برس"، أنه "حين تواصل الولايات المتحدة، التي تقول إنها في موقع متقدم على صعيد منع انتشار الأسلحة النووية، الالتفاف على قواعد ومبادئ منع الانتشار لمساعدة حلفائها، فهذا يؤدي إلى تقويض النظام الدولي الذي تؤكد هذه الإدارة أنها تدافع عنه".

اقرأ أيضاً: