"البيت الصيني".. استراتيجية أميركية لمراقبة أنشطة بكين حول العالم

مقر وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن - 19 ديسمبر 2019 - Getty Images
مقر وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن - 19 ديسمبر 2019 - Getty Images
دبي - الشرق

كشفت مجلة "فورين بوليسي"، الأربعاء، أن وزارة الخارجية الأميركية تخطط لزيادة عدد المسؤولين المخصصين لمراقبة الصين، في محاولة لتتبع أنشطة بكين المتنامية في البلدان الرئيسية حول العالم. 

وأوضحت المجلة أن التغييرات التي تعتزم الوزارة تبنيها، والتي يمكن أن تشمل إضافة ما بين 20 إلى 30 موظفاً، ستشمل تعزيزاً لموظفي "المراقبة" الإقليميين المعنيين بالشأن الصيني، وهي مهمة تم استحداثها لأول مرة خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، لتتبع أنشطة بكين في جميع أنحاء العالم تحت تصرف المكاتب الإقليمية لوزارة الخارجية الأمريكية.

وتأتي جهود وزارة الخارجية الأميركية الهادفة لتعزيز المكتب المركزي المعني بالشأن الصيني، والذي أطلق عليه البعض في واشنطن اسم "البيت الصيني"، بعد خطوة في وزارة الدفاع الأميركية لإنشاء هيئة مركزية للتعامل مع العلاقات العسكرية بين واشنطن وبكين.

وستضيف مبادرة وزارة الخارجية، مسؤولين في كل من واشنطن وكذلك في السفارات بجميع أنحاء العالم لمراقبة أنشطة الصين في بلدان محددة، وفقاً لما نقلته "فورين بوليسي" عن مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر، دون الكشف عن هويتهم.

وقال أحد المسؤولين، إن وزارة الخارجية تدرس أيضاً إضافة المزيد من الموظفين لتتبع مشتريات الصين للتكنولوجيات الناشئة والجهود المبذولة لمعالجة تغير المناخ.



 تنافس  أميركي مع الصين

تأتي هذه التغييرات في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى "التحول بعيداً عن حروب الشرق الأوسط المكلفة التي دامت عقدين، في إشارة إلى أفغانستان، والتركيز بدلاً من ذلك على منافسة عالمية طويلة الأمد مع الصين"، وفقاً للمجلة. 
 
وفي خطابه الرئاسي الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء ، تعهد بايدن بـ "التنافس بقوة" مع القوى الكبرى الأخرى، لكنه قال إن واشنطن "لا تسعى إلى حرب باردة جديدة أو عالم منقسم إلى كتل جامدة"، لكنه لم يذكر الصين بالاسم.

"فورين بوليسي" قالت إن وزارة الخارجية الأميركية نشرت الكادر الأول من المسؤولين المعنيين بمراقبة أنشطة بكين في عام 2019. لكن ظهور هذا البرنامج تسبب في صراع داخلي خلال السنوات الأولى لإدارة ترمب، حسبما نقلت المجلة عن مسؤول كبير سابق في إدارة ترمب. 

ورفض بعض كبار الدبلوماسيين الذين عارضوا نهجاً أكثر تصادماً مع الصين، فكرة تعيين "مسؤولين لمراقبة الصين". ووصفت سوزان ثورنتون، المبعوثة السابقة لوزارة الخارجية بالإنابة لشرق آسيا في الفترة من 2017 إلى 2018 ، البرنامج بأنه "فكرة سيئة".
 
وقالت ثورنتون إن البرنامج "يأخذ الأشخاص المعينين إلى السفارات في جميع أنحاء العالم ويكلفهم بمشاهدة ما تفعله الصين في ذلك البلد.. إنه يؤدي إلى نوع من الضجيج والتشويهات التي نراها الآن حول الأنشطة الصينية، ولهذا السبب اعتقدت أنها فكرة سيئة".
 
وبعد رحيل ثورنتو ، شهد البرنامج تقدماً، حيث حاولت وزارة الخارجية اللحاق بوزارة العدل ووزارة الخزانة، اللتين كانتا تكثفان الجهود لتوجيه العقوبات بشكل أكثر فاعلية واستهدافاً للصين واستخدام عمليات تجسس فظة ضد الصين.



وحدة استخباراتية خاصة

وحسبما أفادت وكالة "بلومبرغ" في أغسطس الماضي، فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، تدرس تأسيس وحدة خاصة للصين، في خطوة ستوفر الموظفين والتمويل لتوسيع نطاق التركيز على بكين.
 
ونقلت الشبكة الأميركية عن مصادر مطلعة، قولها إن "سي آي إيه"، تدرس مقترحات لإنشاء "مركز مهام مستقل للصين"، في تصعيد لجهودها لاكتساب رؤية أوضح (المزيد من المعلومات المتعمقة) بشأن أكبر منافس استراتيجي للولايات المتحدة.
 
وأشارت المصادر إلى أن الاقتراح يأتي في إطار مراجعة أوسع نطاقاً لقدرات الوكالة بشأن الصين، يجريها مدير "سي آي إيه"، وليام بيرنز، سترفع مستوى التركيز على بكين داخل الوكالة، إذ كانت الصين تُشكل منذ فترة طويلة جزءاً من "مركز مهام لشرق آسيا والمحيط الهادئ".
 
وبحسب "فورين بوليسي"، يهدف برنامج وزارة الخارجية الجديد، إلى رعاية المسؤولين الذين يعملون بالشأن الصيني عبر مختلف الوكالات الحكومية الفيدرالية، على غرار البرامج المشتركة بين الوكالات لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب.





وأوضحت المجلة أن بعض منتقدي البرنامج يشعرون بالقلق من أنه قد يعطي وزارة الخارجية رؤية قصيرة النظر عن الصين يمكن أن تضخم نفوذ الصين وتضخم التوترات بين الولايات المتحدة والصين دون داع. كما أنهم قلقون من أنه قد يضيف طبقة جديدة من البيروقراطية إلى نظام مرهق بالفعل.

طموح تجسس صيني

تأتي تلك الجهود الأميركية بعد أن عبّر كبار المسؤولين عن مخاوف بشأن "حجم وطموح التجسس الصيني" في الولايات المتحدة.
 
والعام الماضي قال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، إن التكتيكات الصينية، بداية من التجسس الإلكتروني إلى التهديدات ضد المواطنين الصينيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، خلقت وضعاً "أصبح فيه الأميركيون يجدون أنفسهم محاصرين من قبل الحزب الشيوعي الصيني".

كما واجهت وكالة الاستخبارات المركزية، ووكالات استخبارات أميركية أخرى تساؤلات بشأن قدراتها على جمع المعلومات في الصين. وفي عام 2017، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "الحكومة الصينية أوقفت بشكل ممنهج عمليات تجسس تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية داخل الصين بدءاً من عام 2010".

ومنذ الأسابيع الأخيرة من عام 2010 حتى نهاية عام 2012، "قتل الصينيون ما لا يقل عن 12 مصدراً تابعين لوكالة الاستخبارات المركزية"، حسبما ذكرت الصحيفة.

كما خلص تقرير صادر عن لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في سبتمبر 2020 إلى أن وكالات التجسس الأميركية "كانت تفشل في مواجهة التحديات متعددة الأوجه التي تفرضها الصين، وكانت تركز بشكل مفرط على الأهداف التقليدية مثل الإرهاب أو التهديدات العسكرية التقليدية".

اقرأ أيضاً: