أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية، مشدداً على أن هناك تغييراً مهماً في الموقف الأميركي في ما يتعلق بهذه القضية مقارنة بمواقف الإدارات السابقة.
وأوضح في مقابلة مع برنامج "دائرة الشرق"، على قناة "الشرق"، أن موقف الإدارة الأميركية الحالي يتحدث عن حل الدولتين، ويقف ضد بناء المستوطنات، ويطالب باحترام الوضع التاريخي والقانوني في المقدسات، "التي تشكل أولوية للأردن، في ضوء الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، والجهد الأردني المستمر لحماية الهوية العربية والإسلامية والمسيحية لهذه المقدسات".
وفي ضوء "الموقف الأميركي المتقدم"، لفت الصفدي إلى أن الأردن يعمل مع شركائه في واشنطن وأوروبا والعالم، ومع أشقائه في المنطقة، من أجل "إيجاد الأفق السياسي"، مشيراً إلى الاجتماع الثلاثي الأخير الذي جمع الملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفلسطيني محمود عباس، والذي ركز على "كيفية العمل معاً من أجل إيجاد هذا الأفق السياسي، انطلاقاً من الحقيقة الثابتة أن لا بديل عن حل الدولتين سبيلاً لتحقيق السلام"، وأن "استمرار غياب الأفق السياسي خطر يهدد أمن المنطقة برمتها"، وفقاً للصفدي.
وبشأن الدور الأميركي في حل القضية الفلسطينية، قال الصفدي: "إننا نحتاج إلى دور رئيسي للولايات المتحدة في دفع العملية السلمية، التاريخ أثبت أن ممارستها لدور قيادي في هذه العملية مطلوب لإيجاد الزخم الدولي لدفع عملية السلام". ولفت إلى وجود دور أوروبي مهم، ولكنْ "علينا في المنطقة أيضاً دور رئيسي في الانخراط والاشتباك الإيجابي مع العالم، للتذكير بأن الأمن والسلم الإقليميين والدوليين مهددان باستمرار غياب أفق تحقيق السلام".
ولفت إلى وجود "جهود يجب أن تقوم بها دول المنطقة لوضع تحركات مقنعة إزاء تحقيق السلام"، مشيراً إلى أن "التحدي كبير والظروف صعبة"، نظراً لسنوات من "غياب الأفق الحقيقي لإيجاد السلام العادل الذي لا يمكن أن يتحقق من دون القضية الأساسية، وهي القضية الفلسطينية"، مشدداً على أنه "لا نستطيع إلا أن نستمر في العمل، لأنه لا بديل عن هذا الحل، وأن أي استمرار في خرق القانون الدولي في ما يتعلق بحقوق الفلسطينيين خطر جماعي".
وأضاف أن "رسالتنا إلى الجميع، أنه إذا استمرت الإجراءات اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين، وفقد الشعب الفلسطيني تحديداً، الأمل بالانفراج السياسي الذي يستحقه عبر تلبية حقوقه المشروعة"، فإن البديل الوحيد هو "الدولة الواحدة"، و"على العالم آنذاك أن يقرر إذا كان سيتعامل مع خيار (أبارتايد) أو نظام الفصل العنصري الذي ستكونه الأوضاع آنذاك، لأن إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الديمقراطية الكاملة في تلك الدولة لا يبدو أمراً متاحاً".
ولفت إلى أن الموقف الأردني كان دائماً "واضحاً، وتركيزنا وانخراطنا مع الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية بالتعاون مع أشقائنا وشركائنا هو ضرورة أن نعمل على العودة إلى المفاوضات التي تحقق السلام الذي يتيح للدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، أن تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية".
وحذر من أن تقويض حل الدولتين سيقتل الأسس التي انطلقت عليها العملية السلمية للقضية الفلسطينية، وهي مبدأ "الأرض مقابل السلام"، ويجعل الخيار الوحيد هو "الدولة الواحدة"، وسيضع العالم كله "أمام تحد كبير، إما أن تعطي هذه الدولة حقوقاً مشروعة كاملة للشعب الفلسطيني، وإما أن تكون دولة تمييز عنصري، وهو أمر لا يمكن أن يكون قابلاً للاستمرار".
"كارثة سوريا"
وحول الأزمة السورية، قال الصفدي إن موقف الأردن ثابت بأن في سوريا "كارثة إنسانية يجب أن تنتهي"، مؤكداً ضرورة إيجاد حل سياسي يحفظ وحدة سوريا واستقرارها ويعيد دورها في المنطقة، ويهيئ الظروف لعودة اللاجئين السوريين، ويخلص البلاد من الإرهاب، مؤكداً أن ذلك الموقف يتحدث عنه الأردن منذ سنوات مع كافة الأطراف.
وأكد أنه لا يمكن الاستمرار في "مقاربات أثبتت عدم جدواها. نحن في المنطقة من يدفع ثمن استمرار هذه الأزمة. الشعب السوري عانى أكثر مما يجب أن يعانيه شعب في العالم. الخيار واضح، لا بد من التحرك باتجاه الحل السياسي".
وأضاف: "نحن منخرطون مع الجميع في جهد لم يتوقف من أجل الدفع، وإيجاد البيئة التي تسمح لهذا الحل السياسي بأن يستمر".
وحول لقاء رئيس الأركان الأردني مع وزير الدفاع السوري علي أيوب، أوضح الصفدي ان اللقاء جاء لبحث أمن الحدود ومواجهة التحديات المشتركة التي يمثلها الإرهاب، والمخدرات وتهريبها، "وهو ما لا يمكن تحقيقه سوى بالحوار"، مشيراً إلى أن الأردن جار لسوريا ويشترك البلدان في حدود طويلة.
وأضاف أن هناك حوارات بين الأردن وسوريا في عدة قطاعات، منها اجتماع وزراء الطاقة في مصر وسوريا ولبنان والأردن في عمان، لبحث إيصال الطاقة إلى لبنان، كما أشار إلى وجود 1.3 مليون "شقيق سوري مقيم في الأردن"، لافتاً إلى أن كل هذه أمور "تعكس حالة من التعاون الضروري الذي لا غنى عنه للبلدين في ضوء معطيات كثيرة".
وبشأن الوجود الروسي في سوريا ودوره في تحقيق الاستقرار، قال الوزير الأردني إن الملك عبد الله الثاني يؤكد دائماً على أن هناك دوراً رئيسياً لروسيا في أي جهد حقيقي لإنهاء الأزمة وإنهاء هذه الكارثة"، مشدداً على أن موقف الأردن "الثابت" والذي أكده الملك أكثر من مرة، أنه لا بد أن نعمل جميعاً لحل هذه الأزمة، التي تتطلب أيضاً حواراً أميركياً روسياً.
الدور العربي
ودعا وزير الخارجية الأردني إلى وجود دور عربي جماعي في جهود حل الأزمة السورية، مضيفاً أنه "من غير المعقول وغير المقبول ألا يكون هناك دور عربي جماعي.. ففي البداية والنهاية، سوريا دولة عربية، والدول العربية هي الأكثر تأثراً بما يجري في سوريا، والشعب السوري عربي شقيق... وندفع باتجاه إيجاد دور عربي في حل الأزمة".
وأضاف أن هناك إدراكاً بأن ما استخدم سابقاً من مقاربات لحل الأزمة السورية "لن ينجح في التوصل لحل سياسي، نتوافق جميعاً على أنه الحل الوحيد للأزمة"، لذلك يجب العمل بشكل "أكثر كثافة وتنسيقاً وفاعلية في جهود هذا الحل".
التعاون الثلاثي
وتطرق الصفدي إلى علاقات الأردن والعراق مؤكداً أنها قوية ومتميزة، وتتطور باستمرار، مشدداً على أن الملك عبدالله زار العراق مرتين هذا العام، في رسالة على دعم بغداد، مشدداً على دعم جهود الحكومة في إعادة البناء وحماية أمن وسيادة واستقلالية العراق، خصوصاً بعد الانتصار على تنظيم داعش.
وذكر أن التعاون الثلاثي بين العراق والأردن ومصر، مبني على "أرضية التكامل بين الدول الثلاث في الاقتصاد والأمن والسياسة وكافة المجالات"، مشيراً إلى أن مشاريع التعاون من بينها مشروع أنبوب النفط من البصرة إلى مصر مروراً بالعقبة، ومدينة صناعية على الحدود بين الأردن والعراق.
ولفت إلى أن ذلك التعاون مفتوح لكل الدول العربية التي ترى فيه فائدة لها، وجزءاً من جهود تعزيز العمل العربي المشترك.
"الهلال الشيعي"
وعن حديث الملك عبد الله الثاني سابقاً عن "هلال شيعي" والنفوذ الإيراني في المنطقة، أوضح الصفدي أن الحديث كان سياسياً وليس مذهبياً، مؤكداً أن المنطقة "بحاجة إلى علاقات مستقرة وليست أزمات جديدة"، ومضيفاً أن "العلاقات بين كل دول المنطقة يجب أن تبنى على أسس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحسن الجوار وعلاقات الصداقة".
وأشار إلى أن موقف الأردن يؤيد إقامة حوار في المنطقة مع الجميع، بما فيها إيران، بالطريقة التي تحفظ حقوق الجميع، "في إطار علاقات صحية بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول".
وشدد على أن التعاون الثلاثي المصري الأردني العراقي "ليس حلفاً ضد أحد وإنما هو حلف لمصلحتنا نحن ومصلحة الجميع، وكل من يرى أن له فائدة من أن يبني عليه فنحن هنا لنتعاون، ولنقف مع مصالحنا وحق المنطقة في العيش بأمان واستقرار".