منع الجمهوريون في مجلس الشيوخ الاثنين، تمرير مشروع قانون من شأنه تمويل الحكومة الأميركية، وتوفير مليارات الدولارات للإغاثة من الكوارث الطبيعية، ومعالجة التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، كجزء من حملة الحزب المتجددة لتقويض الأجندة الاقتصادية الأوسع للرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وقالت الصحيفة في تقرير، إن معارضة الجمهوريين وجّهت ضربة قاضية للإجراء، الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي، ما من شأنه أن يزيد الضغوط على الديمقراطيين قبل سلسلة من المواعيد النهائية المالية العاجلة.
وكان البيت الأبيض حذّر من أن الفشل في معالجة هذه القضايا قد يتسبب في كارثة مالية خطيرة، ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى ركود آخر.
ويأتي الموعد النهائي الأكثر إلحاحاً، في منتصف ليل الخميس المقبل، حيث سيتعيّن على الكونجرس تبنّي إجراء لتمويل الحكومة، وإما سيتم إغلاق بعض الوكالات الفيدرالية والعمليات اعتباراً من صباح الجمعة.
كما يتعين على المشرعين التحرك قبل منتصف أكتوبر لرفع سقف الديون، وإلا فقد يخاطرون بأول تخلف عن السداد على الإطلاق، ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق العالمية.
وفي الساعات التي سبقت التصويت، الاثنين، راهن زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل على موقف حزبه، وذلك برفض التصويت على أي إجراء يرفع أو يُعلق سقف الديون، حتى لو لم يكن لديهم نوايا إغلاق الحكومة في هذه العملية.
"رفع سقف الديون"
وبحسب "واشنطن بوست"، يشعر المشرعون من الحزب الجمهوري بأن رفع حد الاقتراض، الذي يسمح للدولة بدفع فواتيرها، سيُمكن بايدن من متابعة تريليونات الدولارات في الإنفاق الإضافي إضافة إلى إجراء التغييرات السياسة الأخرى.
وقال ماكونيل، "سندعم قراراً نظيفاً ومستمراً يمنع إغلاق الحكومة. ولن نقدم أصوات الجمهوريين لرفع حد الديون".
وفي المقابل رد الديمقراطيون عبر توبيخ الخطاب الذي يتبناه خصومهم الجمهوريين، مشيرين إلى حقيقة أن ديون البلاد تسبق النقاش الحالي، بحجة أن بعض فواتيرها، بما في ذلك حوالي 900 مليار دولار من حزمة التحفيز المرتبطة بجائحة كورونا والتي تم تبنيها في ديسمبر 2020، قد تم تجميعها على أساس توافق الحزبين.
كما شدد الديمقراطيون على أنهم عملوا مع الجمهوريين في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب على رفع سقف الديون، حتى عندما انتهج سياسات لم يدعموها، بما في ذلك بناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
لكن مع ذلك، تُضيف الصحيفة بأن حجج الديمقراطيين فشلت في التأثير على الجمهوريين، ما أدى إلى نتيجة متوقعة على نطاق واسع تُجبر إدارة بايدن على إعادة ضبط استراتيجيتها في إطار زمني ضيق.
بدوره، قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر خلال الكلمة الافتتاحية للجلسة إن "السبب الوحيد لوجودنا هنا.. هو أن الجمهوريين يجعلون هذا ممكناً من خلال منع الحكومة من دفع فواتيرها. لا شيء من هذا يجب أن يحدث. لا شي منه".
وليس من الواضح كيف يمكن لإدارة بايدن الرد في حال فشل الكونجرس في التصرف في الوقت المناسب لرفع أو تعليق سقف الديون، وهو ما سيكون حدثاً غير مسبوق.
وقد درس المسؤولون سابقاً ما إذا كان بإمكانهم إعطاء الأولوية لمدفوعات ديون معينة أثناء تأخير الالتزامات، لكن البعض في وزارة الخزانة وصفوا هذه الطريقة بأنها غير عملية إلى حد كبير، حيث لا يزال بإمكان العديد من المستثمرين اعتبار حكومة الولايات المتحدة متخلفة عن السداد.
توتر في مجلس الشيوخ
المخاطر الكبيرة دفعت مُحافظة الاحتياطي الفيدرالي لايل برينارد، الاثنين، إلى التأكيد على أن الكونجرس ليس لديه بديل سوى اتخاذ إجراء قبل الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق، مضيفة خلال الاجتماع السنوي للجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال "يعرف الكونجرس ما يجب عليه فعله.. الشعب الأميركي كان لديه ما يكفي من الدراما خلال العام الماضي".
وأدت المواجهة بين الحزبين إلى تسليط الضوء على حدة التوتر في مجلس الشيوخ، حيث من المقرر أن يمضي الديمقراطيون قدماً في خططهم لتبني ما يصل إلى 4 تريليونات دولار في مبادرات الإنفاق الجديدة التي يدعمها بايدن. ويتضمن ذلك خطة لتحسين البنية التحتية للدولة، والتي يدعمها الجمهوريون، وأخرى برفع الضرائب لتمويل مبادرات الرعاية الصحية والتعليم والمناخ الجديدة، وهو ما يعارضه الحزب الجمهوري.
وتُعد هذه الإجراءات معلقة أيضاً، حيث كان مجلس النواب يأمل في بدء مناقشتها، وربما إجراء تصويت في أقرب وقت هذا الأسبوع، في وقت يقول الجمهوريون إنهم ما زالوا مستعدين لدعم فجوة تمويل مؤقتة، طالما أنها منفصلة تماماً عن سقف الديون.
واعتبرت "واشنطن بوست"، أنه في حال عدم وجود اتفاق، ستتوقف واشنطن عن العمل، وتتعطل الوكالات الفيدرالية التي تستجيب لوباء كورونا، بينما سيتُرك آلاف الموظفين الفيدراليين عاطلين عن العمل وبدون أجر.
وخلال مقابلة، الأحد، مع شبكة "سي إن إن"، توقع السيناتور الجمهوري باتريك جيه تومي أنه "سيكون هناك الكثير من أصوات الجمهوريين لصالح ذلك".
كما تعهد الديمقراطيون بمنع إغلاق الحكومة، ما يزيد من احتمالات أنه لا يزال بإمكان المشرعين تجنب أسوأ سيناريو بحلول نهاية الأسبوع.
"مناورة تشريعية"
من المتوقع أن يشمل الإجراء النهائي أيضاً مليارات الدولارات للاستجابة لإعصارين ضربا في الفترة الأخيرة ساحل خليج المكسيك والساحل الشرقي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أموال للمساعدة في إعادة توطين اللاجئين الأفغان.
وحاول وزراء خزانة الحزب الجمهوريون السابقون، نزع فتيل قنبلة سقف الديون في محادثات مع زعيم الأقلية في الكابيتول ميتش ماكونيل.
وحتى عندما صوتوا ضد التعليق الاثنين، أكد الجمهوريون أنهم لا يريدون أن تتخلف الحكومة الأميركية عن السداد، وبدلاً من ذلك قالوا إنه على الديمقراطيين تحمّل العبء بأنفسهم بالنظر إلى الزيادات المقترحة في الإنفاق الفيدرالي، بما في ذلك ما يقرب من 3.5 تريليون دولار من الضرائب والنفقات التي يأملون في تمريرها من خلال مجلس النواب في أقرب وقت هذا الأسبوع.
ويخطط الديمقراطيون لدفع هذا الإجراء من خلال مناورة تشريعية تُعرف بـ"المصالحة"، بحيث تسمح لهم بتجنب المعارضة الجمهورية، لا سيما بمجرد وصولها إلى مجلس الشيوخ، خاصة أن الحزب لا يملك سوى 51 صوتاً، وإلا سيحتاج إلى 60 صوتاً للمضي قدماً. لكن المشرعين الجمهوريين انتهزوا هذه العملية، وطالبوا الديمقراطيين باستخدامها أيضاً لزيادة سقف الديون.
وقالت الصحيفة إن هذه الخطوة قد تستغرق وقتاً طويلاً، وقد تُعرض الديمقراطيين لسلسلة من الأصوات السياسية غير المريحة، ومن المضمون إجبارهم على اختيار رقم معين يرفع من خلاله حد الاقتراض في البلاد، بدلاً من مجرد تعليقه، وربما تحويل العملية برمتها إلى حافز لهجمات الحزب الجمهوري التي تدخل في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس عام 2022.
وأشار السيناتور الديمقراطي كوري بوكر، إلى أن ما يحدث، أمر سيء بالنسبة للاقتصاد، مضيفاً في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" أن الجمهوريين أضافوا أكثر من 7 تريليونات دولار إلى العجز في عهد ترمب.