قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، إن بلاده "لا تعارض" فكرة أن تعزز أوروبا قدراتها الدفاعية بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، شريطة أن يكون ذلك "مكملاً" لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وجاءت تصريحات بلينكن خلال مقابلة أجرتها وكالة "بلومبرغ"، على هامش لقاء وزاري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عقد في باريس، في وقت سابق، الأربعاء.
وأوضح بلينكن، رداً على سؤال عما إذا كان لديه مخاوف بشأن الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي عن واشنطن وانعكاسات ذلك على حلف شمال الأطلسي، أن "الفكرة التي ترتكز على أن أوروبا تزيد من قدرتها الدفاعية والأمنية جيدة، هذا في مصلحتنا، شريطة أن يكون مكملاً لحلف الناتو، ولا يوجد سبب يمنعه أو لا يكون كذلك".
وأضاف: "نريد أن نرى شركائنا لديهم القدرة على المشاركة والتعامل مع التحديات المشتركة، طالما تم ذلك بطريقة مكملة للحلف، فهذا شيء جيد وندعمه".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال في سبتمبر الماضي، إن هدف الاستقلال الدفاعي الأوروبي "يمكن أن يتوافق مع العضوية في حلف الناتو".
وأضاف آنذاك: "لقد نجحنا في غرس فكرة أن الدفاع الأوروبي والاستقلال الدفاعي الاستراتيجي يمكن أن يكونا مشروعين بديلين للمنظمة عبر الأطلسي، لكنه في نفس الوقت مكون قوي جداً في هذا الأمر".
وبشأن أزمة الغواصات التي نشأت مع فرنسا، جراء إقامة واشنطن تحالف دفاعي مع أستراليا وبريطانيا وزيارته الحالية لباريس بهذا الخصوص، قال بلينكن: "أجرينا خلال يومين اجتماعات جيدة جداً مع نظيري جان إيف لودريان، وكذلك مع الرئيس ماكرون، وركزنا على كيفية المضي قدماً".
وتابع: "أعتقد أن كلينا يرى فرصة نغتنمها بناءً على تعليمات الرئيسين جو بايدن وماكرون لتعميق تعاوننا، ومشاوراتنا، وتعميق تنسيقنا في سلسلة كاملة من المجالات".
التنافس مع الصين
وفي الشأن الصيني، ورداً على سؤال بشأن موعد لقاء الرئيسين جو بايدن والصيني شي جين بينج، قال بلينكن: "لقد تحدثا عبر الهاتف قبل بضعة أسابيع فقط، وأجريا محادثة مثمرة غطت الكثير من القضايا، وسنرى ما إذا كانت لديهما الفرصة للالتقاء في الأسابيع أو الأشهر المقبلة".
وأضاف: "من المحتمل أن يشارك كلاهما بطريقة ما في اجتماع مجموعة الـ 20، على سبيل المثال، لكنهما أجريا محادثة جيدة ومثمرة، وسنواصل العمل الذي شرعا فيه".
وعن الوضع في تايوان وما إذا كان هناك خط أحمر لن يتخطاه الرئيس الصيني في هذا الشأن، أجاب بلينكن: "الإجراءات التي رأيناها من قبل الصين استفزازية، ومن المحتمل أن تزعزع الاستقرار، لذا ما آمله هو أن تتوقف هذه الإجراءات، لأن هناك دائماً احتمالاً لسوء التقدير وسوء التواصل وهذا أمر خطير".
وقال: "لقد تمكنا في الماضي من التعامل مع القضايا المحيطة بتايوان بطريقة تؤدي إلى استقرار دائم، لكن تسير الإجراءات الاستفزازية في الاتجاه الخاطئ تماماً. من المهم ألا يتخذ أي شخص أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها تغيير الوضع الراهن بالقوة، ولذا فنحن بحاجة إلى رؤية الصين توقف بعض الإجراءات التي اتخذتها، لأنها قد تقوض الاستقرار".
وعن العلاقات مع الصين بشكل عام، قال بلينكن: "هناك العديد من القضايا في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، إنها واحدة من أكثر العلاقات أهمية وتعقيداً في العالم ولها جوانب مختلفة".
وتابع: "هناك بالتأكيد جانب تنافسي نعرفه جيداً وهناك جوانب عدائية، وهناك أيضاً جوانب تعاونية وعلينا أن نكون قادرين على التعامل والمشاركة في كل جانب من جوانب العلاقة هذه".
وأشار في الوقت ذاته، إلى أن مسألة تغير المناخ "تعد مشكلة وجودية"، تؤثر في كل شخص على هذا الكوكب، سواء كان في الولايات المتحدة أو الصين أو أي دولة أخرى، مشيراً إلى أن "الصين تحمل مسؤولية مماثلة لأميركا عندما يتعلق الأمر بالتعامل بشكل فعال مع تغير المناخ".
وتابع: "نحن نشكل نحو 15 %من الانبعاثات العالمية، لذا من المهم لكلينا النهوض والوفاء بمسؤولياتنا، وهذا يعني وجود أهداف طموحة لكيفية الحد من تغير المناخ فعلياً".
الطاقة
ورداً على سؤال عن كيفية تعامل الغرب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة، قال بلينكن: "حسناً، أعتقد أن أسعار الطاقة المرتفعة التي نراها الآن تعزز بعض الأشياء، إذ إنها تعزز الحاجة إلى الانتقال إلى أشكال جديدة من الطاقة، ولا سيما المستدامة، وفي الوقت ذاته تعزز الحاجة إلى تنويع الطاقة".
وأضاف: "لقد استخدمت روسيا في الماضي الطاقة كأداة، أو قد يقول البعض كسلاح في سياستها الخارجية. آمل ألا يكون هذا ما سنراه مستقبلاً، خاصة مع حلول فصل الشتاء. لكن مرة أخرى، أعتقد أنك سترى البلدان تعمل معاً، وتتعاون للتعامل مع أي مشكلات تتعلق بالطاقة".
وبشأن ما إذا كانت هناك إجراءات من جانب الولايات المتحدة لإبعاد أوروبا عن الغاز الروسي، قال بلينكن: "هذه بالفعل عملية تنويع تستغرق وقتاً، لكنها تتطلب جهداً وتصميماً متسقين".
ودعا وزير الخارجية الأميركي الدول الأوروبية إلى "تنويع مصادر الطاقة والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة والابتعاد عن الوقود الأحفوري".