اعتبرت الصحافية الفلبينية ماريا ريسا السبت، أن جائزة نوبل للسلام التي حصلت عليها موجهة إلى "جميع الصحافيين"، متعهدة بمواصلة نضالها من أجل حرية الصحافة، وهاجمت موقع "فيسبوك" ووصفته بـ"المتحيز ضد الحقائق"، قائلة إنه "يهدد الديمقراطية".
وقالت ريسا وهي من أشد منتقدي الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس": "إنها حقاً لجميع الصحافيين في أنحاء العالم" في إشارة للجائزة.
وأضافت: "نحتاج حقاً للمساعدة على العديد من الجبهات، لقد زادت صعوبة وخطورة أن تكون صحافياً اليوم".
وشاركت ماريا ريسا التي تبلغ من العمر 58 عاماً في تأسيس الموقع الصحافي الاستقصائي "رابلر" في 2012، وهي منصة سلطت الضوء على العنف المرتبط بحملة مكافحة المخدرات التي أطلقها الرئيس الفلبيني.
وحصلت ريسا، الجمعة، على جائزة نوبل للسلام، مناصفة مع الصحافي الروسي دميتري موراتوف لجهودهما في "حماية حرية التعبير".
ونقلت وكالة "رويترز" عن ريسا قولها إن فيسبوك يهدد الديمقراطية، مضيفة أنه فشل في الحماية من انتشار الكراهية والتضليل وأنه "متحيز ضد الحقائق وضد الصحافة"، على الرغم من إشارتها إلى أنه أكبر موزع للأخبار في العالم.
وقالت: "إذا لم تكن لديك وقائع، فلا يمكنك الحصول على حقائق، ولا يمكنك الثقة. إذا لم يكن لديك أي حقائق، فلن يكون لديك ديمقراطية ".
وأشادت مجموعات إعلامية فلبينية، ونشطاء حقوقيون بتكريم ماريا ريسا، ووصفوه بأنه "انتصار" في بلد يُصنف بين أخطر دول العالم بالنسبة للصحافيين.
ووصفت الصحافية منحها الجائزة بأنها "جرعة أدرينالين"، معربة عن أملها في أن تكون بمثابة درع تقيها وبقية الصحافيين الفلبينيين من الاعتداءات الجسدية والتهديدات عبر الإنترنت.
وتابعت: "آمل أن يسمح هذا للصحافيين بأداء عملهم بشكل جيد دون خوف".
ومنذ انتخاب رودريجو دوتيرتي رئيساً للفلبين في عام 2016، تعرّضت ماريا ريسا وزملاؤها لاعتقالات ودعاوى قضائية والكثير من التهديدات عبر الإنترنت.
ويعتبر الرئيس دوتيرتي أن منصة "رابلر" تمثل "وسيلة إعلام زائفة"، وقد تلقت الصحافية رسائل مسيئة عبر الإنترنت.
"شجاعة"
سلطت ماريا ريسا الضوء على أعمال العنف المصاحبة لحملة مكافحة المخدرات التي أطلقها دوتيرتي، وخلّفت وفق منظمات حقوقية عشرات آلاف القتلى معظمهم من الفقراء.
وكانت منصة "رابلر" من بين أولى وسائل الإعلام المحلية والأجنبية التي نشرت صوراً لعمليات القتل خلال الحملة، وشككت في أساسها القانوني.
ودفعت وسائل إعلام أخرى ضريبة انتقادها سياسات دوتيرتي، ومن بينها صحيفة "فلبين ديلي إنكويرر"، وشبكة "إيه بي إس- سي بي إن" التي خسرت رخصة البث الحرّ العام الماضي.
لكن ماريا ريسا تعتقد أن استقلالية "رابلر" تسمح لها بالدفاع عن نفسها، وقالت: "ليس لدينا مصالح أخرى لحمايتها. لذلك من السهل جداً علينا الدفاع عن أنفسنا".
قضايا "سخيفة"
وتُلاحق الصحافية في 7 قضايا، وصفتها بأنها "سخيفة"، معلنة ثقتها في الفوز بها أمام المحاكم.
وتوجد الصحافية في حالة سراح بكفالة في انتظار الاستئناف، بعد إدانتها في يونيو الماضي، بتهمة "التشهير" في قضية، تواجه فيها حكماً قد يصل إلى 6 سنوات سجن.
وحفظ القضاء تهمتي "تشهير إلكتروني" أُخريين ضدها في وقت سابق من هذا العام، وتأمل مؤلفة كتاب "كيف تقف بوجه دكتاتور" في الحصول على إذن للسفر إلى النرويج لاستلام جائزة نوبل.
وشددت على أن "التحدي الأكبر كان دائماً التغلّب على المخاوف... أن تكون شجاعاً لا يعني عدم الخوف، بل يعني فقط معرفة كيفية التعامل مع خوفك".
وأردفت: "أقول في بعض الأحيان إنني يجب أن أشكر الرئيس دوتيرتي، لأنك لا تعرف من أنت حقاً حتى تضطر إلى القتال من أجل ذلك... أعرف من أنا الآن".
"لحظة حاسمة"
تعتبر ريسا أن الانتخابات الفلبينية التي بدأ هذا الشهر تسجيل المرشحين إليها لشغل أكثر من 18 ألف منصب، من الرئيس إلى عضو مجلس المدينة، ستكون "حاسمة" للبلاد و"لحظة وجودية".
سيختار الناخبون في مايو المقبل، خليفة رودريجو دوتيرتي الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية ثانية مدتها 6 سنوات.
وتضع استطلاعات الرأي ابنته ساره، وابن الديكتاتور السابق فرديناند ماركوس الذي يحمل نفس الاسم بين أبرز المرشحين لتولي المنصب. لكن ساره دوتيرتي نفت حتى الآن نيتها الترشح.
وقالت ريسا: "ستكون معركة من أجل الحقائق"، محذرة من أن الفلبين على وشك أن "تصبح ديمقراطية بالاسم فقط".
ويُعد الفلبينيون من بين أكثر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، وتواجه البلاد تحدي مكافحة المعلومات المضللة.
وطوال الحملة ضدها، بقيت ماريا ريسا التي تحمل الجنسية الأميركية أيضاً، في الفلبين وواصلت التحدث ضد الحكومة رغم التهديدات.