مع تجدد المواجهات في طرابلس مساء الخميس لليوم الرابع على التوالي، وإقدام المحتجين على إحراق عدد من المباني الحكومية، ندد رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بهذه الأحداث، مطالبين بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين عنها.
ولفتت الوكالة الوطنية للإعلام (رسمية) إلى أن الرئيس اللبناني طالب وزارة الدفاع خلال استقباله الوزيرة زينة عكر مباشرة التحقيق بالأحداث التي وقعت الخميس في طرابلس و"ما رافقها من أعمال شغب" أدت إلى إحراق مبنى البلدية و"الاعتداء على عدد من المنشآت الرسمية والخاصة والتربوية في المدينة".
وأطلعت الوزيرة عكر الرئيس عون على التقارير التي وردت من قيادة الجيش حول ملابسات ما جرى في طرابلس التي تعتبر واحدة من أفقر المدن اللبنانية، والإجراءات الواجب اتباعها لعدم تكرار التعدي على الأملاك والمنشآت العامة والخاصة، وفقاً للبيان الذي نشرته الوكالة الوطنية.
وطلب عون "التحقيق في ملابسات ما جرى والتشدد في ملاحقة الفاعلين الذين اندسوا في صفوف المتظاهرين السلميين وقاموا بأعمال تخريبية، لاقت استنكاراً واسعاً من الجميع ولا سيما أبناء المدينة وفعالياتها".
من جهته ندد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الجمعة، بأعمال العنف. وقال دياب في بيان إن "المجرمين الذين أحرقوا بلدية طرابلس وحاولوا إحراق المحكمة الشرعية، وعاثوا فساداً في المدينة ومؤسساتها الرسمية والتربوية والاقتصادية، إنما عبّروا عن حقد أسود دفين على طرابلس وعنفوانها".
وتابع: "التحدي الآن هو في إسقاط أهداف هؤلاء المجرمين، بالقبض عليهم واحداً واحداً، وإحالتهم إلى القضاء لمحاسبتهم على ما ارتكبوه بحق طرابلس وأبنائها الصامدين".
وقال دياب إن "التحدي الذي نلزم به أنفسنا، هو أننا سنحبط مخطط العابثين من خلال وعد بالعمل سريعاً على إعادة تأهيل مبنى بلدية طرابلس، ليبقى معبّراً عن شموخ المدينة وتراثها النقي المتجذر عبر التاريخ".
ولليلة الرابعة على التوالي، تواصلت المواجهات في ثاني أكبر مدن لبنان بين متظاهرين غاضبين بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية وقوات الأمن التي نفذت انتشاراً واسعاً في المنطقة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أن حريقاً اندلع في بلدية طرابلس، الخميس، جرّاء رمي المحتجين قنابل المولوتوف.
وكانت جنازة رجل توفي بعد إصابته بعيار ناري مساء الأربعاء قد أججت المزيد من الاحتجاجات. وقالت قوات الأمن إنها أطلقت الذخيرة الحية لتفريق مثيري الشغب الذين حاولوا اقتحام المبنى الحكومي.
وتزيد إجراءات العزل العام التي بدأت في 11 يناير من معاناة الفقراء الذين يزيد عددهم الآن على نصف السكان وفقاً لأرقام الأمم المتحدة، في ظل مساعدات حكومية لا تُذكر.
ويعيش لبنان في أسوأ أزمة مالية منذ عام 2019، وتحوّل الغضب إلى احتجاجات على الاقتصاد والفساد في مؤسسات الدولة وسوء الإدارة السياسية.
وأثار انهيار الليرة مخاوف من زيادة أعداد الأشخاص الذين يواجهون خطر الجوع، ولكن الزعماء اللبنانيين لم يطلقوا بعد خطة إنقاذ أو يسنوا إصلاحات من شأنها السماح بتدفق المساعدات الخارجية، ما أثار انتقادات من المانحين الأجانب.
ويقود دياب حكومة تصريف الأعمال، إذ لا يزال الساسة المنقسمون غير قادرين على الاتفاق على حكومة جديدة منذ استقالته في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس، الأمر الذي ترك لبنان بلا دفة وسط تزايد حدة الفقر.
وفي الإطار، نقل تلفزيون "الجديد" عن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي قوله: "إذا لم يتمكن الجيش من ضبط الوضع في طرابلس خلال الساعات المقبلة، فنحن ذاهبون إلى الأسوأ".
وكان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قال، الجمعة في تغريدة له على "تويتر"، إن "ما حصل في مدينة طرابلس هذه الليلة جريمة موصوفة ومنظمة يتحمل مسؤوليتها كل من تواطأ على ضرب استقرار المدينة وإحراق مؤسساتها وبلديتها واحتلال شوارعها بالفوضى".
وأضاف: "الذين أقدموا على إحراق طرابلس مجرمون لا ينتمون للمدينة وأهلها، وقد طعنوها في أمنها وكرامتها باسم لقمة العيش".
ولفت في تغريدة أخرى إلى أنه "من غير المقبول تحت أي شعار معيشي أو سياسي طعن طرابلس من أي جهة أو مجموعة مهما كان لونها وانتماؤها"، مضيفاً: "إننا نقف إلى جانب أهلنا في طرابلس والشمال، ونتساءل معهم لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجاً على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت، ومن سيحمي طرابلس إذا تخلف الجيش عن حمايتها؟".