أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، أنها تستعد لبدء إعادة طالبي اللجوء إلى المكسيك الشهر المقبل، بموجب سياسة ترمب التي كانت نددت بها في وقت سابق، طالما أن "الحكومة المكسيكية تقبل بهذه العودة"، حسبما ذكرت شبكة "سي بي إس نيوز" الأميركية.
وأمر قاض فيدرالي في أغسطس إدارة بايدن باستئناف ما يسمى برنامج "ابقَ في المكسيك" الحدودي، والذي تطلب انتظار 70 ألف مهاجر غير مكسيكي خارج الولايات المتحدة فيما تدور جلسات الاستماع الخاصة بهم، بناء على طلب من المدّعين العامين الجمهوريين في ولايتي تكساس وميسوري.
وبينما تستأنف الإدارة القرار وتخطط لإنهاء هذه السياسة، إلا أنها "ملزمة قانوناً" في الوقت الحالي بالامتثال لحكم المحكمة الصادر في أغسطس "بحسن نية"، وفقاً للشبكة الإخبارية.
"بروتوكولات حماية"
ونقلت الشبكة عن مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن قوله للصحافيين، الخميس، إنه "إذا كانت المكسيك توافق على دعم إحياء هذه السياسة، فقد تبدأ الولايات المتحدة تسجيل المهاجرين في البرنامج في وقت ما، منتصف نوفمبر".
وشدد المسؤول، مستخدماً الاسم الرسمي لهذه السياسة، وهو "بروتوكولات حماية المهاجرين"، على أن "هذا مشروط بقرار مكسيكي مستقل بقبول أو عدم قبول هؤلاء الذين تسعى الولايات المتحدة إلى تسجيلهم في "بروتوكولات حماية المهاجرين".
ولإثبات امتثالها لأمر المحكمة، قالت إدارة بايدن إنها تستعين بمقاولين لإعادة بناء قاعات للخيام في مدينتي لاريدو وبراونزفيل في ولاية تكساس، حيث سيحضر طالبو اللجوء العائدون إلى المكسيك جلسات استماع بشأن الالتماسات التي تقدموا بها من أجل الحصول على حق اللجوء إلى الولايات المتحدة.
"تعديلات منصفة"
وقال مسؤولون في الإدارة لـ"سي بي إس نيوز" إنهم يعملون على إجراء "العديد من التعديلات" على برنامج "ابقَ في المكسيك" لضمان أن تعكس هذه السياسة، على نحو أفضل، "التزام إدارة الرئيس بايدن بمعاملة المهاجرين بإنصاف، ومعالجة المخاوف التي أثارتها الحكومة المكسيكية".
وأوضح المسؤولون أن التعديلات المقترحة تتضمن "ضمان حصول المهاجرين على محامين، وحصولهم على معلومات قانونية، والالتزام العام باستكمال القضايا المنظورة أمام المحاكم في غضون ستة أشهر من إعادة المهاجر إلى المكسيك، وزيادة فئات طالبي اللجوء الذين يمكن اعتبارهم ضعفاء للغاية بحيث لا يمكن إعادتهم إلى المدن الحدودية المكسيكية التي تعصف بها الجريمة والعنف".
وقال أحد مسؤولي الإدارة لـ"سي بي إس نيوز" إن "إعادة تطبيق هذه السياسة ليس هو ما تريده الإدارة"، مضيفاً: "نجدد تأكيد قرارنا بإنهاء بروتوكولات حماية المهاجرين"، "ولكننا في غضون ذلك نمتثل لأوامر المحكمة".
وشدد على أن التحقق من تلقي الأفراد، لدى عودتهم إلى المكسيك، معاملة إنسانية "أحد أولى أولوياتنا".
انتكاسة حقوقية
وتتوقع "سي بي إس نيوز" أن يتم "الانتهاء قريباً" من مذكرة وزارة الأمن الداخلي لإنهاء هذه السياسة مرة أخرى، ولكن أحد مسؤولي الإدارة شدد على أن هذه المذكرة "لن تدخل حيز التنفيذ" حتى تعلّق محكمة أعلى الحكم الصادر في أغسطس، والذي فرض "العودة إلى تفعيل هذه السياسة".
وفق "سي بي إس نيوز"، ستمثل إعادة إحياء سياسة "ابقّ في المكسيك"، حتى لو كانت بتكليف من المحكمة، "انتكاسة ساحقة للمدافعين عن حقوق المهاجرين" و"تحوّلاً لافتاً في سياسات إدارة بايدن"، التي وعدت بإجراء تغييرات جذرية على الممارسات التي تبنتها إدارة ترمب، والتي وصفتها بأنها "غير إنسانية، وغير فعالة".
ابتزاز وعنف
ولفتت الشبكة الأميركية إلى أنه خلال فترة ولاية ترمب، وجد المهاجرون الذين أعادتهم الولايات المتحدة أنفسهم يعيشون في مخيمات بائسة، في مناطق في المكسيك حذرت وزارة الخارجية الأميركية الأميركيين من زيارتها بسبب عنف العصابات وعمليات الاختطاف.
وأفاد كثيرون بتعرّضهم لعمليات ابتزاز واختطاف واعتداء واغتصاب أثناء انتظارهم جلسات الاستماع في الولايات المتحدة.
وخلال الحملة الرئاسية، قال الرئيس بايدن إن برنامج "ابقّ في المكسيك" أجبر طالبي اللجوء على العيش في "بؤس". والشهر الماضي، قال وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس، إن هذه السياسة خلقت "ظروفاً غير إنسانية" للمهاجرين.
وعلى الجانب الآخر من الطيف السياسي، أكدت إدارة ترمب أن سياسة "ابقَ في المكسيك" أثنت المهاجرين الفارين من الصعوبات الاقتصادية عن عبور الحدود الجنوبية بشكل غير قانوني، والتقدم بدعاوى لجوء لن تحظى بموافقة قضاة الهجرة الأميركيين في نهاية المطاف.
سياسة ترمب
ومنذ اليوم الأول لتوليه منصبه، علّق بايدن سياسة ترمب الحدودية التي كانت تقلصت أثناء فترة تفشي جائحة فيروس كورونا. كما أصدر مايوركاس، في يونيو الماضي، مذكرة تنهي هذه السياسة بشكل رسمي، واصفاً إياها بأنها "غير فعالة ومكلفة".
لكن في حكمه الصادر في أغسطس بإحياء هذه السياسة، قال القاضي الأميركي ماثيو كاكسمارك إن مذكرة مايوركاس فشلت في النظر في "فوائد" هذه القاعدة، بما في ذلك تأثيرها الرادع على المهاجرين غير المؤهلين للجوء إلى الولايات المتحدة.
وفيما قامت بتجميد سياسة "ابقَ في المكسيك"، واصلت إدارة بايدن تطبيق قاعدة حدودية أخرى من عهد ترمب، معروفة باسم "البند 42"، الذي يسمح للمسؤولين الأميركيين بطرد المهاجرين بسرعة إلى المكسيك أو إلى بلادهم الأصلية، من دون السماح لهم بطلب الحماية الإنسانية.
هذه السياسة التي قال المسؤولون الأميركيون إنها ضرورية لتجنب تفشي فيروس كورونا داخل منشآت حرس الحدود، يتم الطعن عليها الآن في المحكمة الفيدرالية من قبل "اتحاد الحريات المدنية الأميركي، الذي يؤكد أن عمليات الطرد غير قانونية.