الرئيس الصيني يسعى لإعادة صوغ تاريخ الحزب الشيوعي

الرئيس الصيني شي جين بينج متوسطاً أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي ببكين - 25 أكتوبر 2017 - Bloomberg
الرئيس الصيني شي جين بينج متوسطاً أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي ببكين - 25 أكتوبر 2017 - Bloomberg
دبي – الشرق

يستعد الرئيس الصيني، شي جين بينج، لدمغ السجل التاريخي للحزب الشيوعي الحاكم رسمياً ببصمته الشخصية، في إشارة إلى تشديده قبضته على السلطة في مواجهة شكوك متزايدة بشأن الوضع الاقتصادي وتوترات مع دول غربية، وفقاً لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وذكرت وسائل إعلام رسمية في بكين، أن الأعضاء الـ 25 في المكتب السياسي للحزب، بينهم شي جين بينج وقياديون آخرون، توصّلوا الاثنين إلى قرار يُطبّق خلال اجتماع مغلق مرتقب الشهر المقبل، بمراجعة مشروع قرار يروي بشكل موثوق "الإنجازات الكبرى والتجارب التاريخية" للحزب، منذ تأسيسه قبل قرن.

وسيكون هذا القرار الثالث الذي يسنّه الحزب، ما يجعل شي جين بينج مساوياً لماو تسي تونج ودينج شياو بينج، بوصفهم زعماء قادوا السلطة الراجحة اللازمة لإعادة تفسير التاريخ الصيني الحديث رسمياً، بحسب الصحيفة الأميركية.

وأضافت الصحيفة أن تمرير القرار المذكور خلال الاجتماع، المرتقب بين 8 و11 نوفمبر المقبل، سيشيع إحساساً بالوحدة حول قيادة شي جين بينج، فيما يستعدّ لمؤتمر الحزب، المرتقب العام المقبل والذي يُعقد مرتين في كل عقد، ويُرجّح أن يشهد منح شي ولاية ثالثة في رئاسة البلاد، بعدما ألغى البرلمان، في عام 2018، تحديد الحكم بولايتين، المُطبّق منذ تسعينيات القرن العشرين. ويتيح ذلك لشي جين بينج البقاء في السلطة مدى الحياة.

قراران لماو ودينج

وأثناء مناقشة القرار في اجتماع الاثنين، أثنى المكتب السياسي للحزب على شي، معتبراً أن قيادته دفعت الصين إلى "مسار تاريخي" جديد من تقدّم حتمي نحو العظمة الوطنية.

ويذكر مؤرخون أن قرارَي ماو ودينج بشأن التاريخ، اللذين أُقرا في عامَي 1945 و1981، استهدفا تعزيز سيطرتهما على الحزب الشيوعي، من خلال انتقاد آراء معارضة وتكريس وجهات نظرهما الأيديولوجية، باعتبارها قانوناً للحزب. قرار دينج دان الثورة الثقافية التي قادها ماو، بين عامَي 1966 و1976، بوصفها خطأً فادحاً، ممهّداً لإصلاحات السوق التي ستُطلق المعجزة الاقتصادية للصين.

مؤسّس جمهورية الصين الشعية ماو تسي تونج (يسار) يصافح الزعيم دينج شياو بينج - أبريل 1973 - AFP
مؤسّس جمهورية الصين الشعية ماو تسي تونج (يسار) يصافح الزعيم دينج شياو بينج - أبريل 1973 - AFP

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن أستاذ متقاعد في العلوم السياسية ببكين قوله: "القراران الماضيان انتقاديان جداً بطبيعتهما. هذه المرة، سيكون الأمر بشكل أساسي حول تأكيد الذات". واعتبر أن الأهداف المحتملة للقرار ستتمثل في "تقوية صورة الحزب، ودعم صورة الزعيم الحالي، وتعزيز إرادته".

ومن شأن تمرير القرار، الذي يرى مراقبون أنه إجراء شكلي، أن يعكس السيطرة القوية لشي جين بينج على الحزب، حتى في وقت تكافح فيه الصين لدعم اقتصاد يعاني من نقص في الطاقة، واضطرابات قي سلسلة التوريد، إضافة إلى حملة تشنّها بكين على قطاعات التكنولوجيا والتعليم الخاص والعقارات.

"النظرة الصحيحة للتاريخ"

أثناء مواجهته التحديات الاقتصادية، كثّف شي جين بينج جهوده لتشكيل ما يسميه "النظرة الصحيحة للتاريخ" في الداخل، من أجل الحدّ من الاستبطان بشأن الأخطاء السابقة للحزب. وبدلاً من ذلك، سعى إلى تصوير الحزب على أنه قوة لا تُقهر، تحمّلت الحرب والفوضى لقيادة بروز الصين.

شي الذي كان والده قيادياً ثورياً، شدد على أهمية التحكّم بالسرديات بشأن ماضي الحزب. كذلك أصرّ على أن نجاحات الصين في العقود الأخيرة لا يمكن فصلها عن نضالاتها بقيادة ماو، الذي أعاد شي جين بينج إحياء تكتيكاته السياسية، من أجل سحق المعارضة وفرض سيطرة أكبر على المجتمع، بحسب "وول ستريت جورنال".

وفي إطار حملة وطنية لإحياء الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي هذا العام، أقدمت السلطات على مراجعة نصوص تاريخية، من أجل التقليل من شأن الأخطاء الاستبدادية لماو خلال الثورة الثقافية، وحذف اقتباسات شهيرة لدينج، حذرت من أخطار حكم الرجل الواحد ودعت إلى انتهاج دبلوماسية متواضعة.

واستحضر شي جين بينج التاريخ مرة أخرى هذا الشهر، لتأكيد عزم بكين على استعادة تايوان، التي سيطرت عليها أسرة تشينج، آخر سلالة إمبراطورية صينية، قبل التنازل عن الجزيرة لليابان في عام 1895. وفي خطاب ألقاه في ذكرى "ثورة شينهاي" عام 1911، التي أطاحت بحكم تشينج، اعتبر شي أن "التاريخ سيُدين" معارضي توحيد الصين وتايوان.

اقرأ أيضاً: