روسيا وإسرائيل طرفا علاقة قديمة ومعقدة، شهدت أزمات وتوترات، ولم تسر على نهج واحد، وإن تمحورت معظم خلافاتهما حول قضايا الشرق الأوسط.
بدأت العلاقة المعقدة بفترة "شهر عسل" في السنوات التي تلت تأسيس إسرائيل، واعتراف الاتحاد السوفيتي بإسرائيل كدولة، وتأزمت عام 1956 إثر أزمة العدوان الثلاثي على مصر، وشهدت فترة تمزق طيلة 24 عاماً بعد حرب 1967 بين إسرائيل من جانب ومصر وسوريا والأردن والعراق على الجانب الآخر، حسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
واستؤنفت العلاقات مجدداً عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ومرت بأزمات أبرزها إسقاط طائرة روسية عن طريق الخطأ في سوريا.
اعتراف وتوتر
في نوفمبر 1947، وافقت حكومة الاتحاد السوفيتي على خطة تقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما يهودية والأخرى عربية. وأصبحت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة إسرائيل بعد تأسيسها في مايو 1948. وفي مايو 1949 صوّتت موسكو لصالح قبول إسرائيل في الأمم المتحدة.
مع بداية أزمة قناة السويس عام 1956، وقف الاتحاد السوفيتي بجانب مصر في مجلس الأمن حتى صدر قرار في 13 أكتوبر 1956.
وفي 5 نوفمبر 1956 وجه الاتحاد السوفيتي رسائل إلى الحكومات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية مطالباً بالوقف الفوري للعدوان الثلاثي على مصر، وحذر من أن الحملة على بورسعيد قد تتحول إلى "حرب عالمية ثالثة"، وهو ما كان أحد أهم أسباب توقف العدوان، إلى جانب المقاومة التي قوبلت بها قوات الدول الثلاث من جانب مصر.
في يونيو 1967، قطع الاتحاد السوفيتي العلاقات مع إسرائيل خلال الحرب العربية الإسرائيلية، وواصلت موسكو تسليح وتمويل الدول العربية لعدة عقود.
تقارب رسمي
بدأ التقارب في أغسطس 1986، مع أول اتصال رسمي في هلسنكي بين الوفود القنصلية الإسرائيلية والسوفيتية.
وفي أكتوبر 1991، أعاد رئيس الاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف العلاقات الدبلوماسية، قبل شهرين من انهيار الاتحاد السوفيتي. وسمح لليهود الروس بالهجرة بحرية، وخلال أكثر من عشر سنوات هاجر أكثر من مليون منهم إلى إسرائيل.
في أبريل 1994، جاءت الزيارة الرسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين إلى موسكو، وهي أول زيارة يقوم بها رئيس حكومة إسرائيلي، لتؤكد التطبيع الكامل للعلاقات الثنائية.
اجتماعات
في سبتمبر 2001، أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو "الإرهاب"، الذي يقول البلدان أنهما ضحاياه.
وباعتبار أنها كانت أقرب تاريخياً إلى الدول العربية، تشارك روسيا مع الولايات المتحدة في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط.
وقد اقتربت مواقف الكرملين والإسرائيليين منذ الهجوم الروسي على جمهورية الشيشان، إذ كانت موسكو تقول إنها تحارب الإرهاب.
وفي أبريل 2005، قام بوتين بزيارة لإسرائيل على خلفية خلاف حول بيع موسكو صواريخ مضادة للطائرات لسوريا.
في أكتوبر 2006، سيطر البرنامج النووي لإيران، العدو اللدود لإسرائيل، على الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى موسكو.
تعاون ثنائي
في يونيو 2008، قالت شركة "غازبروم" الروسية العملاقة إنها تدرس شحنات غاز محتملة لإسرائيل. وفي سبتمبر 2010، وقع وزيرا الدفاع الروسي والإسرائيلي في موسكو اتفاقية للتعاون العسكري. وقد تجلى هذا التعاون بالفعل في عام 2009 في بيع طائرات إسرائيلية مسيرة لروسيا.
وزادت وتيرة الاتصالات منذ ذلك الحين، إذ التقى بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاث مرات منذ بداية عام 2018.
"آلية" تنسيقية
في سبتمبر 2015 التقى نتنياهو ببوتين في موسكو. وقالت الحكومة الإسرائيلية آنذاك، إن البلدين اتفقا على آلية لتنسيق عملهما العسكري في سوريا لتجنب "سوء التفاهم" بين قواتهما.
في 30 سبتمبر، شن سلاح الجو الروسي حملة ضربات جوية دعماً للرئيس السوري بشار الأسد، الذي تقاتل قواته مقاتلي المعارضة.
وفي أكتوبر، قالت روسيا إن خطاً ساخناً أقيم مع إسرائيل لضمان عدم وقوع مناوشات بين قواتهما الجوية.
لكن إسرائيل التي تنوي البقاء على مسافة بعيدة من الصراع السوري، مع الدفاع عن مصالحها، نفذت منذ عام 2013 ضربات منتظمة ضد الحكومة السورية وحليفها اللبناني "حزب الله" اللبناني وأهداف إيرانية.
أزمة عسكرية
في 17 سبتمبر 2018، أسقطت الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ طائرة عسكرية روسية من طراز "إليوشن Il-20" فوق البحر الأبيض المتوسط، ما أسفر عن مقتل جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 15، أثناء شن إسرائيل غارة على منشأة للجيش السوري.
وبعد يوم خلال مكالمة هاتفية، أعرب نتنياهو لبوتين عن "حزنه" للإسقاط الطائرة، وقال بوتين إن ذلك كان نتيجة "ظروف عرضية مأساوية".
وبعد ذلك، ألقى الجيش الروسي باللائمة في الحادث على معلومات "مضللة" من سلاح الجو الإسرائيلي. وقالت موسكو إنها تخطط لتزويد الجيش السوري بمنظومة دفاع جوي جديد من طراز "إس-300"، ورادارات تشويش للطائرات الحربية القريبة.
وقال بوتين لنتنياهو إنه يرفض الرواية الإسرائيلية، ويلقي باللوم على "الإجراءات التي يتخذها سلاح الجو الإسرائيلي"، بينما قال نتنياهو يقول إنه واثق من الرواية الإسرائيلية وحذر بوتين من "نقل أنظمة أسلحة متطورة" إلى سوريا.