لبنان يتبرّأ من تصريحات الناطق باسمه بشأن اليمن

وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي يلقي كلمة في القصر الرئاسي في بعبدا. 13 سبتمبر 2021 - REUTERS
وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي يلقي كلمة في القصر الرئاسي في بعبدا. 13 سبتمبر 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

رفض مجلس التعاون الخليجي، والحكومتان اللبنانية واليمنية، تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن حرب اليمن، التي جاءت ضمن مقابلة تلفزيونية، فيما استدعت المملكة العربية السعودية السفير اللبناني، ووصفت تصريحاته بـ"المسيئة حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن". وقال قرداحي إن تصريحاته جاءت قبل توليه منصبه، وإنها اقتطعت من سياقها لخدمة بعض الجهات، حسب وصفه.

وتداول رواد التواصل الاجتماعي مقطع فيديو من مشاركة قرداحي ضمن برنامج تلفزيوني قال خلاله إن الحوثيين "يدافعون عن أرضهم"، وهم في موقع "دفاع عن النفس" متسائلاً: "هل يعتدون على أحد؟"، معتبراً أن الحرب "عبثية ويجب أن تتوقف"، لأن هناك "عدواناً" بحسب قوله. 

وعند سؤاله عما إذا كانت السعودية والإمارات "تعتديان على اليمن"، قال قرداحي: "أكيد هناك اعتداء... هناك عدوان مستمر على هذا الشعب منذ نحو 8 سنوات".

استدعاء السفير اللبناني في الرياض

وقالت وزارة الخارجية السعودية، الأربعاء، إنها استدعت سفير لبنان لدى المملكة وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات وزير الإعلام اللبناني.

ووصفت الخارجية في بيان نشرته عبر حسابها على تويتر، تصريحات الوزير اللبناني جورج قرداحي بـ"المسيئة حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن".

وأعربت الوزارة عن أسفها "لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات تجاه المملكة ودول تحالف دعم الشرعية في اليمن، والتي تعد تحيزاً واضحاً لمليشيا الحوثي الإرهابية، المهددة لأمن واستقرار المنطقة".

وأكدت الوزارة أن التصريحات "تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية، ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بيم الشعبين الشقيقين".

مذكرة احتجاج بحرينية

واستدعت وزارة الخارجية البحرينية، الأربعاء، سفير لبنان، وسلمته مذكرة احتجاج عبرت فيها عن "استنكارها الشديد" للتصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني.

وذكرت وزارة الخارجية أن ما ساقه قرداحي بشأن مجريات الحرب في اليمن "ادعاءات باطلة تنفيها الحقائق الموثقة والبراهين المثبتة دولياً".

وأشارت في مذكرة الاحتجاج إلى "الجرائم، والانتهاكات، التي ارتكبتها جماعة الحوثي الإرهابية، بحق اليمن وشعبها، واعتداءاتها المستمرة على السعودية، منذ انقلابها غير الشرعي على الحكومة".

وقالت إن "هذه التصريحات غير المسؤولة خالفت الأعراف الدبلوماسية، ومثلت إساءة مقصودة لدول تحالف دعم الشرعية في اليمن، وتجاهلت المبادئ والقيم التي تحكم العلاقات الأخوية بين الدول العربية".

الحجرف: فهم قاصر وسطحي للأحداث

وأصدر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج نايف الحجرف، بياناً أكد فيه رفضه لتصريحات قرداحي، والتي اعتبر أنها تعكس "فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث في اليمن".

واستنكر الأمين العام تعرّض الوزير اللبناني للمملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العربي في اليمن، ودولة الإمارات، "في الوقت الذي يعمل التحالف العربي لدعم الشرعية على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح".

وطالب الحجرف، قرداحي، بالرجوع إلى "الحقائق التاريخية وقراءة تسلسلها ليتضح له حجم الدعم الكبير الذي تقدمه دول التحالف العربي للشعب اليمني، بهدف الوصول إلى حل شامل للأزمة، وفقاً للمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216".

وأبدى أمين مجلس التعاون استنكاره لتجاهل قرداحي لـ"تعنت الحوثيين ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الأزمة اليمنية، بينما تستهدف جماعة الحوثي المملكة العربية السعودية بالصواريخ والمسيرات، إلى جانب استهداف أبناء الشعب اليمني، كما تمنع وصول المساعدات الإغاثية للمناطق المنكوبة"، مطالباً قرداحي بالاعتذار، ودعا الدولة اللبنانية إلى توضيح موقفها تجاه تلك التصريحات.

لبنان يرفض التصريحات

وأثارت تصريحات قرداحي موجة من ردود الفعل اللبنانية الرافضة، إذ أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، في بيان، أن تصريحات قرداحي، "كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقاً، وبخاصة في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديداً الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي".

وأضاف أن "لبنان متمسك بروابط الأخوة مع الدول العربية الشقيقة والمحددة في شكل واضح في البيان الوزاري للحكومة التي ينطق باسمها، ويعبر عن سياستها وثوابتها رئيس الحكومة والحكومة مجتمعة".

واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، في بيان، أن تصريحات قرداحي لا تعكس موقف الحكومة، وأكدت أن الوزارة أدانت مراراً "الهجمات الإرهابية التي استهدفت المملكة العربية السعودية، وهي ما زالت على موقفها في المدافعة عن أمن وسلامة أشقائها الخليجيين الذين تكن لهم كل محبة واحترام وتقدير، وتنأى عن التدخل في سياساتهم الداخلية والخارجية".

قرداحي: لا أقصد الإساءة

في المقابل، أصدر قرداحي بياناً بشأن المقابلة، وقال إنه أجراها قبل شهر من توليه منصبه كوزير للإعلام في لبنان، معتبراً أنه "لم يقصد ولا بأي شكلٍ من الأشكال، الإساءة إلى المملكة العربية السعودية أو الإمارات، اللتين أكن لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء".

وقال إن بعض وسائل الإعلام ركّزت على تصريحاته بشأن اليمن، وأضاف أن هناك "جهات تقف وراء هذه الحملة(..) وهي جهات معروفة تتهمني بقمع الإعلام"، دون أن يوضح تلك الجهات.

كما لفت بعد اجتماع المجلس الوطني للإعلام، إلى أن البرنامج سجّل في 5 سبتمبر الماضي، أي قبل تعيينه وزيراً للإعلام، مضيفاً "ما قلته سواء بالنسبة لفلسطين ولبنان والخليج وحرب اليمن لا يلزم الحكومة بشيء لأنني لم أكون عضواً (فيها). هذه أرائي الشخصية".

وتابع: "بعد أن أصبحت وزيراً أنا ملتزم ببيانها الوزاري وسياسة الحكومة".

وبيّن أن ما قاله عن اليمن، لم يكن "طرفاً فيه وقلته كصديق ورجل ضنين (حريص) على عودة السل بين بلدين عربيين. أنا ضد الحروب العربية العربية". وتابع: "قلت أن الحرب في اليمن أصبحت حرباً عبثية. وحان الوقت لأن تتوقف".

وأضاف: "من يريد تصوير موقفي على أنه معاد، فهذا الأمر مرفوض، ولا مرة هاجمت السعودية. ولا مرة شتمت أو تهجّمت عليها. وأنا لا أنكر جميل الـ mbc التي عملت فيها. الإمارات بلدي الثاني، وتحدثت بإيجابية عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان".

وقال: "أرائي بعضها معارض وأكثرها مسالم ومؤيد".

وتابع: "ربما كلامي أثار اللغط وشكل إحراجاً للرئيس ميشال عون أو (رئيس الحكومة نجيب) ميقاتي، لذلك عندما يطالبني أحدهم باستقالة فأقول لهم: أنا الآن جزء من حكومة متراصة، ولا يمكن أن آخذ قراراً وحدي، إنما مع الحكومة مجتمعة على رغم أنني لست أسعى لموقع".

وقال: "لم أخطئ بحق أحد كي أعتذر. ولا يجوز أن يملي علينا أحد ما يجب القيام، أو من يجب أن يستقيل، ألسنا في دولة لها سيادتها؟".

رد الحكومة اليمنية

ردود الفعل لم تقتصر على الجانب اللبناني، إذ استنكرت الحكومة اليمنية تصريحات قرداحي، وقال أحمد بن مبارك وزير الخارجية اليمني عبر حسابه على "تويتر"، إنه وجّه السفير اليمني لدى بيروت، بتسليم الخارجية اللبنانية رسالة استنكار على التصريحات الصادرة عن وزير الإعلام اللبناني.

واعتبر بن مبارك هذه التصريحات "خروجاً عن الموقف اللبناني الواضح تجاه اليمن وإدانته للانقلاب الحوثي ودعمه لكافة القرارات العربية والأممية ذات الصلة".

من جهته، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إن تصريحات قرداحي "تعكس جهلاً فاضحاً بالشأن اليمني، وانحيازاً أعمى لميليشيا الحوثي الإرهابية، وتجاهلاً لدور نظام إيران وأجندته التوسعية باليمن والمنطقة، في إدارة الانقلاب وتفجير الحرب وتقويض جهود التهدئة ووقف إطلاق النار وإحلال السلام".

وأضاف على تويتر، أن تصريحات وزير الإعلام اللبناني "انتهاك سافر لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية الذي يحرص عليه اليمن في تعامله مع دول العالم، لا سيما العربية ولبنان على وجه الخصوص"، وأنها "تتعارض ونداءات المجتمع الدولي، وآخرها البيان الصادر عن مجلس الأمن بشأن دعوة ميليشيا الحوثي لوقف إطلاق النار من دون قيد أو شرط".

مبادرة سعودية لإنهاء الحرب

وكانت المملكة العربية السعودية، أعلنت في مارس الماضي، مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن بين الحكومة والحوثيين، تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آنذاك، إن المبادرة تهدف للتوصل إلى حل سياسي شامل، وتتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع عائدات الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني في الحديدة، وفقاً لاتفاق ستوكهولم.

وتشمل المبادرة إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام عدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، والبدء بالمشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2216.

مجلس الأمن يندد بالهجمات الحوثية

ونددت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، بهجمات الحوثيين الحدودية على السعودية، وطالبت بوقف التصعيد، خصوصاً في مأرب. وجدد المجلس في بيانه، دعمه الثابت للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانز جروندبرج، متوقعاً أن يلتقي طرفا النزاع "بحُسن نية ومن دون شروط مسبقة".

وشدد البيان على "ضرورة وقف التصعيد من قبل الجميع، بما في ذلك الوقف الفوري لتصعيد الحوثيين في مأرب"، وأدان تجنيد الأطفال واستخدامهم في الصراع.

وطالب أعضاء مجلس الأمن بـ"وقف فوري لإطلاق النار على الصعيد الوطني، وفقاً للقرار الرقم 2565 لعام 2021"، داعين إلى "حل الخلافات من خلال الحوار الشامل ورفض العنف لتحقيق أهداف سياسية"، كما رحبوا بإعلان المبادرة السعودية في 22 مارس الماضي.