عززت الهند دفاعاتها على طول حدودها الفاصلة بين أروناتشال براديش والتبت، وهي منطقة توتر شديد مع الصين، تحسباً لتجدد الاشتباكات التي وقعت قبل عام، في منطقة لاداخ، وأسفرت عن سقوط 20 ضحية على الأقل في صفوف الجنود الهنود، وأربعة من الجانب الصيني.
يبدو الطريق المتعرج على مشارف الحدود الهندية مع التبت في جبال الهيمالايا، أقرب إلى لوحة بانورامية مع الأنهار والبحيرات الهادئة، لكن يمكن أيضاً رؤية براميل مدفعية ومنشآت عسكرية في أماكن عدة.
احتلت الصين لفترة وجيزة ولاية أروناتشال براديش الهندية، التي تطالب بكين بالسيادة عليها، معتبرة أنها أرض من جنوب التبت، في مارس 1959، خلال نزاع دموي قصير.
مستوطنات صينية
كان الزعيم البوذي الدالاي لاما، لجأ إلى هذه الولاية، بعد فشل انتفاضة ضد الحكم الصيني في موطنه التبت، قبل أن يستقر لاحقاً في دارامسالا في ولاية هيماشال براديش الهندية، حيث لا يزال يقيم.
ترسل الدولتان النوويتان المتنافستان دوريات بانتظام، إلى المناطق التي تطالب بها الأخرى أو تسيطر عليها. تتهم الهند من جانب آخر، الصين بإقامة مستوطنات دائمة قريبة من حدودهما المشتركة.
وقال الجنرال مانوج باندي، للصحافيين خلال زيارة صحافية نادرة للمنطقة الشهر الماضي "لاحظنا تطوير البنية التحتية على الجانب الصيني". وأضاف "لقد أدى ذلك إلى عدد (أكبر) من القوات الموجودة الآن هناك".
وردَّت نيودلهي بتعزيز انتشارها العسكري في أروناتشال براديش، ونشرت فيها صواريخ كروز ومدافع هاون ومروحيات نقل من طراز شينوك من صنع أميركي، وطائرات بدون طيار مصنعة في إسرائيل.
"جغرافيا معادية"
يشرح ضباط المنطقة أن صدامات السنة الماضية أظهرت الحاجة الملحة لتعزيز الدفاع على الحدود، بعد مناقشات غير مثمرة مع بكين بهدف تخفيف الانتشار من الجانبين.
غالباً ما تنخفض درجات الحرارة حول تاوانج، وهي قرية استراتيجية معزولة وتعد بين الأقرب إلى التبت، إلى ما دون الصفر ويصبح الأكسجين عند هذا الارتفاع قليلاً. ويمكن أن تُعزل المواقع العسكرية المتقدمة عن العالم الخارجي لأسابيع كاملة خلال الشتاء.
وقال أحد ضباط الجيش الهندي لوكالة "فرانس برس"، إن "جغرافيا المنطقة غير ملائمة للبشر، وهذا قد يكون قاتلاً إذا لم يكن الأشخاص مدربين أو متأقلمين أو في صحة جيدة".
يقوم مهندسو الجيش ببناء نفق ضخم على ارتفاع 4 آلاف متر فوق مستوى البحر، ويفترض أن يدشَن السنة المقبلة، لكي يربط المنطقة بمناطق واقعة إلى الجنوب بهدف توسيع نطاق منطقة الجنود.
وأوضح الكولونيل باريكشيت مهرا مدير المشروع، أن "مثل هذه الأنفاق ستتيح تأمين اتصال طوال الوقت للسكان والقوات الأمنية المنتشرة في تاوانج".
هناك مشروع مماثل قيد الإنشاء في لاداخ تحت التضاريس الصخرية لممر زوجيلا، سيتيح للقوات التعبئة بسرعة على الحدود من الحامية الهندية الضخمة في كشمير.
الدالاي لاما
ويطل تمثال بوذا على المنازل في تاوانج، والتي بنيت على هضبة وأغلبية سكانها بوذيون، على غرار سكان كل المنطقة.
ويعبر السكان المحليون عن سعادتهم بالاهتمام الذي توليه نيودلهي لهم، ويشعرون بالقلق إزاء مخاطر حصول المزيد من التوغلات الصينية، والجهود التي تبذلها بكين للقضاء على البوذية على هذا الجانب من الحدود.
ولم تُخفِ الحكومة الصينية نيتها تعيين خليفة للدالاي لاما البالغ من العمر 86 عاماً، الزعيم الروحي للبوذيين في التبت.
وقال دونداب جيالتسن تاجر الأحذية في سوق تاوانج الرئيسي "نشارك ثقافتنا مع التبت، لكن الصين اليوم تغير البوذية وفقاً لنزواتها".
ويعبر الصيدلي مونبا جولانج عن رغبته في أن تعارض الهند بشدة "تكتيكات الضغط الصينية". وقال الرجل البالغ من العمر 75 عاماً "حكومتنا يجب أن تقول بوضوح إن أي بوذي لن يقبل بأن تفرض الصين شيئاً ما بعد الدالاي لاما"، مضيفاً "قد يبدو إنساناً لكنه إلهنا"، على حد وصفه.
اقرأ أيضاً: