وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، في البيت الأبيض قانون خطّته الضخمة للبنى التحتية، التي تُعدّ أكبر مشروع استثماري من نوعه في الولايات المتحدة منذ أكثر من 50 عاماً، وذلك بعدما نال دعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ورصدت الخطة 1.2 تريليون دولار لإصلاح جسور وطرق وتحديث شبكات المياه، وبناء شبكة لشحن بطاريات السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية، وتوسيع شبكة الإنترنت، وهي أكبر استثمار حكومي من نوعه منذ بناء شبكة الطرق السريعة في خمسينيات القرن الماضي.
وقال بايدن، خلال حفل أقيم في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، حضره مئات المدعوين بينهم معارضون جمهوريون: "لقد استمعنا إلى خطابات لا تُعدّ ولا تحصى... لكنّنا اليوم ننجز الأمر أخيراً"، وذلك بعد 10 أيام على إقرار الخطة في الكونجرس.
وأضاف بايدن: "رفاقي الأميركيين، اليوم أريدكم أن تعرفوا أننا نسمعكم ونراكم. مشروع القانون الذي أنا على وشك التوقيع عليه، هو دليل على أنه على الرغم من المتشككين، يمكن للديمقراطيين والجمهوريين أن يجتمعوا ويحققوا نتائج".
وأوضح أنه بتوقيع القانون "نتخذ خطوة هائلة للأمام من أجل إعادة البناء بشكل أفضل كأمة"، في إشارة للشعار الذي اتخذه بايدن لخطته منذ طرحها عقب توليه الرئاسة في يناير الماضي، وهو "إعادة البناء بشكل أفضل".
ونقلت شبكة "إيه بي سي" الأميركية عن بايدن قوله "لقد تحدثنا لفترة طويلة جداً عن امتلاك أفضل اقتصاد في العالم. لقد تحدثنا عن تأكيد القيادة الأميركية حول العالم بأفضل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات وأكثرها أماناً. هنا في واشنطن سمعنا عدداً لا يحصى من الخطب والوعود والأوراق البيضاء من الخبراء لكن اليوم نحن أخيراً ننجزه".
وتوجه الرئيس الأميركي لشعبه بالقول "رسالتي للشعب الأميركي هي: أميركا تتحرك مرة أخرى. وستتغير حياتك للأفضل".
وكتب بايدن على حسابه بموقع تويتر: "هذا استثمار تاريخي في مستقبلنا، سيخلق وظائف ذات رواتب جيدة ويعيد بناء البنية التحتية لأمتنا. إنه فوز هائل للشعب الأميركي".
وانضم بعض الجمهوريين في الكونجرس إلى الديمقراطيين في البيت الأبيض في حفل التوقيع. وتواجه المجموعة الجمهورية التي صوتت لمصلحة المشروع انتقادات شديدة، وفي بعض الحالات تهديدات بالقتل، لدعم حزمة البنية التحتية، بحسب شبكة "ايه بي سي". وانتقد الرئيس السابق دونالد ترمب الجمهوريين الثلاثة عشر الذين صوتوا لمصلحة النص في مجلس النواب.
وقال السيناتور الجمهوري روب بورتمان، الذي قاد مفاوضات التوصل للاتفاق عن الجمهوريين: "يريد الشعب الأميركي رؤيتنا نجتمع معاً".
وأضاف بورتمان: "إنهم يعلمون أنه على الرغم من خلافاتنا ، يجب أن نكون قادرين على حلها والعمل معاً لحل المشاكل الكبيرة. يمكننا أن نبدأ بالاعتراف بأن إيجاد أرضية مشتركة لتعزيز مصالح الشعب الأميركي يجب أن يكافأ لا مهاجمته".
"حفل أكبر من المعتاد"
وبمناسبة التوقيع على القانون، قرر الرئيس الديمقراطي إقامة حفل بحجم أكبر من المعتاد في حدائق البيت الأبيض.
وأشارت وكالة "فرانس برس" إلى أن بايدن يرغب في تسليط الضوء على المشرّعين الذين عملوا على قانونه، والاحتفال بنص تجاوز الانقسامات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري التي تفاقمت في ولاية سلفه دونالد ترامب.
ولفتت الوكالة إلى تراجع ثقة الأميركيين في رئيسهم، منذ الانسحاب الفوضوي من أفغانستان الصيف الماضي.
وقدر أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وتلفزيون "إيه بي سي" وصدر الأحد، ثقة الأميركيين في الرئيس عند 41%، كما جاء فيه أن 39% فقط من الأميركيين يوافقون على سياسته الاقتصادية، و70% منهم يعتبرون أن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة سيئ.
ورغم عودة الزخم الاقتصادي في الولايات المتحدة، إلا أن البلاد تعاني من ارتفاع التضخم ومشاكل في شبكات الإمداد، كما لم يحقق البيت الأبيض بعد تعهده بطي صفحة الوباء بالكامل، وفق "فرانس برس".
ويقلق التراجع المتزايد في التأييد الشعبي المعسكر الديموقراطي قبل عام واحد من الانتخابات التشريعية النصفيّة، التي قد تتسبب في خسارته أغلبيته البرلمانية الضيّقة.
خطة الإنفاق الاجتماعي
كما يعقّد ارتفاع الأسعار المشروع الكبير الثاني للرئيس الأميركي، وهو خطة الإنفاق الاجتماعي ودعم التحول في مجال الطاقة التي تبلغ قيمتها 1750 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينظر فيها مجلس النواب هذا الأسبوع قبل أن يصوت عليها مجلس الشيوخ.
سيتطلب إقرارها إقناع عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية فرجينيا الغربية جو مانشين، القلِق من إفراط البيت الأبيض في الإنفاق، ما سيزيد بحسب رأيه العجز والتضخم.
يعني ذلك أن توقيع قانون البنية التحتية لن يكون نقطة نهاية، بقدر ما سيكون بداية حملة اتصالات واسعة النطاق للبيت الأبيض.
سيقوم بايدن بجولة للترويج لمزايا الخطّة في ولاية نيو هامشير، الثلاثاء، ثم في مدينة ديترويت الصناعية الكبيرة الأربعاء.