حثت الولايات المتحدة، الاثنين، رعاياها مجدداً على مغادرة إثيوبيا، التي تشهد نزاعاً مدمراً على الفور، محذّرة من "عدم وجود عملية إجلاء على غرار تلك التي نُفّذت في أفغانستان".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان: "ما نقوم به ليس سببه التشاؤم إزاء آفاق السلام، بل لأنّنا عمليّون"، معرباً عن خشيته من أن يسود "اعتقاد خاطئ" بأن ما جرى في أفغانستان من عمليات إجلاء "يمكن للحكومة الأميركية فعله في أيّ مكان وفي كلّ مكان في العالم".
وأضاف: "ما فعلناه في أفغانستان كان فريداً من نوعه"، لكنّه أشار إلى أنّ "إقامة جسر جوي عسكري لنحو 125 ألف شخص، ليس بأمر يمكن للحكومة الأميركية تكراره في أيّ مكان آخر".
وتابع "ليس هناك ما يدعو الأميركيين إلى الانتظار حتى اللحظة الأخيرة، لمغادرة إثيوبيا عبر الرحلات الجوية التجارية".
تسهيلات أميركية
ومنذ أيام، تدعو سفارة الولايات المتحدة في أديس أبابا الرعايا الأميركيين إلى "حجز تذاكر على متن الرحلات الجوية التجارية للخروج من البلاد، حيث لم يعد المتمردون يستبعدون الزحف إلى العاصمة"، كما تعرض تقديم قروض لمن يتعذّر عليهم شراء التذاكر.
وكانت واشنطن أرسلت آلاف الجنود إلى مطار كابول في منتصف أغسطس الماضي، حين استولت حركة "طالبان" على السلطة في أفغانستان قبل استكمال الجيش الأميركي انسحابه من البلاد، وذلك لتنفيذ عملية إجلاء طارئة.
وخلال أسبوعين ونصّف وبمساعدة حلفائه، تمكّن الجيش الأميركي من إقامة جسر جوي وإجلاء أكثر من 123 ألف شخص بين أميركيين وأجانب، وآلاف الأفغان المتخوّفين من انتقام طالبان، خصوصاً أولئك الذين تعاونوا مع دول غربية في الماضي.
لكنّ إدارة بايدن تعرّضت لانتقادات حادة لإخفاقها في التخطيط بشكل أفضل لعملية الإجلاء، ولتركها عدداً من الأميركيين في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية.
وفتحت وزارة الخارجية تحقيقاً داخلياً لتبيان كيف كان يمكن تنظيم عملية الإجلاء بشكل أفضل وأكثر استباقية.
جولة إفريقية
ووفقاً لموقع "أكسيوس"، فإنه من المقرر أن يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين الثلاثاء إلى كينيا، حيث يلتقي في نيروبي، الرئيس أوهورو كينياتا، الذي عاد لتوه من أديس ابابا، ودعا إلى وقف القتال.
وفي رحلته، التي ستتضمن أيضاً نيجيريا والسنغال، سيلقي بلينكن خطاباً يوضح فيه نهج إدارة بلاده تجاه إفريقيا. وكان بلينكن حذر من أن الحرب الأهلية المطولة "قد تؤدي إلى انهيار إثيوبيا، وتنتقل إلى دول أخرى في المنطقة".
إذ اتهمت الولايات المتحدة حكومة آبي أحمد بمنع المساعدات عن إقليم تيجراي، على الرغم من تفاقم الأزمة الإنسانية وخطر حدوث مجاعة جماعية هناك.
ويقود مبعوث الاتحاد الإفريقي، أولوسيجون أوباسانجو، رئيس نيجيريا السابق، حملة وقف إطلاق النار، لكن في الوقت الحالي، لا يبدو وقف إطلاق النار أو سقوط أديس أبابا وشيكاً.
وتحتل القارة الإفريقية مركزاً متأخراً في قائمة أولويات الإدارة الأميركية حتى الآن، بعد الأزمات التي اجتاحت كلاً من إثيوبيا والسودان.
اعتقالات
ووفقاً لوكالة "أسوشيتيد برس" فإنه تم بالفعل اعتقال الآلاف من سكان تيجراي، وسط مخاوف من وقوع المزيد من هذه الاعتقالات، حيث أمرت السلطات أصحاب العقارات بتسجيل هويات المستأجرين لدى الشرطة.
وفي هذه الأثناء، شوهد رجال مسلحون بالعصي في بعض الشوارع، بينما كانت مجموعات متطوعة تبحث عن سكان تيجراي للإبلاغ عنهم.
وقالت الحكومة الإثيوبية إنها "تحتجز أشخاصاً يشتبه في دعمهم لقوات تيجراي الذين يقتربون من أديس أبابا"، بعد حرب استمرت لمدة عام مع القوات الإثيوبية اندلعت بسبب خلاف سياسي.
لكن جماعات حقوقية ولجنة حقوق الإنسان الإثيوبية التي أنشأتها الحكومة، أشارت إلى أن الاعتقالات، بما في ذلك الأطفال وكبار السن، تبدو على أساس العرق.
ولفتت الوكالة إلى أن أميركيين وبريطانيين تعرضوا للاعتقالات الجماعية في إثيوبيا، في ظل حالة الطوارئ الجديدة التي تشهدها البلاد.
ويشعر الخبراء بـ "القلق" من أنه في حال استمرار قوات تيجراي في التقدم، فمن المحتمل أن ترتفع حالات القمع والعنف الجماعي ضد المدنيين في جميع أنحاء البلاد.
وبعد مرور عام واحد من بدء رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد هجوماً لإسقاط القادة الإقليميين في تيجراي، الذين تمردوا ضد الحكومة الفيدرالية، "يتقدم المتمردون الآن، وقد تتعرض العاصمة للتهديد".
وتحالفت "جبهة تحرير شعب تيجراي"، التي كانت تسيطر على الحكومة الإثيوبية قبل أن تتعرض للتهميش من قبل آبي في عام 2018، مع "جيش تحرير أورومو" تحت راية تقرير المصير العرقي، ما يتعارض مع رؤية رئيس الوزراء الإثيوبي للدولة المركزية القوية.
ويزعم المتمردون أنهم تقدموا لمسافة 200 ميل من أديس أبابا، في حين أعلن أبي حالة الطوارئ هذا الشهر، وحث المواطنين على حمل السلاح "إذا لزم الأمر".