أقرَّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الأربعاء، بارتكاب "خطأ"، وذلك في مواجهة عاصفة تنديد بالبرلمان بشأن فضيحة تطاله منذ أسبوعين بشأن أنشطة ترويج يمارسها نواب محافظون، لكنه أخذ على المعارضة "هجماتها المتواصلة" بشأن الفساد.
وأجاب رئيس الحكومة المحافظ مطولاً بعد الظهر على أسئلة رؤساء اللجان البرلمانية الرئيسية، خلال جلسة عادية تعقد 3 مرات في السنة، غير أنها تتخذ اليوم أهمية خاصة، في ظل المعلومات التي يتم كشفها بشكل متواصل، منذ محاولة جونسون للتدخل لتفادي فرض عقوبات على نائب محافظ متهم في قضية أنشطة ترويج.
وبدأت المواجهة في منتصف النهار خلال جلسة المساءلة الأسبوعية أمام النواب، التي تدخَّل فيها رئيس مجلس العموم بحدة طالباً من جونسون الانضباط.
وأمام اتهامات المعارضة له بأنه "جبان"، أقرَّ جونسون بأنه ارتكب "خطأ"، إذ أراد أن "يخلط بين حالة فردية" وإرادة الحكومة في تعديل القواعد التأديبية للنواب.
لكنه ذكر أن المملكة المتحدة "من الديموقراطيات الأكثر نظافة في العالم". وقال إن "هذه الهجمات المتواصلة بشأن مستويات الفساد والمحسوبية في المملكة المتحدة لا تخدم إطلاقاً مليارات الأشخاص في العالم الذين يعانون فعلياً من حكومات فاسدة".
لكن زعيم حزب العمال كير ستارمر، رد بالقول "حين يسيء أحد التصرف في حزبي أستبعده. حين يسيء أحد التصرف في حزبه (المحافظين)، يحاول إنقاذه من الورطة"، مطالباً باعتذارات.
"انتهاك صارخ"
وعشية جلسة الاستماع اقترح جونسون تعديل مدونة السلوك البرلمانية، لمنع النواب من تقاضي أجور عن عملهم كمستشارين سياسيين أو في الترويج، وفق صيغة مبهمة أثارت شكوكاً بشأن المدى الفعلي لمثل هذا الإجراء.
كذلك، طرح التثبت من أن أي أنشطة موازية يزاولها أي نائب لا تعيق مهامه البرلمانية. وطرحت هذه الاقتراحات بعد كشف العديد من القضايا بشأن أنشطة ترويج أو وظائف ثانوية عالية الدخل يزاولها نواب محافظون رغم ولايتهم البرلمانية.
وعلى أمل سحب البساط من تحت أقدام المعارضة، نشر رئيس الوزراء البريطاني اقتراحه على تويتر، بينما كان كير ستارمر يتحدث عن الأمر، متحدياً جونسون أن يأمر بإجراء "تحقيق مستقل" إذا كان يريد فعلاً "اجتثاث الفساد".
ونجمت هذه القضية عن تحقيق برلماني، خلص إلى أن النائب المحافظ أوين باترسون ضغط مراراً وتكراراَ على أعضاء في الحكومة، للدفاع عن شركتين كان يعمل فيهما كمستشار مدفوع الأجر.
واعتبرت اللجنة ذلك انتهاكاً "صارخاً" للقواعد المنظمة لمجموعات الضغط، وأوصت بتعليق مهامه لمدة 30 يوماً.
وعندما تخلت الحكومة عن تغيير القواعد لتجنيبه العواقب، استقال باترسون من منصبه النيابي.
ويواجه جونسون نفسه أسئلة بشأن إجازة فاخرة أمضاها في الخارج، أو أشغال تجديد مكلفة لشقته الرسمية، وروابط خطيرة لحكومته مع أوساط الأعمال، ولا سيما في منح عقود لشركات خاصة في ظل أزمة وباء كوفيد-19.
وبعد أسبوع من اندلاع القضية، وجد جونسون نفسه مضطراً لتوضيح الأمور خلال مؤتمر صحافي على هامش مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب 26" في جلاسكو باسكتلندا، والتأكيد على أن المملكة المتحدة "ليست دولة فاسدة ".
من جهتها، دققت وسائل الإعلام بشأن النواب فكشفت معلومات كثيرة عن أنشطة يزاولونها بموازاة عملهم البرلماني، وغالباً ما يتقاضون مبالغ طائلة عنها.
وفي هذا السياق وجد المدعي العام السابق المكلف بتقديم المشورة القانونية للحكومة جيفري كوكس نفسه وسط فضيحة، بسبب أنشطته الاستشارية المربحة في ملاذ ضريبي هو فيرجن آيلاند البريطانية.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" أن كوكس عمل على بعد حوالى 6 آلاف كيلومتر من دائرته الانتخابية وصوت في البرلمان. لكنه نفى بشدة أن يكون خالف القواعد.
وقبل التصويت على هذا الموضوع خلال النهار، أبدى عدة نواب معارضتهم لحظر تام للأنشطة والوظائف الثانوية، وهو ما يعارضه جونسون، باعتبار أن البرلمان أيضاً يستفيد من هذه الأنشطة الخارجية.