انتخابات الجزائر المحلية.. ثالث محطة لتبون لتكريس طي صفحة بوتفليقة

سيدة تحصل على بطاقة اقتراع أثناء التصويت في الانتخابات المحلية الجزائرية في مركز اقتراع بالعاصمة الجزائر - 27 نوفمبر 2021 - AFP
سيدة تحصل على بطاقة اقتراع أثناء التصويت في الانتخابات المحلية الجزائرية في مركز اقتراع بالعاصمة الجزائر - 27 نوفمبر 2021 - AFP
الجزائر -أ ف ب

أدلي الناخبون الجزائريون السبت، بأصواتهم في انتخابات محلية لتجديد المجالس البلدية والولائية، تشكل مرحلة مهمة للرئيس عبد المجيد تبون لطي صفحة حكم الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

وفتحت مكاتب الاقتراع في الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (07,00 بتوقيت جرينتش) كما في مدرسة باستور المتوسطة بوسط العاصمة الجزائرية، بحسب مراسل وكالة "فرنس برس". على أن تغلق في السابعة مساء (18,00 بتوقيت جرينتش) كما ينص على ذلك القانون.

وأدلى الرئيس تبون بصوته برفقة زوجته في مركز انتخاب مدرسة أحمد عُروة بسطاوالي بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، بحسب صور عرضها التلفزيون الحكومي.

وبخصوص نسبة المشاركة عبر عن تفاؤله بارتفاع نسبة المشاركة مقارنة بالانتخابات النيابية. وقال: "أعتقد أن نسبة المشاركة ستكون أكبر في الانتخابات المحلية، لكن)الهدف هو الوصول إلى مؤسسات شرعية بأتم معنى الكلمة، وهو ما وصلنا إليه فلا أحد يمكنه القول إنه تم تغيير نتائج انتخابات المجلس الشعبي الوطني. وهذا هدف وصلنا إليه".

وبلغت نسبة المشاركة في الساعة 13:00 (12:00 بتوقيت جرينتش) 13,30% للتصويت على المجالس البلدية و12,70% في التصويت على مجالس الولايات، بحسب ما أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي.

وأوضح شرفي أنه بالمقارنة مع الانتخابات التشريعية فقد كانت نسبة المشاركة في نفس التوقيت 10,02%.

حملة فاترة

واتسمت الحملة الانتخابية التي دامت ثلاثة أسابيع بالفتور في العاصمة كما في المناطق الأخرى. وعلقت بعض الملصقات وعقدت تجمعات داخل قاعات مغلقة، ولم ينشط كثيراً المرشحون لشغل مناصب في مجالس 1541 بلدية و58 ولاية.

وتقدم لانتخابات مجالس البلديات 115,230 مرشحاً، بمعدل 4 مرشحين عن كل مقعد، بينما ترشح للمجالس الولائية 18910 أشخاص، أي 8 مرشحين عن كل مقعد. ولا تمثل النساء سوى 15% من المرشحين، بحسب إحصاءات السلطة الوطنية للانتخابات.

ولحض الجزائريين على التصويت، قامت السلطات بحملة دعائية واسعة عبر المساحات الإعلانية في المدن ووسائل الإعلام تحت شعار "تريد التغيير، ابصم وأتمم البناء المؤسساتي".

وهذه ثالث انتخابات تجري في عهد تبون الذي تعهد بتغيير كل المؤسسات الدستورية الموروثة عن 20 عاماً من حكم عبد العزيز بوتفليقة الذي دفعه حراك شعبي بدأ في فبراير 2019 إلى الاستقالة. وتوفي في 17 سبتمبر 2021. 

وانتُخب تبون في ديسمبر 2019 بنسبة 58% من أصوات الناخبين، وبمشاركة لم تتعد 40%.

وفي مرحلة أولى، أجرى استفتاء على تعديل الدستور في نوفمبر 2020 صوت عليه فقط 23,7% من الناخبين من أكثر من 23 مليون ناخب.

وفي 12 يونيو، جرت انتخابات تشريعية مبكرة شهدت نسبة امتناع عن التصويت هي الأكبر في تاريخ الانتخابات الجزائرية، إذ لم ينتخب سوى 23%.

لكن يتوقع أن تجذب المحطة الانتخابية الثالثة عدداً أكبر من الناخبين.

الحراك والتغيير

وشدد تبون على أهمية مصداقية الانتخابات ونزاهتها، واستجابتها للتغيير الذي طالب به الحراك الشعبي.

وتقول أستاذة العلوم السياسية نبيلة بن يحيى لوكالة "فرانس برس": "تتميز هذه الانتخابات عن التشريعية بالعلاقة المباشرة مع المواطن وانشغالاته"، وتضيف "أعتقد أن الانتخابات المحلية هي التي تُقَيِّم أداء بناء الثقة بين المواطن والسلطات".

وبرأي المحلل السياسي محمد هنّاد: "تدَّعي السلطة أنها تريد التغيير استجابة للحراك، لكنها لم تأخذ من هذا الأخير إلا كلمة التغيير من دون مدلول، ولم تشرك القوى السياسية في مشروع الإصلاح السياسي إلا شكلياً".

ولعل مشاركة منطقة القبائل التي قاطعت الانتخابات الرئاسية ثم الاستفتاء والانتخابات التشريعية ، في الانتخابات المحلية، قد يرفع نسبة التصويت.

فقد قرّر حزب جبهة القوى الاشتراكية، وهو أقدم حزب معارض، تقديم مرشحين عنه في هذه المنطقة للدفاع عن الأغلبية التي يملكها في المجالس المحلية في ولايتي تيزي وزو وبجاية، أكبر مدينتين في المنطقة الواقعة في شمال شرق البلاد.

كما يشارك مرشحون أحرار، بعضهم قياديون سابقون في حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية (علماني ليبرالي)، ثاني أكبر حزب في المنطقة، وقاطع كل الاقتراعات منذ بداية الحراك.

الرهان الحقيقي

وخلال ساعتين من التصويت فاقت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات ما تم تسجيله (أقل من 1%) في الانتخابات التشريعية في بجاية وتيزي وزو.

وبحسب شرفي، فقد سجلت ولاية تيزي وزو نسبة مشاركة من 2,43% في الانتخابات البلدية و1,94% في الانتخابات الولائية. أما في بجاية فكانت 2,42% و 1,90%.

لكن رهان المشاركة القوية ليس الرهان الحقيقي بالنسبة لأستاذ الإعلام بجامعة الجزائر رضوان بوجمعة، خصوصاً بعد أن قررت الحكومة التراجع عن الدعم المباشر والعام للمواد الاستهلاكية الأساسية وتحويله إلى إعانات نقدية لصالح المحتاجين فقط.

ويقول بوجمعة: "الرهانات الحقيقية تتعلق بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة العام القادم، وانهيار القدرة الشرائية التي تنذر باتساع الاحتجاجات النقابية، خصوصاً أن مؤشرات عديدة تدل على أن السلطة لا تملك لا الرؤية ولا الاستراتيجية لإيجاد إجابات لعمق الازمة".

اقرأ أيضاً: