يواجه الكونجرس الأميركي ضغطاً مزدوجاً من قبل إدارة الرئيس جو بايدن وألمانيا، من أجل عدم فرض عقوبات على خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، الذي تُتهم روسيا باستخدامه كسلاح ويعزز مخاوف جارتها أوكرانيا.
وقال موقع "أكسيوس" الأميركي، مستنداً إلى وثيقة سرية حصل عليها، إن الحكومة الألمانية حضّت أعضاء الكونجرس على عدم فرض عقوبات على "نورد ستريم 2"، بحجة أن القيام بذلك "سيضعف" صدقية الولايات المتحدة و"يضر بالوحدة عبر الأطلسي".
وقال "أكسيوس" إن مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة بايدن يضغطون أيضاً على الديمقراطيين في الكونجرس من أجل عدم دعم العقوبات، لتجنب توتر العلاقات مع ألمانيا.
"لا يهدد أوكرانيا"
وكشف "أكسيوس" أن السفارة الألمانية في واشنطن قدّمت للكونجرس ورقة سرية مؤرخة في 19 نوفمبر، تزعم أن "نورد ستريم 2 لا يمثل حالياً أي تهديد لأوكرانيا"، طالما أن مرور الغاز بشكل معقول "مضمون".
وتنظر أوكرانيا إلى "نورد ستريم 2" باعتباره تهديداً وجودياً لأمنها، كونه سيتحايل على بنيتها التحتية للترانزيت، ويوصل الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا، ما يؤدي إلى "حرق" أحد آخر أوراق الردع التي تمتلكها ضد الغزو الروسي، وهو ما يعززه قيام روسيا أخيراً بحشد قرابة 100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا.
العقوبات "انتصار لبوتين"
كذلك تشير الوثيقة الألمانية إلى أن فرض عقوبات محتملة على خط الأنابيب يمثل "انتصاراً لبوتين (الرئيس الروسي)" لأنه سيؤدي إلى انقسام الحلفاء الغربيين.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن تراجع عن فرض العقوبات على خط الأنابيب رغم أنه يعارضه، وذلك "تجنباً لخسارة حليف رئيسي للولايات المتحدة (ألمانيا) بسبب مشروع أوشك فعلياً على الانتهاء.
وتنازل بايدن عن العقوبات بعدما تعهدت ألمانيا في اتفاق وقعته المستشارة أنجيلا ميركل مع بايدن، في يوليو الماضي، بـ"اتخاذ بعض الإجراءات" مثل الدفع باتجاه فرض عقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي، في حال "استخدمت روسيا الطاقة كسلاح" ضد أوكرانيا وأوروبا.
ويرى خبراء أن هذا الاستخدام يحدث بالفعل، إذ أشعلت روسيا أزمة الطاقة في أوروبا، قبل أن تشير إلى إمكان خفض أسعار الغاز عن طريق التعجيل بالمصادقة على مشروع "نورد ستريم 2".
ووفقاً لـ"أكسيوس"، يدفع حالياً أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون غير الراضين عن سياسات إدارة بايدن باتجاه فرض عقوبات جديدة كتعديل على الموازنة السنوية للدفاع، وهو ما يمكن إجراء تصويت عليه في غضون هذا الأسبوع.
إجراءات ألمانية ضد روسيا
وفي محاولة لطمأنة الكونجرس، قدّمت السفارة الألمانية في واشنطن التفاصيل الخاصة بما يمكن أن تكون عليه الإجراءات الانتقامية من روسيا، وذلك في ورقة غير رسمية، وهو ما يجري عادة في المناقشات المغلقة للتعبير عن مواقف سياسية صريحة.
وتحدد الوثيقة الخطوات التي ستتخذها ألمانيا على الصعيد الوطني، بما في ذلك "الرسائل العامة القوية" التي تدين السلوك الروسي، و"درس" تعليق الاجتماعات السياسية المستقبلية، ومراجعة القيود "المحتملة" على مشروعات الوقود الأحفوري الروسية المستقبلية، من دون أن يشمل ذلك "نورد ستريم 2".
وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، ذكرت الوثيقة أن ألمانيا "تشارك بفاعلية في عملية تحديد الخيارات المطروحة لاتخاذ تدابير تقييدية إضافية"، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
ضغط داخلي
ووفقاً لـ"أكسيوس"، يضغط مسؤولون رفيعو المستوى في إدارة بايدن أيضاً على الديمقراطيين في الكونجرس من أجل عدم دعم العقوبات، لتجنب توتر العلاقات مع ألمانيا.
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية لـ"أكسيوس"، إن "مقاربتنا تتجاوز مجرد المحافظة على التحالف، إذ تتعلق بالقيام بما سيكون أكثر فاعلية من أجل حماية أمن الطاقة الأوكراني والمحافظة عليه".
وأضاف: "إننا لا نختار بين المحافظة على العلاقات مع برلين أو الدفاع عن مصالح أوكرانيا، بل نعمل من أجل تحقيق الأمرين بأكثر الطرق فعالية".
أوكرانيا "مصدومة"
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لجأ هذا الشهر إلى "تويتر" لحضّ أعضاء مجلس الشيوخ على دعم فرض العقوبات.
وقال أحد مستشاري زيلينسكي لـ"أكسيوس"، إن أوكرانيا "تشعر بالصدمة والغضب والارتباك" حيال الجهود الألمانية لإنقاذ "أخطر مشروع جيوسياسي" روسي.