قدّرت ثلاثة من أحزاب المعارضة في إقليم تيغراي الإثيبوبي أن أكثر من 50 ألف مدني قُتلوا خلال النزاع المستمر منذ 3 أشهر، وحضّت المجتمع الدولي على التدخل، تحسّباً لـ"كارثة إنسانية".
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن بيان الأحزاب الثلاثة لم يحدّد مصدر هذه التقديرات، مضيفة أن الاتصالات تشكّل تحدياً في غالبية أنحاء الإقليم، ما يُصعّب التحقق من الأمر. ووقّع البيان "حزب استقلال تيغراي" و"المؤتمر الوطني لتيغراي العظمى" و"سالساي وايان تيغراي".
يأتي ذلك، بعد أيام على مطالبة ديبرتسيون جبريميكايل، الزعيم الفارّ لتيغراي، المجتمع الدولي بالتحقيق في "إبادة جماعية" وانتهاكات أخرى، اتهم القوات الحكومية وأخرى من إريتريا بارتكابها في الإقليم.
وحضّ سكان تيغراي على "مواصلة النضال"، متعهداً بالقيام بالأمر ذاته ضد الذين "يعملون بكل قوتهم لتدمير وجودنا وهويتنا". وشكا من عمليات قتل واغتصاب وتعذيب وتجويع متعمد يشهدها الإقليم.
ولم تعلن السلطات حصيلة رسمية للقتلى، منذ بدء القتال في نوفمبر الماضي، بين القوات الإثيوبية وأخرى حليفة لها، ومسلحي تيغراي، علماً أن الإقليم هيمن على الحكومة لنحو 3 عقود قبل أن يتولّى رئيس الوزراء آبي أحمد الحكم عام 2018.
"سلاح الجوع"
وتعتبر أحزاب المعارضة أن على المجتمع الدولي ضمان انسحاب فوري للمقاتلين، بينهم جنود من إريتريا المجاورة، يقول شهود إنهم يدعمون القوات الإثيوبية. كما تطالب بإجراء تحقيق مستقل في النزاع، وببدء حوار، وبمزيد من المساعدات الإنسانية وإتاحة وصول وسائل الإعلام إلى الإقليم، من أجل "تغطية ما يحدث".
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن شهوداً يتحدثون عن موت مدنيين في كل أنحاء تيغراي، حيث يقيم نحو 6 ملايين شخص، نتيجة هجمات مستهدفة وإطلاق نار وأمراض ونقص في الموارد. كما أن مسؤولين إداريين جدد، عيّنتهم حكومة آبي أحمد، حذروا من أن سكاناً يموتون جوعاً، إذ لا يزال يتعذر الوصول إلى مناطق شاسعة خارج الطرق الرئيسة والبلدات.
وتعزو أحزاب المعارضة الجوع إلى قتل ماشية وإحراق محاصيل ونهب منازل وتدميرها. كما تتهم الحكومة الإثيوبية بـ"استخدام الجوع سلاحاً لإخضاع تيغراي، إذ تعرقل جهوداً دولية للمساعدات الإنسانية". لكن الحكومة الإثيوبية أكدت تسليم المساعدات ووصولها إلى نحو 1.5 مليون شخص.
وضغطت الأمم المتحدة وجهات أخرى من أجل زيادة وصول المساعدات الإنسانية، وإيجاد حلّ لنظام معقد من التراخيص، مع مجموعة متنوّعة من السلطات، بما فيها الموجودة على الأرض.
20 ألف لاجئ
وكتب رئيس "مجلس اللاجئين النرويجي" يان إيغلاند على تويتر الاثنين: "خلال 40 عاماً، بوصفي عاملاً إنسانياً، نادراً ما رأيت عرقلة شديدة لاستجابة مساعدة" في تيغراي.
أما مفوّض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، فقال الاثنين بعد زيارة إلى تيغراي إن الوضع "خطر جداً". وأضاف أن فريقه استمع إلى "نداء قوي جداً" من السلطات المعيّنة في تيغراي ووزارات إثيوبية للحصول على مزيد من المساعدة الدولية.
واستضاف إقليم تيغراي 96 ألف لاجئ من إريتريا قبل القتال، وقال غراندي إنه تحدث إلى بعض مَن حوصروا في القتال، ثم لجأوا إلى "تناول أوراق شجر"، بعد انقطاع الدعم الغذائي لأسابيع. وكشف أن القوات الإريترية أعادت قسراً آخرين إلى بلادهم. وأشار غراندي إلى تعذر الوصول إلى 2 من 4 مخيمات للاجئين، مرجحاً "عدم وجود لاجئين هنا".
وأفادت منظمة "دي إكس أوبن نتوورك" غير الربحية، والتي تتخذ المملكة المتحدة مقراً، بأن صوراً التقطتها أقمار اصطناعية أظهرت مزيداً من الدمار في مخيمَي "هيتساتس" و"شيميلبا" في الأسابيع الأخيرة، نفذته جماعات مسلحة لم تسمّها، وشمل منشآت إنسانية. ولفت غراندي إلى "تشتيت" 20 ألف لاجئ في مناطق لا يستطيع العاملون الإنسانيون بلوغها.
ودعا غراندي إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف في الانتهاكات المزعومة، قائلاً: "الوضع معقد جداً. كان هناك تبادل كثيف لإطلاق النار وانتهاكات كثيرة من جميع الأطراف"، بما في ذلك المسلحون المتحالفون مع تيغراي.
"حلّ سلمي"
وأعلنت ألمانيا الثلاثاء، أن المستشارة أنغيلا ميركل شددت، خلال اتصال هاتفي مع آبي أحمد، على "أهمية الحلّ السلمي للصراع في تيغراي والإمدادات الإنسانية للمتضررين". وأكدت "وجوب منح منظمات الإغاثة الإنسانية ووسائل الإعلام " حرية الوصول" لممارسة نشاطها في الإقليم.
في السياق ذاته، أعلن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، شدد على الحاجة إلى "خطوات عاجلة لتخفيف الوضع الإنساني وتأمين الحماية اللازمة لمَن هم في خطر".
وأضاف أن غوتيريش رحّب بـما وصفه "الانخراط الإيجابي" لإثيوبيا. وأشار إلى تعهدات بتحفيز "وصول المساعدات الإنسانية بشكل دائم وغير متحيّز ومن دون عراقيل" إلى تيغراي واللاجئين والنازحين داخلياً.