هل يغير "سلاح الليزر" موازين القوى في الحروب المستقبلية؟

سفينة "يو إس إس بورتلاند" التابعة للأسطول الأميركي الخامس تختبر سلاح ليزر على هدف عائم في خليج عدن باليمن - 13 ديسمبر 2021.  - twitter/ @US5thFleet
سفينة "يو إس إس بورتلاند" التابعة للأسطول الأميركي الخامس تختبر سلاح ليزر على هدف عائم في خليج عدن باليمن - 13 ديسمبر 2021. - twitter/ @US5thFleet
دبي - الشرق

كشفت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية، عن توجه وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" نحو تطوير أنظمة الأسلحة التي تعمل بالليزر عالي القدرة، كوسيلة لاعتراض المقذوفات عالية السرعة، وسط تسابق مع روسيا على التفوق في تطوير هذا الصنف من الأسلحة.  

وبحسب كريس أوزبورن، محرر شؤون الدفاع في المجلة، يطمح الجيش الأميركي لتطوير أنظمة تمكنه من إطلاق أشعة الليزر من الطائرات المقاتلة أثناء القتال، وضرب صواريخ العدو التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في الفضاء، وإحراق طائرات العدو بدون طيار من المركبات القتالية المدرعة.

وقال أوزبورن، الذي عمل سابقاً في البنتاجون كخبير لدى مكتب مساعد وزير الجيش في مجالات تكنولوجيا التسلح واللوجسيتات، إنه يتم استخدام أشعة الليزر وتقنيات الليزر الأخرى، مثل أجهزة تحديد المدى وأجهزة الكشف، بالفعل في العديد من التطبيقات، بل يتم نشرها على السفن البحرية، فيما يعمل الجيش الأميركي على تطوير أسلحة جديدة من هذا النوع. 

اختبار في اليمن

وأعلنت البحرية الأميركية، الأربعاء، اختبار سلاح ليزر جديد، ودمرت به هدفاً عائماً في في خليج عدن، قرب ساحل اليمن.

وأفاد بيان للأسطول الخامس الأميركي، بنجاح اختبار سلاح الليزر الموضوع على سفينة حربية على هدف تدريبي في مياه خليج عدن.

وأشار البيان إلى أن سلاح الليزر جرى اختباره بنجاح سابقاً، في استهداف طائرة بدون طيار صغيرة في المحيط الهادئ في مايو 2020.

وذكر البيان أن الجغرافيا والمناخ والأهمية الاستراتيجية للمنطقة توفر بيئة فريدة للابتكار التكنولوجي.

"التحجيم بالليزر"

وفي الوقت ذاته، تتحرك وزارة الدفاع الأميركية والخدمات العسكرية بسرعة، لتطوير أسلحة ليزر أحدث وأقوى وأكثر قدرة على الحركة.

ويتضمن الكثير من هذا ما يُعرف باسم "التحجيم بالليزر" وتغيير حجم ووزن وقوة الليزر، بحيث يمكن استخدامها بواسطة الطائرات المقاتلة والمركبات الأرضية، حتى إنها قد تستخدم لتدمير صواريخ العدو العابرة للقارات في الفضاء، أو صواريخ كروز سريعة المناورة، وفقا لأوزبورن.

ولفتت المجلة إلى أن الجيش الأميركي استعان بخدمات العديد من مقاولي الصناعة الدفاعية لإنشاء أنظمة ليزر عالية الطاقة، إذ تعمل شركة "جنرال أتوميكس – إلكتروماجنيتك سيستمز" المعروفة اختصاراً بـ"جي إيه إي إم إس" على إنتاج هندسة ليزر عالي القدرة، بقوة 100 كيلوواط إلى 300 كيلوواط مع إدارة حرارية متكاملة وبرنامج تتبع دقيق. 

سلاح اللليزر (laWS)  أثناء اختباره على سفينة
سلاح اللليزر (laWS) أثناء اختباره على سفينة "يو إس إس بونس" الأميركية - 11 ديسمبر 2014 - REUTERS

ويمكن تركيب أنظمة الليزر عالية القدرة على شاحنة تكتيكية كبيرة، للحماية من تهديد صواريخ كروز أو قاعدة عمليات متقدمة أو قوافل، أو قوات متقدمة أو ميكانيكية كبيرة أو منشآت أو نقل الذخيرة والإمدادات. 

وحالياً، يتم إطلاق ليزر بقدرة 50 كيلوواط من المركبات التكتيكية، وحتى المركبات المدرعة مثل "سترايكرز". 

وتعتمد أنظمة "جي إيه-إي إم إس" على تسخير طاقة الليزر، اللازمة للوصول إلى 300 كيلوواط للدفاع ضد صواريخ كروز، واعتراض أهداف المناورة الكبيرة وحرقها وتدميرها. وأحد التطبيقات قيد التطوير يعمل على دمج ليزر عالي الطاقة في شاحنة تكتيكية متنقلة للجيش.  

ومن شأن نجاح هذا المسعى تحقيق مرونة التنقل للدفاعات التكتيكية الأرضية. وسيسمح لها بنقل كميات كبيرة من الطاقة وتخزينها، والاستفادة منها بما يكفي لدعم 300 كيلوواط أو ليزر أكبر.

تعاون إسرائيلي أميركي

وفي يوليو الماضي، أعلنت شركتا "لوكهيد مارتن" الأميركية، و"رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة" الإسرائيلية، أنهما ستعملان معاً على تطوير سلاح ليزر أرضي جديد لمصلحة إسرائيل "لمواجهة التهديدات المتصاعدة".

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إن الشركتين وقعتا اتفاقية "مبادئ تعاون" تنص على أنهما "ستستكشفان الفرص للترويج لهذا النظام في الولايات المتحدة أيضاً"، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن البيان الصادر عن "لوكهيد مارتن".

وقال البيان، إن "هذه الاتفاقية تجسد التزام لوكهيد مارتن ورافائيل بالعمل معاً مع حكومتيهما لدعم هذه الفرصة التعاونية المهمة".

وتعمل وزارة الدفاع الإسرائيلية على تكنولوجيا الليزر، بعد أن حققت طفرات عديدة في تطوير النظام الذي يمكنه اعتراض مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الصواريخ، والمسيرات، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست".

وتتمتع طريقة الاعتراض الجوي باستخدام الليزر القوي بالعديد من المزايا، منها التكلفة المنخفضة، والقدرة على الاعتراض الفعال للتهديدات طويلة المدى على ارتفاعات عالية، بغض النظر عن ظروف الطقس، والقدرة على الدفاع عن مناطق شاسعة.

وبحسب "جيروزاليم بوست"، أطلقت وزارة الدفاع الإسرائيلية العام الماضي، 3 برامج لتطوير أنظمة عرض ليزر عالية الطاقة، وهي نظام أرضي لاستكمال قدرات "القبة الحديدية"، وتطوير نظام مناورة مثبت على منصة للدفاع عن القوات في الميدان، وتطوير نظام تجريبي مثبت على منصة جوية لاعتراض التهديدات فوق الأغطية السحابية، وللدفاع عن مناطق أوسع.

ونقلت الصحيفة عن العميد يانيف روتيم، رئيس وحدة البحث والتطوير العسكري بوزارة الدفاع الإسرائيلية، قوله إن النظام الأرضي سيكون أيضاً قادراً على تدمير الأهداف على مدى 8 إلى 10 كيلومترات، باستخدام ليزر بقوة 100 كيلوواط.

تفوق روسي

ويتفق الخبراء على أن روسيا متقدّمة حتى الآن في تطوير الصواريخ أسرع من الصوت، مقارنة بالولايات المتحدة والصين، و على الرغم من ذلك فإن موسكو تستثمر أيضاً في تطوير الأسلحة التي تعمل بتقنية الليزر.

وفي ديسمبر 2019، أعلنت روسيا دخول مدفع الليزر "بيريسفيت" الخدمة، والشروع في استخدامه في المناوبة القتالية في مناطق أنظمة الصواريخ المتحركة.

ونقلت صحيفة "إزفستيا" الروسية عن الخبير العسكري دميتري كورنييف القول إن مدفع الليزر "بيريسفيت" مخصص لمكافحة الأقمار الصناعية العسكرية المعادية، وقادر على إصابة أقمار صناعية على ارتفاع يصل إلى 500 كيلومتر بحسب ما نقلته وكالة "سبوتنيك". كما يستطيع "بيريسفيت" إصابة طائرات التجسس، وفق كورنييف.
 
وقبل دخول النظام الجديد إلى الخدمة، قال الرئيس الروسي فلاديمر بوتين في مايو 2019 إن بعض أسلحة الليزر الجديدة الأخرى قيد التطوير "كانت حتى وقت قريب موجودة فقط في الخيال العلمي"، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وتطمح روسيا إلى التفوق على الولايات المتحدة في الأسلحة التي تعمل بتقنية الليزر، مثلما تفوقت في تطوير أنظمة الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

وقال المحلل الدفاعي المستقل في موسكو ألكساندر جولتس لوكالة "فرانس برس"، إن "روسيا وحدها تملك الأسلحة الخارقة للصوت لكن الجميع يريدها".

واستغل الرئيس الروسي فلاديمر بوتين خطابه عن "حال الأمة" عام 2018 ليستعرض لأول مرة مجموعة من الأسلحة فوق الصوتية، متباهياً بقدرتها على تجنّب جميع الأنظمة الدفاعية الموجودة حالياً.

وتشارك كل من الولايات المتحدة والصين وكوريا الشمالية في المنافسة على الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وهي الجيل التالي من الأسلحة بعيدة المدى التي يصعب اكتشافها واعتراضها. 

اقرأ أيضاً: