اجتمع عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية الليبية، من بينهم وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق، الثلاثاء، بالمرشح الرئاسي وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، وذلك في مدينة بنغازي شمالي شرق البلاد، في خطوة يأمل الليبيون بأن تساعد في إنهاء الفوضى التي تغرق فيها البلاد منذ سنوات.
ونشرت وسائل إعلام ليبية صور مصافحة الفرقاء الليبيين خلال الاجتماع الذي جاء بهدف "توحيد الجهود الوطنية للتعامل مع التحديات التي تمر بها ليبيا واحتراماً لإرادة أكثر من 2.5 مليون ناخب ليبي"، بحسب ما أورده البيان المشترك للمترشحين الرئاسيين المجتمعين في بنغازي.
وأكد البيان المشترك الذي قرأه باشاغا في مؤتمر صحافي، أن "المجتمعين اتفقوا على أن المصلحة الوطنية الجامعة فوق كل اعتبار، وأنها خيار وطني لا تراجع عنه، واستمرار التنسيق والتواصل وتوسيع إطار هذه المبادرة الوطنية لجمع الكلمة ولمّ الشمل".
وفور وصوله إلى مدينة بنغازي، قال باشاغا: "حين كنا نسافر خارج ليبيا إلى دول عديدة ولا نستطيع السفر إلى بنغازي والمنطقة الجنوبية نحزن".
وأضاف: "كنا نخجل لأننا نسافر إلى دول أخرى ولا نستطيع السفر إلى مدينة بنغازي أو إلى المنطقة الجنوبية هذا شيء مخجل".
وأشار إلى أن حملته الانتخابية "كان لديها زيارات لعدد من الدول تم إلغاؤها لأنني قررت أن بلادي أولى بهذه الزيارات"، حسب ما نقله موقع "أخبار ليبيا 24".
وتابع: "لابد من كسر الحاجز الأخير ونحن سعداء لكوننا هنا في بنغازي ولابد من توحيد ليبيا، لابد من نهضتها، ولابد من أن يعود الأمن والأمان".
ولفت باشاغا إلى أن "كل هذا يتطلب مشاركة الليبيين، وإذا لم تتم المشاركة من كل الليبيين لا نستطيع أن نؤسس الدولة ولا أن نؤسس وطناً".
تأكيدات أميركية
وتأتي التحركات الليبية وسط شكوك إزاء إمكانية إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل، إذ أكد مصدر بمفوضية الانتخابات الليبية لـ"الشرق"، أن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها "أصبح مستبعداً"، في وقت يؤكد مجلس النواب عدم تحديد موعد لعقد جلسة لعرض قائمة المرشحين.
وفي السياق ذاته قال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، إن "هناك بعض السيناريوهات المقترحة للفترة المقبلة في ليبيا، والتي قد يتم العمل عليها وقد لا تكون مثالية"، لافتاً إلى أن "هناك عدداً من الشخصيات الجدلية الموجودة في قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية".
وأضاف نورلاند في مؤتمر صحافي، أن "الجهات التي ستهدد باستخدام القوة لعرقلة الانتخابات ستتعرض لعقوبات دولية من المجتمع الدولي والولايات المتحدة".
ولفت نورلاند إلى أن بلاده "تدعم غالبية الليبيين الذين يريدون الانتخابات"، وموضحاً أن "كثيراً من المؤسسات تعمل على تحقيق هذا الهدف".
وأوضح أن "واشنطن لا تدعم أي مرشح، وهي تدعم العملية الانتخابية الرئاسية والبرلمانية بطريقة سلمية وحرة"، مشيراً إلى أنه "تشارك مع عبد الحميد الدبيبة وجهة النظر الأميركية بأهمية أن يقيم المرشحون حملاتهم الانتخابية بشكل منفصل عن مناصبهم العامة أو مكاتبهم".
وأشار نورلاند إلى أن "ليبيا اكتفت من الحكومات المؤقتة"، مبيناً أن "الكلمة النهائية يجب أن تكون لليبيين في تحديد مصيرهم".
لقاء مصري ليبي
من جهة أخرى، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، دعم بلاده "الكامل لكل ما من شأنه أن يحقق المصلحة العليا للشقيقة ليبيا، ويفعل الإرادة الحرة لشعبها، ويحافظ على وحدة وسيادة أراضيها".
وأفادت الرئاسة المصرية في بيان بأن المنفي ثمّن خلال اللقاء "دور مصر الحيوي وجهودها الحثيثة والصادقة بقيادة الرئيس السيسي لاستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا وتوحيد مؤسسات الدولة، خاصةً المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش الوطني الليبي، وذلك بالتكامل مع جهود لجنة (5+5) المتعلقة بالمسار العسكري للأزمة الليبية".
وأكد البيان المصري أنه تم "التوافق على تكثيف التشاور والتنسيق بين الجانبين خلال الفترة المقبلة لمتابعة مستجدات العملية السياسية والإجراءات الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية، بما يساعد على استعادة استقرار ليبيا وتوحيد مؤسساتها".
تطورات ميدانية
من جهة أخرى، انتشرت بشكل كثيف مجموعات مسلحة في عدة مناطق جنوب العاصمة الليبية، في وقت سابق الثلاثاء، ما أجبر جامعة طرابلس وبعض المدارس على الإغلاق، تزامناً مع توقع تأجيل الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، سيارات مسلحة بمدافع رشاشة ودبابة في أحد شوارع حي الفرناج، بالقرب من الحرم الجامعي، فيما أغلقت متاريس رملية بعضها الآخر بحراسة مسلحين.
من جانبها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان عن قلقها إزاء التطورات الأمنية الجارية في طرابلس، مشيرةً إلى أن هذه التحركات للقوات التابعة لمجموعات مختلفة تخلق "حالة من التوتر، وتعزز خطر الصدامات التي قد تتحول إلى صراع".
وطالبت البعثة الأممية بـ"حل أي خلافات بشأن المسائل السياسية أو العسكرية عبر الحوار، لا سيما في هذه المرحلة، حيث تمر البلاد فيها بعملية انتخابية صعبة ومعقدة يرجى منها أن تؤدي إلى انتقال سلمي".
وأشارت إلى أن "التطورات الراهنة في طرابلس لا تتماشى مع الجهود الجارية للحفاظ على الاستقرار وتهيئة الظروف الأمنية والسياسية المواتية لإجراء انتخابات سلمية وشاملة وحرة ونزيهة وذات مصداقية".
وأضافت أن من "شأنها أن تقوض المكاسب الأمنية التي حققتها ليبيا حتى الآن والتي اكسبت الثقة لكبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم ومكّنت من حضورهم إلى طرابلس للمشاركة في مؤتمر دعم الاستقرار في ليبيا في أكتوبر والذي تكلل بالنجاح".
ودعت البعثة الأممية "جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة والعمل معاً لتهيئة مُناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة".