لبنان.. لهذا هاجم "التيار الوطني الحر" التفاهم مع "حزب الله"

الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله يصافح زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون بعد توقيع "تفاهم مار مخايل" بيروت- 6 فبراير 2006 - REUTERS
الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله يصافح زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون بعد توقيع "تفاهم مار مخايل" بيروت- 6 فبراير 2006 - REUTERS
دبي-الشرق

أثارت التصريحات والمواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل حيال حليفه السياسي "حزب الله" وضد حليف حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تساؤلات في لبنان حول خلفياتها وأهدافها وتوقيتها، خصوصاً وأنها تتزامن مع بدء  التحضيرات للانتخابات النيابية المقررة في شهر مايو المقبل.

وفي رد مقتضب على تصريحات باسيل، قال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، الاثنين: "نحن حريصون جداً على الحلفاء والأصدقاء". وشدد في كلمة متلفزة بمناسبة ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، على "تمسُّك الحزب بالتفاهم مع التيار الوطني الحر واستعداده لتطويره بما يحقق المصلحة الوطنية".

بدوره، رد المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل على ما أدلى به باسيل، وشن هجوماً عنيفاً على الأخير، لم يوفر فيه رئيس الجمهورية ميشال عون، متسائلاً عما إذا كان (عون) "من أمراء  الحرب الذين أشار إليهم باسيل، أم رئيسهم؟".

وفي سياق متصل، أكد مصدر سياسي لبناني لـ"الشرق" أن التصعيد الأخير بين الجانبين "يدخل في إطار التحضير للانتخابات النيابية المقبلة"، مبدياً مخاوفه من أن تطيح الاصطفافات والسجالات الحاصلة بالاستحقاق الانتخابي المرتقب.

وذكّر المصدر بأن باسيل "كان يريد حصر اقتراع المغتربين بستة مقاعد تمثل اللبنانيين المنتشرين في ست قارات، بعيداً عن الداخل اللبناني، إلا أن عدم تمكنه من تحقيق مراده، دفعه إلى صب جام غضبه على بري وعلى حزب الله".

"مناورة ورسالة"

وفي معرض قراءته لما تضمنه خطاب رئيس "التيار الوطني الحر"، قال القيادي السابق في "التيار" المحامي انطوان نصر الله، أن ما طرحه باسيل "يدخل في إطار التحضير للانتخابات النيابية المقبلة، وهو محاولة لشد عصب الشارع المسيحي الغاضب من أداء حزب الله في الدولة، وكذلك من أداء حلفاء الحزب، بمن فيهم التيار الحرّ". وأشار نصر الله إلى أن باسيل "يحاول دغدغة مشاعر المسيحيين، الذين لديهم اليوم أسئلة كبيرة حيال وجودهم ووجود الدولة في لبنان، خصوصاً بعد الحراك الذي شهدته البلاد في 17 تشرين 2019 عندما استشرس حزب الله لحماية المنظومة الحاكمة".

وأشار نصر الله إلى أنه "على الرغم من كلام باسيل عن ضرورة إعادة النظر في التفاهم بين التيار الوطني الحر، إلا أنه لا يمكن له الخروج من عباءة الحزب بأي شكل من الأشكال، ذلك أنه بحاجة إلى أصوات الحزب، ولتمويله، في ظل عدم وجود أي حليف وازن له في الانتخابات".

وزاد "كل ما في الأمر عبارة عن مناورة انتخابية، وما قصف جبهة نبيه بري (رئيس المجلس النيابي) سوى محاولة لكسب المزيد من الشعبية، ذلك أنه يعتبر أن بري انتهى سياسياً وحان الوقت للهجوم عليه، خصوصاً وأنه يتهم رئيس المجلس بوضع العراقيل أمام العهد". وتساءل: "أين كان كلام باسيل عندما تقاسم هو نفسه الدولة مع بري وغيره منذ العام 2016، سواء في مجلس الوزراء أو ما يتعلق بالقرارات الوطنية والتعيينات الإدارية و المشاريع؟".

وأضاف نصر الله: "في مواقفه الأخيرة، حاول جبران باسيل أن يقول للناس، وتحديداً لجماعته أنه لا يزال يقرر في السياسة اللبنانية، كما حاول توجيه رسالة إلى الدول العربية وخصوصاً الخليجية مفادها أنه إذ تمكن من البقاء على الساحة السياسية، فلن يذوب في فلك حزب الله، وسيحافظ على أفضل العلاقات معها".

ورأى نصر الله أن باسيل "يستميت لرفع العقوبات الأميركية عنه، وهو يعرف ضمناً أن لا مستقبل سياسياً له في لبنان"، لافتاً إلى أن "لا أمل له في رئاسية الجمهورية، كما أن حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله غير مستعدين لإعطاء أي ضمانات له أو لغيره من المرشحين المحتملين للرئاسة، قبل انتهاء الانتخابات النيابية وانقشاع أفق محادثات فيينا مع إيران، وهذا أيضاً ما يوتّر رئيس التيار، الذي اكتشف متأخراً فشل  نظرية الرئيس القوي التي لم تقدم للمسيحيين شيئاً سوى مزيد من الخلافات والمشاكل مع أطراف لبنانية أخرى".

"القوات": عينه على الرئاسة

وتعليقاً على كلام باسيل عن "ضرورة تطوير اتفاق مار مخايل والتفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر" قال مصدر في القوات اللبنانية لـ"الشرق" إن "باسيل يريد من خلال هذا الكلام ابتزاز حزب الله بالقول انه غطاه (الحزب) سياسياً ووطنياً ويريد الجلوس معه للحصول على ضمانات من أجل دعمه للوصول إلى مقعد رئاسة الجمهورية بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون".

"ملفات وتراكمات"

من جهته، رأى النائب ألان عون، عضو "التيار الوطني الحر" وابن شقيق رئيس الجمهورية أن موقف باسيل "هو تعبير عن مواقف من مجموعة ملفات داخلية كانت محطّ تباينات واختلافات بين التيار والثنائي الشيعي المكوّن من حزب الله وحركة أمل، تفاقمت من دون أن يتمّ تداركها أو معالجتها وهي لا شكّ تترك آثار سلبية على العلاقات الثنائية".

وقال: "لا ينطلق التيار من حسابات بحت انتخابية في علاقته مع الآخرين ولا سيّما حزب الله والا كان اختار سياسة صفر مشاكل وراكم التحالفات الانتخابية، من دون أن ينفي ذلك أهمية التحالف وتضافر القوى الانتخابية لتعزيز فرص النجاح في أكثر من دائرة".

وكشف أن "هناك مجموعة محطات أظهرت تباينات بين الفريقين (التيار وحزب الله)، لذلك نادينا في أكثر من مناسبة الى مراجعة ورقة التفاهم، لأنها لم تعدّ تلبّي بحد ذاتها متطلبات المرحلة الحالية لا على الصعيد الداخلي حيث يواجه لبنان انهياراً كاملاً للمؤسسات وكارثة مالية واقتصادية واجتماعية، وفشل في بناء دولة قادرة وفي مكافحة الفساد والهدر، ولا على الصعيد الخارجي، إذ نواجه مشاكل عدة كان آخرها الأزمة الكبيرة مع دول الخليج العربي".

واعتبر أن "أي سلطة لبنانية وأي تفاهم سياسي لا يجد حلولاً ومعالجات لتلك المشاكل، محكومان مسبقاً بالفشل".

تصريحات باسيل 

وكان باسيل قال في كلمة متلفزة قبل أيام إن "من حقنا إعادة النظر في التفاهم مع حزب الله (اتفاق ما مخايل في عام 2006)، عندما نكتشف أن من يتخذ القرار في هذا التحالف هو حركة أمل". وأضاف: "اخترنا وقتها التفاهم على الفتنة، وعملنا اتفاق وطني، مش طائفي، اتفاق على الاستراتيجية الدفاعية والديموقراطية التوافقية وبناء الدولة وأنّ السلاح هو فقط لحماية لبنان".

كما توجه باسيل الى حزب الله بالقول: "الوحدة الشيعيّة مهمّة جداً ويجب الحفاظ عليها ولكنّها غير كافية، ولمّا تضحي بالدولة والبلد كلّه لأجلها، تخسر البلد وتخسر الوحدة وتخسر نفسك. وحدة الطائفة لا يجب أن تكون على حساب وحدة البلد ووجود الدولة".

وتوجه رئيس التيار الوطني الحر بالسؤال إلى حليفه "حزب الله": "أين الترجمة لاتفاق مار مخايل"، وغمز من قناة رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: "أين بناء الدولة بالبند الرابع؟ بتغطية الفساد؟ أين الديمقراطية التوافقية؟ بالمسايرة؟ بشلّ مجلس الوزراء؟ وبضرب الرئيس وعهده وصلاحيّاته؟ بالمسايرة بعدم انتاجيّة مجلس النواب؟ بضرب المجلس الدستوري؟".

وعاد باسيل ولفت إلى أننا "لا نريد أن نلغي ولا أن نمزّق وثيقة التفاهم لأنّها جيدة وبنودها ثابتة ووطنية، نريد أن نطوّرها لأنها لم تعد تجيب على التحديّات المطروحة أمامنا وخاصةً الاقتصادية والمالية". 

كما هاجم حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، متهماً إياه بالقيام بـ"أكبر عملية سطو منظم على أموال الناس".

معاون بري يرد

ورد المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل، الاثنين، على خطاب باسيل، وقال: "لن ندخل بالرد على جملة الافتراءات الوقحة التي وردت في كلمة باسيل"". وأضاف: ""نحن أمراء الدفاع عن لبنان  ووحدته ولا نعرف ما إذا كان مؤسس التيار الرئيس ميشال عون هو من بين أمراء الحرب الذين تحدث عنهم باسيل".

واعتبر خليل أن باسيل "ينادي بحقوق التيار والجماعة، لا بحقوق المسيحيين التي تم هدرها في الصناديق السوداء". وقال: "المشكلة في الدولة عندما ننتخب رئيسين للجمهورية في الوقت نفسه، هنا تضيع المسؤولية".