تفاوتت ردود القوى السياسية في السودان على الدعوة الأممية لإجراء حوار بهدف حل الأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد منذ التدابير التي أعلن عنها الجيش في أكتوبر الماضي.
وكان موفد الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس قال في وقت سابق الاثنين، إنه تمت دعوة الجميع "بما في ذلك الأحزاب السياسية والحركات المسلحة والمجتمع المدني والجمعيات النسائية ولجان المقاومة وغيرها للمشاركة في مشاورات أولية".
وأوضح المسؤول الأممي أنه سيجري مع فريقه "محادثات غير مباشرة مع جميع الأطراف"، مشدداً، بحسب "وكالة فرانس برس"، على أنَّ "الأمم المتحدة لن تأتي بأي مشروع أو مسودة أو رؤية لحل، وحتى لن نأتي باقتراح لمضمون الأمور الرئيسية المختلف عليها، و لن نتبنى مشروعاً لأي جانب".
مجلس السيادة
وفي رد على هذا الإعلان الأممي، قال مجلس السيادة الانتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان، إنَّ المجلس يرحب بالمبادرة التي طرحتها الأمم المتحدة لتسهيل الحوار بين الشركاء السودانيين، مشيراً إلى حرص الأطراف على أن يكون الحوار "سودانياً-سودانياً".
ودعا المجلس، في بيان تم بثه عبر صفحته في "فيسبوك"، إلى إشراك الاتحاد الإفريقي لإسناد المبادرة والمساهمة في إنجاح جهود الحوار السوداني، معتبراً أن المبادرة الأممية "تعمل كمسهل لإنجاز هذا الحوار".
"الجبهة الثورية"
وأعلن الهادي إدريس رئيس "الجبهة الثورية"، عضو المجلس السيادي، عن ترحيبه بالمبادرة الأممية لتبني حوار رسمي بين المكونات السودانية المختلفة والشركاء الدوليين، للتوصل لاتفاق للخروج من الأزمة الحالية.
وعبَّر الهادي، بحسب وكالة الأنباء السودانية عن تطلعه بأن "تحدث المبادرة اختراقاً حقيقياً تجاه حل الأزمة السياسية السودانية الراهنة"، مؤكداً أنَّ السودان "أمام مفترق طرق، ويستوجب التدخل الأممي"، على حد وصفه.
"حزب الأمة"
ورداً على الدعوة لإطلاق الحوار، قال "حزب الأمة القومي" إنه "يثمن مجهودات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لدعم الشعب السوداني، لتحقيق التحول الديمقراطي في البلاد" وإنجاح الفترة الانتقالية، مشيراً إلى أنه يرحب "بالدعوة للحوار بين مكونات العملية السياسية في البلاد".
لكن الحزب شدد في بيان، على تمسكه بما وصفه بـ"خيارات الشعب السوداني لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر، وإلغاء كل القرارات التي ترتبت عليه، وإعادة الحكم المدني كاملاً والشرعية الدستورية"، على حد تعبيره.
وأوضح الحزب أنه "سيناقش الدعوة حال تسليمها إليه عبر مؤسساته، وسيقرر بشأنها بناءً على أجندة الحوار المطروحة للنقاش".
"العدل والمساواة"
وقال رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، إن الحركة ترحب بمبادرة الأمم المتحدة "لتيسير الحوار بين السودانيين شريطة أن يكون الحوار سودانياً-سودانياً خالصاً"، وألا يتحول "التيسير" إلى "تدخل سافر في الشأن السوداني الداخلي، وذريعة لفرض حلول خارجية".
وأضاف جبريل إبراهيم، أنَّ "حركة العدل والمساواة، تأسف شديد الأسف لزهد السودانيين في جدوى الحوار المباشر بينهم، و اضطرارهم إلى اللجوء إلى الأجنبي للجمع بينهم حول الطاولة".
"حزب الأمة الفيدرالي"
كما رحب "حزب الأمة الفيدرالي" بالمبادرة الأممية حول تبني حوار رسمي بالتشاور مع المكونات السياسية والشركاء الوطنيين والدوليين في سبيل التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة السياسية، ويحقق التحول الديمقراطي والسلام الشامل.
واعتبر رئيس الحزب بولاية شمال دارفور أنور إسحاق سليمان أنور في تصريح لوكالة الأنباء السودانية، أن "المبادرة خطوة في الاتجاه الصحيح لبحث الحلول التي تجنب البلاد من مغبة الانزلاق إلى سيناريوهات تهدد أمن واستقرار الوطن، في ظل استفحال الأزمة السياسية ووصول البلاد لمرحلة انسداد الأفق".
"الحرية والتغيير"
وفي مقابل هذه التصريحات المرحبة، أبدت قوى سياسية أخرى فتوراً، وحالة من الشك إزاء الدعوة الأممية إلى الحوار.
وقال جعفر حسن المتحدث باسم الفصيل الرئيسي في "قوى الحرية والتغيير" التي لعبت دوراً محوريا في التظاهرات ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير: "لم نتلقَّ بعد أي تفاصيل حول المبادرة".
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس": "نحن على استعداد للمشاركة في المحادثات بشرط أن يكون الهدف منها استئناف التحول الديمقراطي، وتنحية نظام الانقلاب، ولكننا ضد هذه المبادرة إذا كانت تستهدف إضفاء الشرعية على نظام الانقلاب"، على حد وصفه.
"تجمع المهنيين"
وفي موقف أكثر حدة، أعلن "تجمع المهنيين السودانيين" الذي لعب كذلك دوراً محورياً في الاحتجاجات التي أدت إلى سقوط البشير، رفضه للمبادرة، و"تمسكه الصميم باللاءات المعلنة من قبل قوى الثورة الحية وهي لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية".
واعتبر التجمع في بيان على صفحته في "فيسبوك"، أنَّ "الحل هو إسقاط سلطة المجلس العسكري وانتزاع السلطة الشعبية المدنية الكاملة".
وأكد التجمع "تبنيه القاطع" لما سمَّاه بـ"الأدوات المتنوعة التي أشهرها شعبنا في المقاومة السلمية حتى انتزاع سلطة الشعب المدنية الخالصة وتأسيسها على الشرعية الثورية، والتي تتيح العمل الدؤوب لتفكيك الشمولية، وإرساء دعائم التحول المدني الديمقراطي وبناء سودان الحرية والسلام والعدالة".
"الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال"
وفي ذات الاتجاه، اعتبر القيادي في "الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال" محمد يوسف أحمد المصطفى، أن المبادرة "مجرد محاولة أممية جديدة للالتفاف على موقف الثوار في الشارع القائم على الرفض القاطع لمبدأ الحوار مع العسكر"، على حد تعبيره.
وأشار المصطفى، بحسب بيان صادر عن الحركة، إلى أن المبادرة "محطة تجاوزها قطار ثورة التحرير والتغيير المنطلق صوب تحقيق الهدفين التوأمين: التحول الديمقراطي المدني، و السلام العادل الشامل المستدام".
الحزب الشيوعي السوداني
كما هاجم الحزب الشيوعي مبادرة الأمم المتحدة، حيث وجه عضو اللجنة المركزية للحزب صدقي كبلو، انتقادات حادة لرئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال بالسودان فولكر بتريس، وخصوصاً لطريقة تعامله مع الأزمة السياسية السودانية.
وقال كبلو في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية: "إذا كان المبعوث جاداً، ويريد أن يتوسط لحل النزاع بين الفرقاء السودانيين، فعليه الاتصال بالجهات التي يريد أن يجري معها الحوار للتعرف على وجهة نظرها، بدلاً من مخاطبتهم عبر (السوشال ميديا)".
وأكد كبلو أن "الحزب ليس طرفاً في المبادرة، ولم تصله حتى الآن، ولكن سيعلن عن موقفه للرأي العام عندما يتسلم المبادرة".
ومنذ التدابير التي أعلنها الجيش السوداني في 25 أكتوبر الماضي والتي حل الحكومة بموجبها واعتقل معظم الوزراء المدنيين في الحكم، ووضع رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يتفق معه مجدداً على تشكيل حكومة جديدة، يخرج السودانيون بعشرات الآلاف أحياناً، إلى الشوارع بشكل متكرر مطالبين بحكم مدني خالص.
والأسبوع الماضي، أعلن عبد الله حمدوك استقالته من رئاسة الوزراء، مؤكداً أنه حاول "إيجاد توافقات" لكنه فشل، وحذر من أن البلاد تواجه "منعطفاً خطيراً قد يهدد بقاءها"، وأنه كان يسعى إلى تجنب "انزلاق السودان نحو الهاوية".
ويعقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء اجتماعاً مغلقاً غير رسمي للبحث في آخر التطورات في السودان، على ما أعلنت مصادر دبلوماسية الجمعة.
اقرأ أيضاً: