طالب المهاجم الذي احتجز مجموعة رهائن في كنيس يهودي في كوليفيل بولاية تكساس، السبت، بالإفراج عن الباكستانية عافية صديقي والملقبة بـ"سيدة القاعدة" من السجن، في خطوة ليست الأولى من نوعها.
وخلال دخوله إلى الكنيس، وصف المشتبه به عافية صديقي بـ"أخته"، وطالب بإطلاق سراحها من السجن، فيما لم تؤكد الشرطة صلة المشتبه به مع صديقي، وقالت أسرتها إنه لا يمت لها بصلة قرابة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم المطالبة بإطلاق سراحها، فمنذ إدانتها في 2010، عرضت باكستان استلامها ضمن مقايضة مع الولايات المتحدة، في حين طالب كل منّ "داعش" و"القاعدة"، بإطلاق سراحها مقابل إطلاق سراح أسرى أميركيين.
محاولات للإفراج عنها
وأدينت صديقي عام 2010، بعدة تهم من بينها محاولة قتل مواطنين أميركيين خارج الولايات المتحدة، فيما أعربت عافية في جلسة النطق بالحكم والتي قضت بسجنها 86 عاماً، عن "إحباطها" من الحجج التي قالها محاموها، إذ أشاروا إلى أنها "تستحق المسامحة والرأفة بها لأنها مريضة نفسية".
وشجب مسؤولون باكستانيون العقوبة الأميركية على الفور، كما أثارت احتجاجات في عدة مدن وانتقادات في وسائل الإعلام، في حين أطلق عليها رئيس الوزراء الباكستاني السابق يوسف رضا الكيلاني، لقب "ابنة الأمة" وتعهد بالقيام بحملة من أجل إطلاق سراحها من إحدى سجون ولاية تكساس الأميركية، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".
وطرح قادة باكستانيون، خلال السنوات الماضية، وبشكل علني فكرة المقايضات أو الصفقات التي قد تؤدي إلى إطلاق سراح صديقي، لكنها في المقابل لقيت رفضاً أميركياً.
وأشارت "إن بي سي نيوز" الأميركية، إلى أن عدة جماعة مسلحة سعت خلال السنوات الماضية إلى الإفراج عن صديقي.
ولفتت القناة نقلاً عن رسالة نُشرت في عام 2014، إلى أن تنظيم "داعش" قدم صفقة مقايضة تتمثل في إطلاق سراح صديقي، مقابل الإفراج عن الصحفي الأميركي جيمس فولي الذي لقي حتفه لاحقاً.
وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في عام 2017، أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قد طالب أيضاً عام 2011، بإطلاق سراحها مقابل إطلاق سراح وارين وينستين، وهو أحد موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
من هي عافية صديقي؟
ولدت صديقي في مدينة كراتشي الباكستانية عام 1972، إذ يعمل والدها محمد طبيبًا، فيما كانت والدتها عصمت صديقة مقربة من الرئيس الباكستاني السابق ضياء الحق، في حين أصبح شقيقها بعد ذلك مهندساً معمارياً في مدينة هيوستن الأميركية، وكانت أختها طبيبة متخصصة في علم أعصاب.
وتبعت صديقي في عام 1990 شقيقها إلى ولاية تكساس الأميركية للالتحاق بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ودخول أسوار جامعة برانديز حتى تخرجت بدرجة الدكتوراه في علم الأعصاب، وفي عام 1995 تزوجت من الطبيب الباكستاني أمجد خان، وبعد عام ولدت طفلها الأول أحمد.
وتعد صديقي إحدى الناشطات في مدينة بوسطن الأميركية، إذ سبق وقامت بحملات تبرع لمساندة الأفغان والشيشانيين والشعب البوسني، كما تواصلت مع جمعيات خيرية في عدة دول من بينها فرع وكالة الرحمة للإغاثة الدولية في نيروبي والمحظورة في الولايات المتحدة لصلتها بتفجيرات السفارة الأميركية عام 1998.
نقطة تحوّل
وشكلت هجمات 11 سبتمبر 2001، نقطة تحوّل في حياة صديقي، إذ تم استجوابها وزوجها في مايو 2002 من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي، بشأن حول بعض عمليات الشراء غير العادية عبر الإنترنت، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ووفقاً للتحقيقات، قام الزوجان بشراء نظارة للرؤية الليلية بقيمة 10 آلاف دولار، إضافة إلى سترات واقية، و45 كتاباً عسشكر يالمحتوى، فيما قال خان حينها إنه "اشترى المعدات لرحلات الصيد والتخييم".
وبعد أحداث 11 سبتمبر، أصرت عافية على العودة إلى باكستان، وأخبرت زوجها أن "حكومة الولايات المتحدة تحوّل الأطفال المسلمين قسراً إلى المسيحية"، بحسب الصحيفة.
وفي تلك الفترة واجه زواج خان وصديقي بعض الصعوبات، إلى أن عادا بعد بضعة أشهر من التحقيق إلى باكستان، وتطلقا في أغسطس 2022، وذلك قبل أسبوعين من ولادة طفلهما الثالث سليمان.
وفي عيد الميلاد عام 2002، تركت صديقي أطفالها الثلاثة مع والدتها في باكستان وعادت إلى الولايات المتحدة، بهدف التقدم لوظائف أكاديمية، ولكن خلال تلك الرحلة التي استغرقت 10 أيام، قامت صديقي بشيء وصف بـ"المثير للجدل"، إذ فتحت صندوق بريد باسم ماجد خان، وهو ناشط في تنظيم "القاعدة"، ومتهم بالتخطيط لتفجير محطات وقود في مدينة بالتيمور.
قال المدعون في وقت لاحق، إن "صندوق البريد كان لتسهيل دخول ماجد خان إلى الولايات المتحدة".
وبعد ستة أشهر من طلاقها من أمجد خان، تزوجت صديقي من عمار البلوشي، ابن شقيق العقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر، خالد شيخ محمد، وذلك في حفل صغير بالقرب من مدينة كراتشي الباكستانية. وعلى الرغم نفي عائلة صديقي أن الزواج قد تم، تؤكد المخابرات الباكستانية والأميركية وبعض أقارب البلوشي الزواج.
وفي مارس 2003، اختفت صديقي بعد أن أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي تحذيراً عالمياً لها ولزوجها السابق أمجد خان، في حين قالت عائلة صديقي حينها إن الأخيرة توجهت مع أبنائها إلى مطار كراتشي، ولكنها لم تصل، فيما تم استجواب خان في باكستان من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" قبل أن يتم إطلاق سراحه.
ومع اختفائها الذي دام خمس سنوات، افترض الجميع أن المخابرات الباكستانية اعتقلت صديقي، وهو ما أشارت إليه وسائل إعلام أميركي، لافتة إلى أن اسم "سيدة القاعدة" كما أُطلق عليها، ورد في اعترافات خالد الشيخ محمد الذي اعتقل قبل اختفائها بثلاثة أسابيع.
ووفقاً للحكومة الأميركية، فإن إن صديقي كانت هاربة وتخطط لإحداث فوضى نيابة عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وفي مايو 2004، وضع المدعي العام الأميركي جون أشكروفت صديقي التي وصفها بأنها "مسلحة وخطرة"، ضمن لائحة "أخطر المطلوبين الهاربين" في تنظيم "القاعدة".
ولكن لعائلة الطبيبة الباكستانية رأي آخر، إذ زعمت أنها "اختطفت من قبل أفراد أميركيين وسجنت وعذبت لمدة 5 سنوات". وقالت عائلة صديقي، إن ابنتهم عانت في تلك السنوات من احتجازها في "مركز باغرام" والذي كانت تتواجد فيها قوات أميركية شمال العاصمة الأفغانية كابول، والذي يوصف بـ"المخيف"، ولكن غالبية الوكالات الأميركية نفت احتجازها.
وبعد اختفاء صديقي، بدأ خان في القلق على أطفاله، ولكن ثلاث مصادر أكدت له أنهم لا يزالون في باكستان. وكلّف خان محققين شخصيين لمراقبة منزلها، وأفادوا بأنها تدخل وتخرج منه بشكل مستمر.
كما ادعى خان أنه رأى زوجته السابقة في أبريل عام 2003، مؤكداً أن المخابرات الباكستانية طلبت التعرف على زوجته السابقة عندما غادرت طائرة من إسلام أباد برفقة ابنها، كما شاهدها مرة أخرى بعد عامين في ازدحام مروري في كراتشي، لكنه لم يدلِ بمعلومات عن ذلك مبرراً ذلك بأنه "أراد حماية أطفاله".
واعتقلت "سيدة القاعدة" من قبل السلطات الأفغانية في عام 2008، في حين قال مسؤولون أميركيون إنهم "وجدوا بحوزتها مذكرات مكتوبة بخط اليد تحوي معلومات حول طريقة صنع ما يسمى بالقنابل القذرة، كما توضح مواقع مختلفة في الولايات المتحدة من الممكن استهدافها بهدف الإيقاع بأكبر عدد من الضحايا".
وقالت وكالة "أسوشيتد برس"، إنه داخل إحدى غرف الاستجوابات في مجمع للشرطة الأفغانية أمسكت صديقي سلاح من نوع "m-4" لأحد الضباط الأميركيين، وفتحت النار على عدد من أعضاء الفريق الأميركي المكلف باستجوابها.