طالبت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، السبت، الغرب بضرورة مواجهة التهديد الذي وصفته بـ"الواضح" الذي تشكله روسيا، مشيرةً إلى أن "حملة موسكو ضد كييف والديمقراطيات الشقيقة تقوض أساس الأمن الأوروبي ذاته".
وأضافت تروس، في مقال على صحيفة "تليجراف" البريطانية، أن رئيس الوزراء بوريس جونسون سيقود الجهود الدبلوماسية الغربية من خلال التحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسفر إلى المنطقة في الأيام المقبلة.
ولفتت إلى أن بلادها ستنضم إلى المحادثات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لممارسة الضغط على موسكو لمتابعة طريق الدبلوماسية، معلنة عن سفرها إلى موسكو خلال الأسبوعين المقبلين.
وتابعت: "هناك الكثير من المخاطر الآن، إذ يتم حشد أكثر من 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، وقد هاجمت روسيا أوكرانيا من قبل وضمت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في عام 2014 وجلبت الحرب إلى منطقة دونباس، ولذا فإن الخطر يبدو حقيقياً".
واعتبرت الوزيرة البريطانية أن النشاط الروسي الذي وصفته بـ"الخبيث" يتجاوز حدود أوكرانيا، لافتةً إلى أن موسكو تستخدم نفوذها لتأجيج نيران الفتنة في غرب البلقان.
وأردفت: "تواصل القوات الروسية الوصول إلى بيلاروسيا لإجراء تدريبات مشتركة بالقرب من حدود حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، موضحة أنه في الأيام الأخيرة "كثفت موسكو سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها من خلال التخطيط لإجراء مناورات بحرية قبالة الساحل الأيرلندي وزيادة وجودها البحري في بحر البلطيق، ما دفع السويد إلى إرسال قوات لتعزيز إحدى جزرها".
ومضت تروس تقول: "لهذا السبب فإننا نعزز جهودنا الدبلوماسية بالردع، حيث نقدم للناتو طائرات نفاثة سريعة إضافية وسفن حربية وخبراء عسكريين، ونضاعف عدد القوات الموجودة في إستونيا، كما أن لدينا قوات على أهبة الاستعداد للتحرك في حالة زيادة التوترات، فنحن أكبر دولة في أوروبا في الناتو تنفق على الدفاع ومستعدون لنشر قواتنا بما يتماشى مع الأوضاع".
وأعربت تروس عن شعور بلادها بـ"الفخر من خلال تقدمها لأخذ زمام المبادرة في الدفاع عن الحرية والديمقراطية من خلال الردع والدبلوماسية"، لافتة إلى أنه "حتى في ذروة الحرب الباردة، تمكنت لندن من الاتفاق على المبادئ التي جعلت أوروبا أكثر أمناً".
وأشارت إلى أنها "على مدار أكثر من 4 عقود، حققت تقدماً هائلاً نحو عالم أكثر حرية وأماناً من خلال اتفاقيات متعددة مثل قانون هلسنكي لعام 1975 واتفاقية دايتون لعام 1995 وبروتوكول مينسك لعام 2014".
وتابعت: "إن روسيا تعرض هذا التقدم الذي تم إحرازه بشق الأنفس للخطر من خلال سلوكها المتهور وعدوانها غير المُبرر، ولهذا السبب قلنا عدة مرات مع حلفائنا في (الناتو)، ومن خلال مجموعة الدول السبع، إن أي غزو روسي آخر لأوكرانيا سيكون خطأً استراتيجياً جسيماً له تكاليف باهظة، بما في ذلك فرض حزمة غير مسبوقة من العقوبات المنسقة مع شركائنا".
وأكدت الوزيرة البريطانية أن "خلاف الغرب ليس مع الشعب الروسي، ولكن مع السياسات التي ينتهجها قادته"، موضحة أنهم "يقمعون الحرية والديمقراطية، ويسعون إلى إسكات المنظمات الشجاعة".
ورأت تروس أن هناك "طريقة للخروج من الوضع الراهن، والتي تكمن في احترام الإنجازات السابقة والالتزامات القديمة التي تقضي باحترام الدول لحدود بعضها البعض"، وهو ما قالت إنه "لن يتحقق إلا من خلال قيام روسيا بخفض التصعيد وإنهاء حملتها العدوانية والانخراط في محادثات هادفة".
ولفتت تروس إلى أن "الغرب جاد في رغبته في تحسين الأمن للجميع:، قائلة إنه في "الأسبوع الماضي قدمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مقترحات جوهرية بشأن مجالات للنقاش ستؤدي لزيادة الشفافية وتقليل المخاطر".
وحثت الوزيرة البريطانية "روسيا على الجلوس مع الغرب لإجراء مفاوضات على أساس المبادئ الأساسية للحرية والديمقراطية وسيادة القانون"، محذرة من أن "البديل سيؤدي إلى مأساة، إذ إن التوغل في أوكرانيا سيؤدي حتماً إلى معاناة هائلة وعواقب اقتصادية وخيمة من خلال فرض العقوبات".
وأضافت الوزيرة أن "الكرة الآن باتت في ملعب روسيا"، مؤكدة أنها "ستستمر في الحديث مع حلفاء بريطانيا ومع موسكو مباشرة من أجل التوصل لحل دبلوماسي"، ومعلنة عن استعدادها أيضاً لـ"اتخاذ الخطوات اللازمة لتوضيح عواقب استمرار القتال".
وتابعت: "أوكرانيا لها الحق في تقرير مستقبلها، ولكن بوتين أوضح الصيف الماضي أنه يعتقد أن السيادة الحقيقية لكييف ستكون ممكنة فقط من خلال الشراكة مع روسيا ولا يمكننا أن نغض الطرف عن أي محاولة لفرض تلك الشراكة بالقوة".
وأوضحت تروس أن "ما يحدث في أوروبا يعد مهماً للعالم كله، وأن المملكة المتحدة انضمت إلى شركائها في موسكو، منذ أكثر من 30 عاماً، للاتفاق على أن الحريات الأساسية مثل حقوق الإنسان هي "مسائل ذات اهتمام مباشر وشرعي للجميع".
وأردفت: "هذا المبدأ هو الذي يدفع البلاد اليوم إلى الوقوف بثبات مع أوكرانيا في دعم مستقبلها كدولة ديمقراطية حرة".
وفي نهاية المقال، أكدت الوزيرة البريطانية أنه "في هذا الوقت الحرج، فإننا نوحد قوانا مع حلفائنا لإظهار أنه لا يمكن أن تكون هناك مكافآت على العدوان، ومن خلال الدفاع عن أفكارنا ومُثُلنا، فإننا سنضمن معاً أن يكون العالم مكاناً أكثر حرية وثراء وأماناً".