يتوجه الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوج إلى تركيا، الأربعاء، في زيارة تاريخية لمقابلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتدشين عودة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب بعد سنوات من التوتر، ما أثار التساؤل بشأن أهداف كل طرف من تلك الزيارة.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، سيسافر الرئيس الإسرائيلي برفقة زوجته "ميخال" وأكثر من 40 صحافياً، ليكون أول رئيس إسرائيلي يزور تركيا منذ العام 2003.
وستبدأ زيارة هرتسوج لتركيا بوضع إكليل من الزهور على ضريح مصطفى كمال أتاتورك، ثم يتوجه لحضور حفل استقبال رسمي بقصر أردوغان في أنقرة، مع مراسم يشارك فيها الجنود وسلاح الفرسان ومدافع الشرف، مع عزف النشيد الوطني الإسرائيلي.
وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن الأتراك سيزينون قصر أردوغان بالأعلام الإسرائيلية، وبعد المشاركة في مؤتمر صحافي يجمع الرئيسين، سيستضيف أردوغان الرئيس الإسرائيلي والوفد المرافق له في مأدبة عشاء رسمية.
ويتوجه هرتسوج بعدها ليلاً إلى إسطنبول، حيث يلتقي الجالية اليهودية في اليوم التالي، ويعود إلى إسرائيل في المساء.
أهداف أردوغان
ورصدت الصحيفة مجموعة مما وصفته بأهداف أردوغان من التقارب مع إسرائيل في هذا التوقيت، وقالت إن الرئيس التركي يريد أن يظهر بمظهر الساعي إلى السلام في الوقت الذي يتابع فيه العالم الحرب المستعرة في أوكرانيا ويهاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضافت أن تركيا ستشهد انتخابات عامة خلال أقل من عام ونصف العام، بينما يعاني أردوغان من "وضع ليس جيداً" في الرأي العام التركي، ولذلك يريد تعزيز العلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ويعتقد أن الاقتراب من إسرائيل سيساعده في هذا الصدد.
وذكرت أيضاً أن أردوغان يدرك أن تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل سيساعد الاقتصاد التركي المتعثر والليرة التركية التي تواصل الهبوط، سواء عبر استعادة السياح الإسرائيليين إلى بلاده أو اجتذاب المزيد من المستثمرين الإسرائيليين واليهود بشكل عام، ولذلك يسعى إلى تهدئة مخاوفهم من تصريحاته المعادية لإسرائيل، خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب الصحيفة لا يتجاهل أردوغان كذلك التقارير التي تفيد بسحب الولايات المتحدة دعمها عن خط أنابيب الغاز الإسرائيلي الأوروبي (شرق المتوسط) بسبب استحالة التنفيذ من الناحية التكنولوجية، ويريد تقديم تركيا كوجهة أكثر واقعية لنقل الغاز الإسرائيلي من وإلى أوروبا.
يضاف إلى ذلك أنه سعى إلى تهدئة التوترات مع إسرائيل ومصر وأرمينيا، لكنه يهتم بالأميركيين أكثر من أي شيء آخر.
وكتب افرايم عنبر، رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، في مقال على موقع "نيوز ون" الإخباري الإسرائيلي، أن تركيا عانت من عزلة دولية متزايدة بسبب السياسة العدوانية المتخبطة للرئيس التركي.
كما أن أنقرة وفقاً لعنبر تعتمد بشكل أساسي في استيراد الغاز على روسيا وإيران، وبالتالي هي مهتمة الآن بتنويع مصادرها في الطاقة.
ولكل ما سبق يرى عنبر أن تركيا مهتمة للغاية بالغاز الإسرائيلي لتلبي مطالبها المحلية من ناحية وتعيد تصديره إلى أوروبا سعياً وراء أرباح كبيرة كفيلة بالمساعدة في جهود إنقاذ الاقتصاد التركي، الذي تلقى ضربات قاصمة خلال السنوات الأخيرة.
ولفت عنبر إلى أن مشروع مد خط أنابيب من إسرائيل إلى تركيا يمر عبر قبرص يمثل حلاً مربحاً من الناحية الاقتصادية، لكن موافقة قبرص على شراكة كهذه مع تركيا "المعادية" ليست أمراً مضموناً بطبيعة الحال.
وأوضح أن أردوغان يستهدف أيضاً من العلاقة مع إسرائيل ضرب التحالف المتبلور بين إسرائيل وقبرص واليونان، وقال إن على تل أبيب أن ترفض أي مساس بهذا التحالف الاستراتيجي الثلاثي، الذي انضمت إليه مصر والإمارات، التي يقول الخبير الإسرائيلي إنهما تديران سياسة مشابهة في شرق البحر المتوسط بمجالات الطاقة والمناطق الاقتصادية الخاصة في البحر المتوسط وليبيا، بما لا يروق لتركيا.
في المقابل حرص الرئيس الإسرائيلي على زيارة اليونان وقبرص، الأسبوع الماضي، للتأكيد على أهمية العلاقة بينهما وطمأنتهما بأن التقارب المنتظر مع تركيا لن يكون على حسابهما أبداً.
"علاقة شخصية"
ويقول المراسل الدبلوماسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إيتامار إيخنر، إن ثمة علاقة شخصية جيدة نشأت بين أردوغان وهرتسوج، وكانت البداية مع تنصيب الرئيس الإسرائيلي في الكنيست، عندما اتصل هرتسوج بممثل تركيا الدبلوماسي في إسرائيل وقال له: "سمعت أن أردوغان يريد التحدث معي، أخبره أن ذلك سيسعدني حقاً".
وما أن علم الرئيس التركي بذلك، سارع إلى إجراء مكالمة هاتفية معه، هنأه خلالها بالفوز في تصويت الكنيست ليصبح رئيساً لإسرائيل، وقال له آنذاك مازحاً: "يا له من إنجاز، أنت قوي مثل أردوغان".
ويشير إيخنر أيضاً إلى أنه تم التعبير عن العلاقة الشخصية بين أردوغان وهرتسوج لاحقاً، مع تدخل الرئيس الإسرائيلي في قضية القبض على الزوجين الإسرائيليين موردي وناتالي أوكنين في إسطنبول بتهمة التجسس لتصويرهما قصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهي التهم التي نفتها الحكومة الإسرائيلية.
ولفت أيضاً إلى مشاركة ممثل تركيا الدبلوماسي في إسرائيل بجنازة والدة الرئيس الإسرائيلي، في يناير هذا العام، وفي محادثة بينهما، تحدث هرتسوج عن زيارة والده لتركيا في عام 1992، عندما كان رئيساً لإسرائيل أيضاً.
مطالب إسرائيل
وتحدث إيخنر عن أهداف إسرائيل هي الأخرى من هذا التقارب مع تركيا، وعلى رأسها عودة السفراء، أي رفع العلاقات إلى مستوى السفارات، ودعم استمرار الاتجاه الحالي الذي تضيق فيه تركيا على تحركات نشطاء حركة حماس الذين يعيشون هناك.
وأوضح أن الأشهر الأخيرة شهدت حدوث تغيير إيجابي في الموقف التركي تجاه أعضاء حماس، إذ بدا أن الأتراك يشددون سياستهم تجاههم، فيما تريد إسرائيل أن ترى إغلاقاً تاماً لمكاتب المنظمة في تركيا.
أما افرايم عنبر، رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، فيقول إن على إسرائيل أن تطالب تركيا بسياسة أكثر اعتدالاً واتزاناً في الملف الفلسطيني، والامتناع عن مهاجمة اتفاقات السلام التي تجريها إسرائيل مع دول عربية.
وأضاف أن على إسرائيل أن تطالب تركيا أيضاً بالامتناع عن التعاون مع حماس وأن تطرد قياداتها من الأراضي التركية.
وقال أيضاً إن على إسرائيل أن تطالب تركيا بإلغاء مذكرة التفاهم التي وقعتها مع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا في نوفمبر 2019، والتي تحدد الحدود الاقتصادية للدولتين في مياه البحر المتوسط، لأنها في الواقع تهدد الأمن البحري والتنقيب عن الغاز أو مد خط أنابيب للغاز أو خطوط كهرباء من مصر أو إسرائيل باتجاه أوروبا.
إقبال إسرائيلي على تركيا
وذكرت صحيفة "يسرائيل هايوم" أن إسرائيل بدأت، الاثنين الماضي، السماح لمواطنيها بالسفر إلى تركيا دون إجراء فحوصات الكشف عن فيروس كورونا.
ولفتت الصحيفة إلى إعلان "الخطوط الجوية التركية"، شركة الطيران الحكومية في تركيا، عن أن الرحلات الجوية بين إسرائيل وتركيا سترتفع إلى 35 رحلة أسبوعية، 28 منها ستتوجه إلى إسطنبول، فيما تتوجه البقية إلى أنطاليا ومطار دالامان بجنوب غربي البلاد.
ونقلت عن مدير تسويق بشركة سياحة إسرائيلية تأكيد وجود قفزة حادة بطلبات الإسرائيليين على السفر إلى تركيا، مشيراً إلى أن أغلب الحجوزات استهدفت أنطاليا، تليها إسطنبول، ولأول مرة مدينة دالامان.
اقرأ أيضاً: