مجلس الشيوخ الأميركي يقر بدستورية محاكمة ترمب رغم مغادرة منصبه

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال كلمته أمام أنصار في 6 يناير الماضي - REUTERS
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال كلمته أمام أنصار في 6 يناير الماضي - REUTERS
دبي/واشنطن-وكالاتالشرق

أقر مجلس الشيوخ الأميركي، بدستورية محاكمة الرئيس السابق دونالد ترمب، على الرغم من مغادرته منصبه، الشهر الماضي، في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ الولايات المتحدة. 

وصوتت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء، على إجراء محاكمة كاملة للرئيس السابق دونالد ترمب بعدما أيدوا حجة الديمقراطيين بأن الإجراء مسموح به بموجب الدستور الأميركي.

كان مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء، بدأ إجراءات المحاكمة الثانية للرئيس السابق دونالد ترمب بتهمة تحريض أنصاره على مهاجمة مبنى الكابيتول في 6 يناير الماضي، ليكون بذلك أول رئيس سابق يحاكم أمام الكونغرس في تاريخ الولايات المتحدة. 

وافتتح أعضاء مجلس النواب الديمقراطيون، والذين يقومون بدور ممثلي الادعاء، مرافعتهم في القضية بعرض تسجيل مصور لأنصار ترمب وهم يتجاوزون الشرطة بالقوة داخل مبنى الكونغرس في هجوم 6 يناير، وذلك بعد ساعات من تشجيع ترمب مؤيديه في خطاب له على القتال لقلب هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

واعتبر النائب والمدعي الديمقراطي جايمي راسكن في مستهل محاكمة ترمب في مجلس الشيوخ أن ملف الاتهام بحق الرئيس السابق يستند إلى "وقائع ملموسة وصلبة"، واعداً الأعضاء بتجنب إعطاء "دروس طويلة ومملة".

جانب من حديث النائب والمدعي الديموقراطي جايمي راسكن خلال جلسة محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب - U.S. Senate TV via REUTERS
جانب من حديث النائب والمدعي الديمقراطي جايمي راسكن خلال جلسة محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب - U.S. Senate TV via REUTERS

"أخطر جريمة دستورية"

وبعد أن عرض شريط مصور يضم مقتطفات من "تصريحات نارية" أدلى بها ترمب أمام أنصاره، قال  أستاذ القانون راسكن، إن "إدانة ترمب بالتحريض على التمرد ضد حكومة الولايات المتحدة، والذي عرقل الانتقال السلمي للسلطة، هو أخطر جريمة دستورية يرتكبها رئيس"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وأكد النائب الديمقراطي أنه "ليس هناك أي شكّ في شرعية آلية العزل، حيث أطلقت المحاكمة عندما كان ترمب لا يزال يمارس مهامه"، لافتاً إلى أنه "ليس هناك أي شكّ في اختصاص مجلس الشيوخ في محاكمته".

ونقلت الوكالة الفرنسية عن النواب الديمقراطيين والذين يتولون مهمة الادعاء في المحاكمة، قولهم إن "جهود ترمب من التهرّب من مسؤوليته غير مجدية"، مشدّدين على أنّ "الأدلّة ضدّه دامغة".

واعتبر النواب الديمقراطيون أنّ الرئيس السابق ارتكب "انتهاكاً للدستور هو الأخطر في تاريخ الرئاسة الممتد 232 عاماً، بتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس".

وتعقد المحاكمة التاريخية، في ظل ما يشهده مبنى الكابيتول من إغلاق تام وتدابير أمنية مشددة، على الرغم من مرور أكثر من شهر على الاضطرابات، ووسط استمرار المخاوف من هجمات يشنها متطرفون، لا يزال ستة آلاف عنصر من الحرس الوطني منتشرين في العاصمة واشنطن، في إشارة إلى أن السلطات لا تزال متوترة.

وتبدأ المرافعات في محاكمة ترمب، الأربعاء، إذ سيحصل فيها كل جانب على 16 ساعة توزع على مدى يومين، ثم يوجه أعضاء مجلس الشيوخ الأسئلة على الجانبين، وفي حال أراد أي طرف استدعاء شهود يطرح الأمر للتصويت مع ضرورة أن يحصل على أغلبية الأصوات في المجلس.

وفي حال أدين ترمب بالتهمة الموجهة إليه والتي تتطلب أكثرية الثلثين، فإنّ مجلس الشيوخ سيُجري على إثره تصويتاً بالأغلبية البسيطة لمنع ترمب من تولي أي منصب عام في المستقبل.

وتتطلب إدانة ترمب أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي أن ينشق 17 جمهورياً وينضموا إلى 50 عضواً ديمقراطياً، وهو ما وصفه الخبراء بـ"المستحيل".

جانب من الاجرءات الأمنية المشددة في مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن - AFP
جانب من الإجرءات الأمنية المشددة في مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن - AFP

 فريق الدفاع

واعتبر ديفيد شون أحد محامي الدفاع عن الرئيس الأميركي السابق، الثلاثاء، أن محاكمة ترمب "سوف تمزّق البلاد"، مؤكداً أن "المحاكمة سياسية وستجعل الولايات المتحدة أكثر انقساماً وستضعف كثيراً مكانتنا عالمياً".

ووصف فريق دفاع الرئيس الأميركي السابق، الاثنين، محاكمة عزله في مجلس الشيوخ، بـ"المسرحية السياسية يديرها الديمقراطيون، لنيل مكاسب سياسية من أحداث الشغب في الكونغرس"، في وقت أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن ترمب رفض عرضاً للإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ.

وأكد دفاع ترمب في مذكرة قدمها إلى مجلس الشيوخ أن محاكمته "غير دستورية"، و"يجب وقفها فوراً"، مشيراً إلى أنه "كان يمارس حقه الدستوري، عندما جادل بشأن نتائج الانتخابات، وقال إنه على أنصاره القيام باحتجاج سلمي"، ولذلك، تضيف الإفادة "لا يمكن اعتبار ترمب مسؤولاً على سلوكات مثيري الشغب"، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".

ديفيد شون أحد محامي الدفاع عن الرئيس الأميركي السابق خلال كلمته أمام مجلس الشيوخ  - via REUTERS
ديفيد شون أحد محامي الدفاع عن الرئيس الأميركي السابق خلال كلمته أمام مجلس الشيوخ - via REUTERS

وشدد دفاع ترمب على أن مجلس الشيوخ "ليس مخولاً لمحاكمة ترمب من أجل عزله، بما أنه غادر منصب الرئاسة بالفعل"، معتبرين أن هذه المحاكمة "لا تسعى لتحقيق العدالة".

وأضافت المذكرة: "بل بالعكس من ذلك، فإن هذه المحاكمة هي محاولة أنانية من قبل قيادة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، لاستغلال مشاعر الخوف والالتباس للأميركيين من مختلف الأطياف السياسية، بعد مشاهدتهم تخريب مبنى الكابيتول في 6 يناير من قبل مئات الأشخاص".

وأضاف الدفاع أنه "بدلاً من العمل على تعافي الوطن، أو على الأقل التركيز على متابعة خارقي القانون الذين اقتحموا الكابيتول، حاول الديمقراطيون تسخير الفوضى بشكل قاسٍ، لتحقيق مكاسبهم السياسية".

عرض مجلس الشيوخ

وفي سياق متصل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، بعد عودته إلى البيت البيض من رحلته إلى مقر إقامته في ديلاوير، إن الرئيس السابق ترمب "حصل على عرض للحضور إلى مجلس الشيوخ والإدلاء بشهادته في محاكمة العزل"، مضيفاً أنه "قرر عدم القيام بذلك"، و"سنترك مجلس الشيوخ إذاً يتعامل مع ذلك".

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحافيين، أن بايدن ترشّح ضدّ ترمب في عام 2020 "لأنه شعر أن الرئيس السابق غير مؤهل بالمنصب"، مضيفةً أنه "سيترك الأمر لمجلس الشيوخ لينظر بمسار هذه المحاكمة".