قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظرائه في إسرائيل ومصر والإمارات والبحرين والمغرب، إن بلاده ستواصل جهود تعزيز الروابط بين إسرائيل والدول العربية، مشدداً على أن اتفاقات السلام الموقعة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية "ليست بديلاً عن حل الأزمة الفلسطينية".
وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن واشنطن ستواصل التعاون مع دول المنطقة لمواجهة إيران ووكلائها، في حين اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، إيران، "عدو مشترك"، مشيراً إلى أن "التردد لن يردعهم بل القوة".
من جانبه وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري المحادثات في "قمة النقب" بأنها "كانت عميقة وبناءة وتسعى لمعالجة تحديات المنطقة".
أما وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني فأكد في المؤتمر الصحافي المشترك، أنه "لا بد من التعاون لتحقيق الأمن المشترك بين دول المنطقة"، لافتاً إلى أن "هجمات الحوثيين على منشآت الطاقة المدنية، وسلوك حزب الله يتطلبان التعاون بين دول المنطقة".
ووصل إلى إسرائيل، الأحد، وزراء خارجية مصر والبحرين والإمارات والمغرب والولايات المتحدة، وذلك لحضور قمة النقب "غير المسبوقة"، التي ناقشت عدداً من القضايا الإقليمية والعالمية، على رأسها الملف النووي الإيراني والغزو الروسي لأوكرانيا.
"اجتماع دوري"
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، أن الوزراء المجتمعين في "قمة النقب" اتفقوا على جعل القمة "اجتماعاً دائماً"، مضيفاً هذا "اللقاء هو الأول ولن يكون الأخير".
وقال: "نفتح اليوم الباب أمام شعوب المنطقة بمن فيهم الفلسطينيون"، مضيفاً أن إسرائيل تعرض عليهم "أن يبدلوا مسار الإرهاب والتدمير من أجل مستقبل مزدهر وناجح" على حد تعبيره.
وأشار لبيد في بداية كلمته إلى هجوم الخضيرة، وقال إن تنظيم داعش تبنى الهجوم بعد وقت قصير "رداً على قمة النقب التي تجري هنا لكننا لن نستسلم لهم ولن نتراجع عن مسارنا".
وأضاف أن "هدف الإرهابيين هو إخافتنا وجعلنا نخاف من أن نلتقي ونتوصل لاتفاقات فيما بيننا وبناء علاقات ولكنهم لن ينجحوا في ذلك، وليس لدينا أي نية بأن ندعهم يملون علينا حياتنا أو سياساتنا".
وتابع أن "إسرائيل قوية ولن تستسلم أبداً للإرهاب، سنستمر في مسارنا وأنا لست وحدي في هذا، كل من حضر هنا يشاركني هذا الشعور".
وأشار إلى أن وزراء الخارجية المشاركين في القمة "أدانوا هذا الاعتداء بصوت واحد وأشكرهم بالنيابة عن شعب إسرائيل".
إعادة هندسة مستقبل المنطقة
وقال لبيد إن "إسرائيل وآبائها قالوا إن التاريخ ليس مكتوباً بل هو يصنع وما نقوم به هنا اليوم هو صناعة التاريخ وهندسة المستقبل بناءً على التسامح والتطور. وهذه الهندسة الجديدة والقدرات المشتركة التي نقوم ببنائها تقوم بردع عدونا المشترك بداية من إيران وكذلك أذرعها".
وأضاف :"نحن نقف هنا في النقب ونحن حيث قام آباؤنا المؤسسون قبل اتفاقات أبراهام بتأسيس هذه البلاد، ورد في الكتاب المقدس أن أبرهام جاء إلى هنا لبناء مستقبل لأبنائه وهذا هو ما نفعله هنا أيضاً".
وتابع "تاريخ الشرق الأوسط هو جعل الصحراء خضراء، شعبنا وقف في هذه الصحراء وقالوا سنجعل الحياة تزدهر في هذه الصحراء ونشيد مساجد وفنون وآداب وتكنولوجيا متطورة".
"المستحيل أضحى ممكناً"
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن "قمة النقب"، "لم تكون لتكون متصورة أو مقبولة قبل عدة سنوات مضت"، مضيفاً أن اتفاقات أبراهام خلقت واقعاً جديداً إذ أصبح "المستحيل ممكناً"، وشدد على أن الولايات المتحدة "تدعم عمليات التحول في منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف في المؤتمر الصحافي، أن الاتفاقات الموقعة بين الإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل غيرت حياة الشعوب في هذه المنطقة و"جعلتها أكثر سلاماً وازدهاراً".
وقال "نحن اليوم في زمن مختلف، إسرائيل وجيرانها كانوا في حرب ولكن اليوم ما كان مستحيلاً تغير وأصبح ممكناً. هناك واقع جديد قائم اليوم، وهذا هو ما يحدث عندما نقوم بإزاحة العراقيل ونعمل معاً".
وتابع: "أحيي شجاعة من كانوا مستعدين لكسر هذه العراقيل من سياسيين وشعوب وأفراد وضعوا علاقات جديدة غير مسبوقة وتاريخية".
وأشار في هذا الصدد إلى "السفارات التي تفتح في تل أبيب وتبادل السفراء بين البلدان واللقاءات لإطلاق تعاون بين الدول وتعزيز العلاقات الاقتصادية".
وأعلن بلينكن، إدانته إطلاق النار الذي شهدته إسرائيل في الخضيرة، الأحد، وقال "أضم صوتي بإدانة الهجمات الإرهابية التي أسقطت شخصين من الشرطة الإسرائيلية، وبالنيابة عن الرئيس بايدن ندين هذا الهجوم ونعزي أسرتي الضحيتين".
واعتبر وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة تهدف لتحقيق "الاستقرار والحرية والفرص والكرامة" وكذلك "خلق الظروف من أجل التفاوض بشأن حل الدولتين".
دولة فلسطينية على حدود 1967
من جانبه، كشف وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن محادثات النقب سلطت الضوء أهمية عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية وأهمية حل الدولتين "بما يمكن إسرائيل وفلسطين من العيش جنباً إلى جنب في حدود معروفة على أساس حدود 1967 على أن تكون القدس عاصمة لفلسطين".
وقال وزير الخارجية المصري إن بلاده تحاول بالتعاون مع "شريكنا الولايات المتحدة"، مساعدة إسرائيل وفلسطين في التوصل إلى ما يلزم من "تنازلات ملائمة لإنهاء هذا الصراع".
وعبر شكري عن امتنانه لوزير الخارجية الإسرائيلي، لاستضافة المحادثات، وقال إنها كانت "بناءه وعميقة وتعالج مختلف التحديات التي تواجهها منطقتنا والعلاقات المتوترة نظراً للظروف المتوترة في الإقليم والعالم".
وأشار إلى أن مصر احتفلت بالذكرى الـ43 للسلام بين مصر وإسرائيل، وكذلك التطورات المهمة والبناءة في تطبيع العلاقات بين الدولتين، وأضاف "نرى أن الطريق الذي وضعناه منذ 43 عاماً كان مثمراً وأدى إلى تبيان أهمية الاستقرار والسلام بالنسبة للمنطقة".
وبشأن مواجهة الإرهاب، أضاف شكري، أنه "يجب معالجة السردية الدينية ومواجهة التطرف والإرهاب وتأمين السلام في المنطقة ومعالجة التدخلات وكذلك تأثيرها السلبي على المنطقة".
وشدد على أن المنطقة "لديها الموارد والقدرات التي تسمح بمواجهة تلك التحديات وسنستمر في الاستفادة من كل مجالات التعاون من أجل حماية أمننا القومي في إطار التعاون السلمي. وفي كل هذه المجالات برهننا جدوى اتفاق السلام مع إسرائيل"
"التفاوض لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"
واستهل وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، كلمته بإدانة هجوم الخضيرة وتوجه بالتعازي لأسر الضحايا.
وشدد على أن البحرين "تقف بموقف حازم ضد العنف بكل أشكاله"، وأشار إلى أن قمة النقب "تعقد في وقت مناسب وهي فرصة للبناء على اتفاقات أبراهام الموقعة في سبتمبر 2020 وهي فرصة لازدهار المنطقة وحماية أمنها واستقرارها وتحقيق طموحات شعبها".
واعتبر الزياني، أنه كانت هناك حاجة لعقد مثل تلك القمة "بسبب التطورات الأخيرة الأكثر إلحاحاً مع استمرار الهجمات الحوثية على منشآت مدنية والتهديد المستمر للمنظمات الإرهابية ومنها حزب الله اللبناني".
وقال إن تلك التطورات "تجعلنا بحاجة للتفكير بمبادئ هذه الاتفاقات لاسيما التعايش والاحترام المتبادل". وشدد على أنه يجب "وضع أسس لتعايش مستدام وتعاون بين الأطراف المتعددة وعلاقة ثقة لتقدم ازدهارنا وتطويره".
وأشار إلى أن جزء كبير من تلك العملية هي "الجهود المتجددة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". ودعا الزياني إلى "التفاوض على حل يقوم على حماية مصلحة الجميع".
"علاقات وثيقة"
وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بدوره، شدد على إدانة المغرب لـ"الهجمات الإرهابية" وقدم التعازي لأسر ضحايا هجوم الخضيرة، مضيفاً أن "وجودنا هنا هي الإجابة المثلى عن تلك الهجمات".
وقال ناصر بوريطة إن حضور المغرب في هذه القمة توجه رسالتين "الأولى لشعبنا وشعب إسرائيل بأن توقيع اتفاق السلام ليس حركة عفوية بل قرار قائم على العلاقات الطويلة القائمة بين المغرب وإسرائيل والمجتمع اليهودي".
وأضاف أن مقولة "كل يهودي لديه واحد في عائلته من الدماء المغربية" ليست نكتة، مشيراً إلى أن اثنين من رؤساء البلديات في إسرائيل هما من أصول مغربية و"هذا يبين العلاقات الوثيقة بين المملكة والشعب الإسرائيلي".
أما الرسالة الثانية "فحواها أننا هنا بسبب إيماننا بالسلام وليس هذا السلام غير النشط فنحن نرى ونؤمن بسلام ناجح يخلق القيم. نريد خلق سردية مختلفة بشأن العلاقات بين شعبينا نحن لدينا شعب من مختلف الديانات، نحن هنا لنبني السلام".
وشدد على أن "الحل ممكن في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، مضيفاً:"نحن مع حل الدولتين بالعيش المشترك بين دولتين قائمتين على حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وهذا سيؤمن السلام ومصلحة إسرائيل".
وقال إن قمة النقب "توجه رسالة إيجابية للمنطقة، ورسالة لمن هم عقبة أمام الدينماية الإيجابية"، معتبراً أن قمة النقب "تخلق درعاً لحماية الدينامية الإيجابية".
"تغيير السردية"
وقال وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، إن إسرائيل "ليست فقط شريك بل صديق".
واعتبر أن العالم العربي خسر الـ43 عاماً الماضية منذ وقعت مصر وإسرائيل اتفاق السلام في كامب ديفيد، بعدم توقيع اتفاقيات مع إسرائيل.
وأضاف: "خسرنا هذه الأعوام الـ43 من معرفة شعوبنا بشكل أفضل وتغيير السردية القائلة بأن العديد من أجيال العرب وإسرائيل يعيشون في عداء".
وتابع وزير الخارجية الإماراتي " نحن نحاول تغيير هذه السردية لخلق مستقبل مختلف والبناء على أمل أفضل بالنسبة لنا ولأبنائنا وأولادهم"، معتبراً أن "إسرائيل كانت جزءاً من هذه المنطقة لوقت طويل جداً ولم يتح لنا أن نعرف البعض بشكل جيد وحان الوقت لنعوض عن ذلك ببناء علاقات قوية".
وأشار في هذا الصدد، إلى أن زيارة 300 ألف إسرائيلي للإمارات خلال العام والنصف الماضي، وزيارة مليوني شخص لجناح إسرائيل بإكسبو دبي 2020 في خلال 6 أشهر، معتبراً أن ذلك "يعكس الفضول ورغبتنا في التعرف على بعضنا البعض".