أصدرت محكمة إسرائيلية أمراً يُقيد نشر وتداول المعلومات عن الهجوم الذي شهدته مدينة الخضيرة الإسرائيلية، الأحد الماضي، حيث هاجم مسلحان وأرديا جنديين يتبعان حرس الحدود الإسرائيلي وجرحوا 6 إسرائيليين آخرين.
ويشمل حظر النشر عدم تداول تفاصيل التحقيق وأي تفاصيل عن هوية المشتبه بهم بالعلاقة مع الهجوم.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نشرت أن منفذي الهجوم هما من "الفلسطينيين في إسرائيل"، أي من المناطق المعروفة بأراضي 48، وهم الفلسطينيون الذين يشكلون نحو 20% من سكان إسرائيل ويحملون جنسيتها.
وقدرت الصحافة الإسرائيلية أن المشبه بهما في تنفيذ الهجوم من عائلة فلسطينية تقطن مدينة أم الفحم القريبة من الناصرة، التي تعد إحدى أكبر المدن الفلسطينية داخل إسرائيل.
وورد في الأنباء أن وكالة "أعماق"، التابعة لتنظيم "داعش"، نشرت خلال ساعات ما بعد الهجوم، بياناً تبنى فيه التنظيم هجوم الخضيرة، وكذلك هجوم بئر السبع الذي وقع الأسبوع الماضي.
ورجحت مصادر شرطية إسرائيلية انتماء المنفذين للتنظيم، قبل ساعات من نشر وكالة "أعماق" بيانها، بناءاً على معلومات أمنية بخصوص المتهمين.
وكانت النيابة العامة الإسرائيلية قد قدمت عام 2016 لائحة اتهام ضد أحد المتهمين بتنفيذ هجوم الخضيرة مساء الأحد تتهمه بمحاولة مغادرة إسرائيل بشكل "غير قانوني" والانضمام لـ"داعش" بعد أن اقتنع بطروحاتهم وتواصل معهم عبر الإنترنت.
ووفق لائحة الاتهام تلك توجه المتهم إلى مدينة غازي عنتاب في تركيا، في طريقه نحو الأراضي السورية للالتحاق بتنظيم داعش لكن الشرطة التركية قبضت عليه وأبعدته إلى إسرائيل حيث أوقفته الشرطة الإسرائيلية بدورها في مطار بن جوريون.
وجر "هجوم الخضيرة" حملة انتقادات واسعة في الإعلام الإسرائيلي للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وتحديداً جهاز الشاباك.
المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إحدى الصحف الأوسع انتشارا في إسرائيل، تساءل: "أين اختفى الشاباك؟".
هجوم بئر السبع، الأسبوع الماضي، سبق ونفذه شخص واحد، هو محمد غالب أبو القيعان، في عملية أشبه بعملية فردية، واستخدم فيها سكيناً، وأودى فيها بحياة 4 يهود إسرائيليين في 3 مواقع مختلفة.
أما هجوم الخضيرة، من جهة أخرى، فاشترك شخصان في تنفيذه، وضبطت الشرطة الإسرائيلية، بعد أن قتلتهما، كميات من الذخيرة والأسلحة كانت بحوزتهما، بالإضافة إلى زي عسكري خاص حمل رسومات مختلفة، ما طرح العديد من التساؤلات حول الفترة التي احتاجاها لتخطيط العملية، والموارد المالية لتمويل الأسلحة والزي العسكري، ومن يقف وراء تمويلها، ومن أين تم شراء الأسلحة، وكيف وصلت إليهما، وعبر من، وكم استغرقت الفترة من بدء التخطيط للتنفيذ حتى الانتهاء من تنفيذ العملية، وكيف لم يلحظ الشاباك (جهاز الأمن العام في إسرائيل) أي إشارات حول هذه التفاصيل، خصوصاً أن الحديث يدور عن أشخاص معروفين بتوجهاتهم للجهاز.
وكانت إسرائيل قد اعتقلت، خلال سنوات الحرب في سوريا، عدداً من مواطنيها العرب الفلسطينيين، الذين أبدوا تعاطفاً مع تنظيم داعش وطروحاته، وحاولوا مغادرتها إلى تركيا بالأساس للانضمام إلى داعش.
وبدأت أغلب هذه المحاولات عبر الإنترنت، ما دفع حينها أجهزة الأمن الإسرائيلية لتعزيز قدراتها على متابعة التواصل، عبر فيسبوك تحديداً، مع جهات خارج إسرائيل محسوبة على داعش.
وكان الشاباك قد أصدر مذكرة في العام 2008 حول تغلغل أفكار تنظيم القاعدة في إسرائيل، وقال الشاباك في مذكرة أخرى أصدرها في العام 2012 إن "تعميق التماثل مع الأفكار السلفية الجهادية، يصعد المخاطر المحتملة على إسرائيل".
وأضاف الشاباك أنه على الرغم من أن هذه الظاهرة "ليست محل إجماع بين العرب في إسرائيل، إلا أن ثمة تخوف من أن يرى شبان، متأثرون بشخصيات دينية لديها كاريزما وتؤيد أفكار القاعدة، في أفكار السلفية الجهادية مبرراً دينياً وفكرياً للانتقال من النظري إلى العملي، بما في ذلك تنفيذ عمليات عسكرية وممارسة الإرهاب".
وكان معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، قد نشر مقالاً عام 2016 يبحث مواقف العرب داخل إسرائيل تجاه تنظيم داعش في العراق وسوريا، ويستند على استطلاع للرأي العام، شارك فيه 690 مواطناً عربياً مسلماً.
وأظهرت نتائج البحث أن دعم المواطنين العرب في إسرائيل لداعش وانضمام القليل منهم إلى القتال داخل التنظيم لا يزال ظاهرة هامشية في نطاقها، وإن السكان العرب وقيادتهم السياسية والدينية، بكل مكوناتها وفصائلها المهمة، يعارضون داعش بشكل علني وصريح.
كما أظهر الاستطلاع أن المؤيدين لتنظيم داعش من المواطنين العرب هم أولئك: الذين يتبنون الهوية العربية الفلسطينية ويرفضون الانتماء المتعلق بالهوية الإسرائيلية؛ والذين يتعرضون أو يدعون بأنهم يتعرضون للتمييز ضدهم كعرب؛ أو من يشعرون بالتهديد أو تعرضوا للتهديد والإذلال من قبل اليهود؛ وغير الراضين عن حياتهم في دولة إسرائيل؛ أو داعمين للحركة الإسلامية داخل إسرائيل؛ أو داعمين للمظاهرات غير المرخصة ولاستخدام العنف.
ويأتي الدعم لداعش نتيجة لتعزز الشعور القومي في هوية العرب في إسرائيل على حساب عامل المواطنة (المدني)، وذلك نتيجة التمييز والعنصرية والإقصاء الذي يعتبرونه ممنهجاً تجاه مواطني إسرائيل من العرب الفلسطينيين.