دُعي حوالى 93 مليون مكسيكي إلى التصويت، الأحد، في استفتاء على استمرار ولاية رئيسهم أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الذي اتخذ مبادرة تنظيم هذه "المشاورة الإلغائية" غير المسبوقة والمهددة بنسبة امتناع كبيرة.
وكان الرئيس القومي اليساري لوبيز أوبرادور (68 عاماً) انتخب في 2018 لولاية مدتها 6 سنوات. وهو يريد من "شعبه" الاعتراف بحق البقاء في السلطة حتى نهاية ولايته الوحيدة في 2024 كما ينص الدستور.
ويفترض أن يجيب الناخبون على السؤال: "هل أنت مع إلغاء ولاية أندريس مانويل لوبيز أوبرادور رئيس الولايات المتحدة المكسيكية بسبب فقدان الثقة، أم مع بقائه في منصب رئيس الجمهورية حتى نهاية ولايته؟".
وفوز مؤيدي استمرار بقاء الرئيس حتى نهاية ولايته لا شك فيه، فـ"املو"، كما يلقب بالأحرف الأولى من اسمه ولقبه، يدرك أنه ما زال يتمتع بشعبية كبيرة إذ إن 60% من المكسيكيين يدعمون سياسته الهادفة إلى قطيعة مع النظام الليبرالي الجديد، حسب استطلاعات الرأي.
ويؤكد لوبيز أوبرادور أن الأمر يتعلق بأن "الشعب هو صاحب السيادة ويتولى القيادة".
وقررت كتلة المعارضة، حزب العمل القومي اليميني وحزب الثورة الديمقراطية اليساري وحزب المؤسسات الثوري الحاكم سابقاً، الامتناع عن التصويت، معتبرة دعوة الرئيس إلى الاستفتاء "ممارسة شعبوية".
نزاهة أم خداع
ويشتبه المعارضون بأن الرئيس لوبيز أوبرادور يريد الاعتماد على استفتاء للتخطيط لإعادة انتخابه، وهو أمر من المحرمات في المكسيك منذ العهد البعيد المسمى "بروفيرياتو". وحينذاك بقي الرئيس بورفيريو دياز في السلطة نحو 30 عاماً من 1884 إلى 1911.
وينص الدستور المكسيكي فقط على ولاية رئاسية واحدة مدتها 6 سنوات. وقال الرئيس السابق للمعهد الوطني الانتخابي بيدرو أوجالدي إن الرئيس يسعى "مثل أي مسؤول سياسي شعبوي آخر" إلى الإيحاء بأن "الشعب يقف في صفه".
من جهته صرح خورخي تيرانا، أحد نواب حزب العمل القومي، لصحيفة "ميلينيو" اليمينية بأن "لا جدوى من المشاركة في هذه المشاورة". وأضاف أنها "عملية دعائية، وأياً تكن النتيجة سيحكم املو حتى 2024".
لكن الانتصار المعلن لـ"النعم" محدود، لأن 40% فقط من الناخبين يجب أن يتوجهوا إلى مراكز الاقتراع حتى تكون للنتيجة قيمة قانونية ملزمة. وتوقع معهد استطلاعات الرأي "إينتيجراليا" ألا تتجاوز نسبة المشاركة 14.8%.
وقال الصحافي والكاتب بيدرو ميجيل القريب من الرئيس لوبيز أوبرادور، إنه سيصوت بـ"نعم" على أمل أن "تمنح المشاورة المجتمع أداة للسيطرة على السلطة السياسية".
وتفكر مايرا مارويندا (29 عاماً) في الامتناع عن التصويت. وقالت: "في الواقع، أعتقد أنه خذلنا جميعاً. أعتقد أنها لعبة وتلاعب ولا أفكر في المشاركة فيها".
وكانت الحملة هادئة نسبياً، وتمثلت بوضع بعض الملصقات معظمها لصالح رئيس الجمهورية. وقد كتب على واحدة منها "أملو.. لست وحدك!".
وشاركت رئيسة بلدية مدينة مكسيكو كلوديا شينبوم التي يمكن أن تتولى الرئاسة خلفاً للوبيز أوبرادور في 2024، مساء الأربعاء، في مسيرة حاشدة ضمت آلاف المؤيدين للاستفتاء.
وتظاهر بضع مئات ضد هذه المبادرة قبل أسبوع.
إصلاحات وإنجازات
وأُدرجت "المشاورة الإلغائية" في الدستور في 2019 بُعيد وصول أندريس مانويل لوبيز أوبرادور إلى السلطة في ديسمبر 2018.
ويأتي استفتاء الأحد قبل شهرين من انتخاب حكام 6 ولايات (من أصل 32) يأمل حزب الرئيس في تعزيز قاعدته الانتخابية فيها. ويتطلع هذا الحزب أيضاً إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024.
ويبدو أن المنافسة على المنصب بدأت خصوصاً بين رئيسة بلدية مكسيكو ووزير الخارجية مارسيلو إبرارد ورجل حزب الرئيس مورينا "حركة الإحياء القومي" في مجلس الشيوخ ريكاردو مونريال.
كما يأتي الاستفتاء في أوج جدل دبلوماسي وسياسي وقانوني وفني وتشريعي حول إصلاح قطاع الكهرباء الذي يستهدف شركاء المكسيك الأجانب بدء من الولايات المتحدة وإسبانيا.
ويريد الرئيس أن يضمن للشركة العامة الفيدرالية للكهرباء 54% من الإنتاج مقابل 38% حالياً. وتقول واشنطن إن هذا الإصلاح يهدد استثمارات أجنبية بالمليارات في المكسيك والطاقة المتجددة.
وفي منتصف ولايته يحسب للرئيس أنه اتخذ بعض التدابير الاجتماعية مثل زيادة كبيرة في الحد الأدنى للأجور لصالح "6.3 ملايين عامل"، حسب الرئاسة.
كما دشن بالاعتماد على الجيش للبناء والإدارة، أول مشاريعه الكبرى مطار مكسيكو سيتي الدولي الجديد الذي يستخدم حالياً للرحلات الداخلية فقط.
وفي مواجهة وباء كورونا والركود الاقتصادي لعام 2020 (-8.4%)، يلتزم الرئيس اليساري بسياسة تقشف ترفض أي ديون. ويبدو البيزو صامداً أمام الدولار، على خلفية تضخم قياسي خلال 20 عاماً بلغ أكثر من 7% في 2021.
ومن جهة أخرى يحد استمرار العنف المرتبط بالاتجار بالمخدرات (33 ألفاً و308 جريمة قتل في 2021) من جدوى شعاره ("العناق وليس إطلاق النار").
وما زالت المكسيك تشهد جرائم قتل صحافيين (8 في 3 أشهر) واختفاء 100 ألف شخص من دون سبب واضح خلال العقود الماضية، وهي قضية ستشكل موضوع تقرير للأمم المتحدة في منتصف أبريل.