ما هو "فخ ترمب" لعرقلة إحياء الاتفاق النووي مع إيران؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال تجمع لأنصاره في ميشيجان- 2 أبريل 2022 - REUTERS
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال تجمع لأنصاره في ميشيجان- 2 أبريل 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أكثر من ألف عقوبة على إيران عندما كان في السلطة، لكن واحدة منها تحديداً اعتبر محللون أنها مصممة عن عمد لإفساد جهود أي إدارة تأتي لإحياء الاتفاق النووي لمنع إيران من صنع قنبلة ذرية، وذلك وفق ما أفادت شبكة (إن بي سي) الأميركية.

وفي العام 2018 أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وأدرج الحرس الثوري الإيراني، على القائمة السوداء كمنظمة إرهابية أجنبية في عام 2019.

والآن وصلت مفاوضات تجديد الاتفاق النووي إلى طريق مسدود بشأن العقوبات، مع مطالبة إيران لإدارة بايدن برفع الحرس الثوري من لائحة الإرهاب، وفقاً لما نقلته الشبكة الإخبارية عن مسؤول حالي و3 مصادر مطلعة على المناقشات.

وأوضحت المصادر أن المناقشات بين إيران والقوى العالمية اقتربت بشكل لافت من إبرام اتفاق في أواخر فبراير الماضي، لكنها تعثرت بعد أن أثارت روسيا مخاوف جديدة وسط حربها في أوكرانيا، ومع ضغط المسؤولين الإيرانيين من أجل رفع التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري.

عرض أميركي واقتراح إيراني 

وأفادت المصادر بأن إدارة بايدن عرضت اقتراحاً برفع هذا التصنيف مقابل تأكيدات من إيران بعدم الانتقام من المسؤولين الأميركيين لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في عام 2020 خلال غارة جوية أميركية بطائرة مسيرة في بغداد.

وأوضحت المصادر أن إيران رفضت الاقتراح وردت قبل نحو أسبوعين باقتراح بديل، ما زالت تفاصيله غير واضحة، مضيفة أن إدارة بايدن لم ترد بعد بشكل رسمي على مقترح طهران البديل.

وقال مصدر مطلع على المناقشات إن "الكرة في ملعب بايدن".

والآن يناقش مسؤولو الإدارة الأميركية كيفية المضي قدماً في المفاوضات، مدركين أن رفع الحرس الثوري من لائحة الإرهاب سيثير ردود فعل لاذعة في الكونجرس وبين الحلفاء في الشرق الأوسط.

"فخ ترمب" 

وقال علي فايز الباحث بمجموعة الأزمات الدولية إنه "ليس هناك شك في أن هذا فخ نصبه ترمب لبايدن".

وأضاف فايز وهو مؤيد قوي لاتفاق إيران لعام 2015: "المفارقة هي أن المأزق الحالي تم تصنيعه عن عمد مسبقاً من قبل إدارة ترمب، لوضع الإدارة التي تأتي من بعدها في المكان الذي تواجهه حالياً بالضبط".

وأشار مسؤول كبير في إدارة بايدن إلى أن الأمر متروك لإيران لحل المأزق.

وقال المسؤول الذي لم تكشف "إن بي سي" عن هويته: "لن نتفاوض علناً. لقد أوضح الرئيس أنه سيفعل ما هو في مصلحة أمن الولايات المتحدة.. والعبء هنا يقع في الحقيقة على إيران في هذه المرحلة، لا سيما فيما يتعلق بهذه المسألة".

ولم ترد بعثة إيران في الأمم المتحدة على طلب من جانب الشبكة الأميركية للتعليق.

وفرض اتفاق 2015 المعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، قيوداً صارمة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد ترمب، أعادت فرض العقوبات على إيران مع إضافة العديد منها أيضاً، ورفض مسؤولو الإدارة الأميركية في ذلك الوقت ذلك الإجراء، وحذروا من أنه قد يُقوض الصيغة التي يقوم عليها اتفاق عام 2015.

وبعد ما يقرب من عام من المفاوضات، تمكنت إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين في الغالب من حل مسألة العقوبات التي سيتم رفعها وفقاً للاتفاق الأصلي، باستثناء وضع الحرس الثوري الإيراني على القائمة السوداء.

واتهمت الحكومة الأميركية الحرس الثوري بقتل مئات من القوات الأميركية في العراق، وتزويد حلفائها وجماعاتها المسلحة في سوريا ولبنان واليمن بالأسلحة والتدريب.

وعلى مدى العقدين الماضيين، فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني بسبب برنامج الصواريخ الباليستية واتهامات بالإرهاب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

"خطوة رمزية" 

ويقول معظم المسؤولين السابقين والمحللين الإقليميين، إن رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب لن يكون له تأثير عملي يُذكر، إذ سيظل الكيان الإيراني خاضعاً لعدد لا يحصى من العقوبات الأميركية الأخرى.

لكن، بحسب "إن بي سي" تحمل هذه الخطوة رمزية سياسية قوية بالنسبة لإيران والولايات المتحدة وأعداء طهران في الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق برد الفعل السياسي المحلي المحتمل في الولايات المتحدة، فإن إدارة بايدن تُدرك أنها "ستشعر بالهزيمة" إذا تم رفع تصنيف الإرهاب دون شروط، على حد قول مسؤول أميركي سابق.

ويمثل التخلي عن التصنيف "مشكلة في لحظة صعبة"، وفقاً لماثيو ليفيت، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

وكتب ليفيت مؤخراً أن "شركاء أميركا وحلفاؤها في المنطقة، وخاصة دول الخليج وإسرائيل، قلقون للغاية من أن الاتفاق النووي المتجدد سيعمل على تمكين إيران في وقت يُنظر فيه إلى أن الولايات المتحدة تتراجع عن المنطقة".

كما يرقى رفع التصنيف أيضاً إلى محاولة من جانب الإيرانيين لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، إذ أن وضع الحرس الثوري لا علاقة له بالاتفاق، وفقاً لإريك بروير، مسؤول أميركي سابق ومدير كبير الآن في "مبادرة التهديد النووي"، وهي مؤسسة فكرية.

وقال بروير: "القضية الحقيقية ليست القيمة العملية لتصنيف الإرهاب، ولكن التداعيات السياسية الداخلية لرفع (الحرس الثوري) من اللائحة، والإشارات السلبية التي قد ترسلها واشنطن إلى الشركاء الخليجيين حين تكون العلاقات متوترة بالفعل، وربما الأهم من ذلك، أن القيام بذلك من شأنه أن يجذبنا بشكل مباشر إلى منطقة خارج نطاق الاتفاق الأصلي".

تنازلات إيرانية 

ويقول مسؤول أميركي حالي ومصدران مطلعان على الموضوع لـ "إن بي سي"، إن الإدارة الأميركية ليست مُستعدة لرفع التصنيف عن الإرهاب دون أن تقدم إيران شيئاً ذا قيمة مماثلة في المقابل.

وسبق أن رفضت إيران مقترحات أميركية بإجراء محادثات بشأن برنامجها الصاروخي أو إجراءاتها في الشرق الأوسط.

ومن وجهة نظر واشنطن، فإن مكانة الحرس الثوري لا علاقة لها بالاتفاق النووي، وبالتالي يتطلب من إيران تقديم تنازلات في قضايا أخرى.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه إذا كانت إيران تريد رفع العقوبات التي "تتجاوز الاتفاق النووي، فسوف تحتاج إلى معالجة مخاوفنا فيما وراء الاتفاق".

وأوضح المتحدث أن "الإدارة الأميركية تستعد لسيناريوهات مع عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة وبدونها".

تصنيفات