انتخبت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، البريطاني كريم خان رئيساً جديداً للادعاء لولاية مدتها 9 سنوات تبدأ في 16 يونيو المقبل، خلفاً لرئيسة الادعاء المنتهية ولايتها فاتو بنسودا.
وتضم المحكمة، التي يوجد مقرها في لاهاي بهولندا، 123 عضواً وتنظر في قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم العدوان.
وفاز خان، الذي يبلغ من العمر 50 عاماً، في الجولة الثانية من التصويت بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بدعم من 72 دولة، أي 10 دول أكثر من الـ62 دولة المطلوبة لتأمين فوزه بالمنصب الرفيع.
وكان خان الذي قاد تحقيقاً للأمم المتحدة في الفظائع التي ارتكبها تنظيم "داعش"، يتنافس مع 3 مرشحين من أيرلندا وإيطاليا وإسبانيا لخلافة بنسودا.
وكانت بنسودا قادت تحقيقات مثيرة للجدل واجهت اعتراضاً دولياً، بما في ذلك النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وأفغانستان.
وفرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عقوبات على بنسودا بسبب تحقيق بشأن جرائم حرب أميركية مفترضة في أفغانستان.
فوز متوقع
وكانت وسائل إعلام بريطانية ذكرت أن خان هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بالمنصب مقارنة بأشد منافسيه، الإسباني كارلوس كاستريسانا والأيرلندي فيرغال غاينور والإيطالي فرانشيسكو لو فوي.
وعلى الرغم من عدة محاولات في الأسابيع الأخيرة، فشلت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في التوصل إلى توافق بشأن تعيين مدّعٍ عام جديد، ووجب عليها حسم قرارها خلال تصويت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ومن المقرر أن تستقيل بنسودا المولودة في غامبيا، في يونيو بعد 9 سنوات قضتها في واحد من أصعب المناصب في القضاء الدولي، تاركة وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات في محكمة لاهاي.
وسيكون خان، وهو ثالث مدّعٍ عام للمحكمة منذ إنشائها في 2002، مسؤولاً عن ملفات ضخمة وقضايا معقدة، في محكمة يتم باستمرار التشكيك في شرعيتها.
خلفية حقوقية
وترأس خان، وهو محامٍ بريطاني متخصص في حقوق الإنسان، مؤخراً تحقيقا خاصاً للأمم المتحدة بشأن جرائم تنظيم "داعش"، ودعا إلى إجراء محاكمات شبيهة بتلك التي خضع لها القادة النازيون في نورمبرغ.
أما القاضي الإسباني كارلوس كاستريسانا، فقد ترأس في السابق لجنة تابعة للأمم المتحدة بشأن مكافحة الجريمة والفساد في غواتيمالا، ولكنه استقال في 2010، مؤكداً أنه يتعرّض "لهجمات منهجية" من جانب موظفين متعطشين للسلطة.
من جهته، كان الأيرلندي فيرغال غاينور قد مثل ضحايا جرائم في المحكمة الجنائية الدولية، في إطار التحقيق بشأن الحرب في أفغانستان وكذلك في قضية ضد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا.
وفي ما يتعلق بالمدعي فرانشيسكو لو فوي المتحدر من صقلية، فقد سبق له أن عمل في قضايا ضد المافيا الإيطالية وشبكة كبيرة من مهربي البشر.
ملفات مثيرة للجدل
وتتمثل أولى المسؤوليات التي سيضطلع بها المدعي العام الجديد في اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية المتعلقة بالتحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان، والتحقيق المثير للجدل حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في غزة خلال عام 2014.
والعام الماضي، استهدفت إدارة ترمب بنسودا ومسؤولاً كبيراً آخر في المحكمة الجنائية الدولية، وفرضت عليهما عقوبات، بما في ذلك حظر سفر وتجميد أصولهما، بسبب تحقيق حول جرائم حرب أميركية مفترضة في أفغانستان.
كما عارضت إسرائيل والولايات المتحدة، وهما ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، بشدة تحقيقاً آخر في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الإسرائيلية وجماعات فلسطينية مسلحة.
والأسبوع الماضي، أعلن قضاة الجنائية الدولية أن المحكمة لديها اختصاص للنظر في الأحداث التي تقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يمهد الطريق لإجراء تحقيق في جرائم الحرب.
وبدت إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أقل حدة بشأن التحقيقات، ولكنها لم توضح بعد ما إذا كانت تنوي التخلي عن العقوبات المفروضة على بنسودا والتي اعتبرتها المحكمة "غير مقبولة".
سجل إنجازات متفاوت
وتترك بنسودا وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات، على الرغم من أنها وسّعت نطاق المحكمة الجنائية الدولية، بحسب ما يقول خبراء.
وقد تمت تحت قيادتها تبرئة رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو من جرائم ضد الإنسانية، بينما تمت تبرئة النائب السابق لرئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية، جان بيير بيمبا، بالاستئناف.
وأسقطت بنسودا تُهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الكيني أوهورو كينياتا.
والمحكمة الجنائية الدولية هي المحكمة الدائمة الوحيدة لجرائم الحرب في العالم. وقد تعرّضت لانتقادات مراراً لتركيزها على شؤون البلدان الإفريقية.