تبادل السجناء بين واشنطن وموسكو يعيد "أجواء الحرب الباردة"

الجندي الأميركي تريفور ريد مع جنود روس أثناء توجهه إلى طائرة تقله إلى مطار غير معلن لتسليمه إلى بلاده في عملية تبادل أسرى بين واشنطن وموسكو -  27 أبريل 2022 - REUTERS
الجندي الأميركي تريفور ريد مع جنود روس أثناء توجهه إلى طائرة تقله إلى مطار غير معلن لتسليمه إلى بلاده في عملية تبادل أسرى بين واشنطن وموسكو - 27 أبريل 2022 - REUTERS
واشنطن- أ ف ب

أعادت عملية تبادل سجناء بين موسكو وواشنطن، الأربعاء، تقليداً شهدته حقبة الصراع الأميركي السوفيتي، خلال أوج فترات الحرب الباردة بين المعسكرين، الشرقي والغربي.

وأظهرت صور التلفزيون الروسي جندي مشاة البحرية (المارينز) الأميركي السابق تريفور ريد (30 عاماً)، مرتدياً معطفاً وهو يخرج من شاحنة صغيرة برفقة ثلاثة جنود روس على مدرج مطار كما يبدو، في مشهد قريب من فلمم سينمائي.

واستلمت الولايات المتحدة جندي مشاة محكوم في روسيا منذ 2020، مقابل تسليم طيار روسي مدان بتهريب المخدرات، ما يدل على إجراء مفاوضات سرية في أوج أزمة دولية حادة، قطع فيها الغرب إتصالاته بروسيا، وشهدت طرد الكثير من الدبلوماسيين بين الجانبين.

وتوجهت الطائرة إلى تركيا، التي لم تحظر مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية، خلافاً لدول الاتحاد الأوروبي، حيث تمت مبادلته بالطيار الروسي كونستانتين ياروشنكو، الذي أدين بتهريب المخدرات وكان مسجونا في الولايات المتحدة.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية شددت على أنها لن تجري أي تواصل دبلوماسي مع موسكو بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن هذا التبادل يظهر أن القوتين لا تزالان تقيمان علاقة حول مواضيع محددة.

وقال والد المارينز جوي ريد، إن تريفور نُقل هذا الأسبوع إلى سجن في موسكو، وإن عملية التبادل تمت على مدرج مطار في تركيا، مضيفاً: "توقّفت الطائرة الأميركية بجانب الطائرة الروسية، وتم إطلاق السجينين بشكل متزامن على غرار ما يحصل في الأفلام".

وتم الاتفاق رغم أن السفارة الأميركية شبه خالية في موسكو، بعدما اشتكت واشنطن منذ فترة طويلة من قيود روسية على موظفيها.

جسر جلينيك

قبل انتهاء الحرب الباردة عام 1991، كانت القوتان تتبادلان ليلاً السجناء على جسر جلينيك في برلين.

الجسر الذي كان يعرف باسم "جسر الجواسيس"، كان يربط المنطقة الأميركية في برلين الغربية بمدينة بوتسدام في ألمانيا الشرقية سابقاً، فوق نهر هافل.

وأشهر عملية تبادل تعود لعام 1986، حين أفرج عن المنشق السوفياتي البارز ناتان شارانسكي مقابل تشيكوسلوفاكي وزوجته، المتهمان بالتجسس لحساب موسكو.

"أولوية أميركية"

وتريفور ريد طالب وعنصر سابق في مشاة البحرية الأميركية، حكمت عليه محكمة روسية في يوليو 2020 بالحبس 9 سنوات لإدانته بالاعتداء على شرطي تحت تأثير الكحول، وهو ما نفاه. وهو لا يحظى بنفس أهمية شارانسكي، والإفراج عنه لن يترك تداعيات سياسية كبرى.

وبادر الرئيس جو بايدن إلى الترحيب بالجندي المفرج عنه، وسعادته بمشاركة أسرته الأخبار السارة، منوهاً بـ"عمل الكثيرين" في الحكومة الأميركية، ومؤكداً أن "عودة تريفور الآمنة هي شهادة على الأولوية التي نوليها لإعادة الأميركيين، المحتجزين كرهائن، والمحتجزين ظلماً في الخارج، إلى الوطن".

لكن الوقت الذي تم اختياره في أوج الحرب في أوكرانيا، يمكن أن يظهر بأن بوتين لا يزال بامكانه تسيير أعمال مع الولايات المتحدة.

وإطلاق سراح سجناء أميركيين في العالم، يشكل أولوية في السياسة الخارجية لجميع الإدارات الأميركية. وبالتالي فإن مصير أميركيين تحتجزهم إيران حالياً، يلقي بثقله على المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الدولي المبرم عام 2015 مع طهران.

وفي عام 2019، ورغم التوتر الشديد، توجه مسؤولون أميركيون وإيرانيون كبار إلى زيوريخ للإشراف على تبادل آخر على مدرج المطار.

والشهر الماضي، ساعد وفد أميركي رفيع المستوى أيضاً في تأمين الافراج عن أميركيين من حكومة معادية أخرى، وهي فنزويلا.

هناك أميركيان آخران مسجونان في روسيا، وهما بول ويلان، مدير الأمن السابق لشركة قطع غيار سيارات، وبريتني غرينر، لاعبة كرة السلة المتهمة بحيازة مخدرات.

وحصلت آخر عملية تبادل سجناء بين واشنطن وموسكو في عام 2010 في فيينا.

وشملت آنا تشابمان، وهي شابة روسية كانت تقيم في نيويورك واعتقلت بتهمة التجسس، وسيرجي سكريبال، وهو ضابط استخبارات روسي سابق وعميل مزدوج لبريطانيا. وأثار تسميمه في عام 2018 في جنوب انجلترا حيث لجأ، أزمة دبلوماسية كبيرة مع روسيا، التي نفت على الدوام أن تكون حاولت قتله.

تصنيفات