توصل أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إلى اتفاق مبدئي بشأن تشريع جديد لسلامة حيازة السلاح، في تحرك أشاد به الرئيس جو بايدن باعتباره " خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح"، بحسب ما ذكرت "بلومبرغ".
ويأتي الاتفاق غداة مظاهرات انطلقت في العاصمة الأميركية واشنطن، للمطالبة بتشريعات تُقيِّد شراء السلاح، وتحظر الأسلحة الهجومية، وذلك بعد ما أودى هجومان مسلحان في مايو الماضي، بحياة العشرات، في ولايتي تكساس ونيويورك.
وقال أعضاء مجلس الشيوخ بقيادة السناتور الديمقراطي من ولاية كونيتيكت كريس مورفي، والسناتور الجمهوري من تكساس جون كورنين، إن الاتفاق يشمل تقديم منح للولايات لسن وتنفيذ قوانين "العلم الأحمر" التي تسمح للمحاكم بمصادرة الأسلحة من أصحابها الذين يحتمل أن يكونوا خطرين، والمزيد من التمويل لخدمات الصحة العقلية وسلامة المدارس.
وقوانين "العلم الأحمر"، هي تشريعات حيازة أسلحة تمنح سلطات إنفاذ القانون سلطة مصادرة الأسلحة مؤقتاً من شخص يظهر سلوكاً مقلقاً مثل إصدار تهديدات بإلحاق الأذى، أو إظهار علامات معاناة من مرض عقلي خطير.
ويتضمن الاتفاق أيضاً شروطاً تهدف إلى تحسين السجلات المتاحة لإجراء تحرّيات عن الخلفيات الجنائية لمشتري الأسلحة الأصغر سناً، وستضمن إدراج مرتكبي العنف المنزلي المُدانين أو أولئك الذين صدرت بحقهم أوامر تقييدية تتعلق بالتهمة ذاتها في نظام وطني للتحقق من الخلفية الجنائية.
وأشارت "بلومبرغ"، إلى أن 10 جمهوريين وقعوا على الاتفاق، وهو العدد المطلوب لتجاوز تشريع المماطلة المتوقع في مجلس الشيوخ.
وقال أعضاء مجلس الشيوخ الـ20 المشاركون في المحادثات في بيان: "الأسر خائفة، ومن واجبنا أن نتحد وننجز شيئاً من شأنه أن يساعدهم في استعادة شعورهم بالأمن والأمان في مجتمعاتهم".
بالإضافة إلى توفير موارد جديدة ومحاولة مصادرة بعض الأسلحة عن المشترين الذين يحتمل أن يكونوا خطرين، قالت المجموعة إنها ستحمي أيضاً "الحقوق الدستورية للأميركيين الملتزمين بالقانون".
ووفقاً للوكالة، يمثل الاتفاق إنجازاً مهماً بعد سنوات من التقدم الضئيل للغاية المُحرز في الكونجرس بشأن تشريع الأسلحة، لكن لا يزال يتعين على المفاوضين الاتفاق على جميع التفاصيل أثناء صياغة التشريع في الأيام المقبلة.
بايدن يشيد بالاتفاق
من جانبه، أعرب الرئيس بايدن عن شكره في تغريدة عبر "تويتر" للسناتور كريس مورفي وأعضاء مجموعته المكونة من الحزبين (الجمهوري والديمقراطي)، وخاصة أعضاء مجلس الشيوخ (الجمهوري جون) كورنين و(الديمقراطية كيرستن) سينيما و(الجمهوري توم) تيليس على عملهم الدؤوب لتقديم هذا الاقتراح.
وقال بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض: "بالتأكيد إنه (الاتفاق) لا يحقق كل ما أعتقد أنه ضروري، لكنه يعكس خطوات مهمة في الاتجاه الصحيح، وسيكون أهم تشريع لسلامة السلاح يمرره الكونجرس منذ عقود".
وتابع: "وبعد أن حظي (الاتفاق) بتأييد من كلا الحزبين، لا توجد أي مبررات للتأخير، ولا يوجد سبب يدعو لعدم تمريره بوتيرة أسرع عبر مجلسي الشيوخ والنواب. في كل يوم يمر، يموت المزيد من الأطفال في هذا البلد: فكلما وصل (الاتفاق) إلى مكتبي (بشكل أسرع)، أسرعت في التوقيع عليه، وأسرعنا في استخدام هذه التدابير لإنقاذ الأرواح.
وقال بعض المفاوضين إنهم يأملون تحرك التشريع قبل عطلة مجلس الشيوخ في 4 يوليو المقبل. وسيصبح التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة بعد ذلك عندما يركز المشرعون إلى حد كبير على انتخابات التجديد النصفي الوشيكة، بحسب "بلومبرغ".
من جانبه، قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إنه يريد عرض التشريع على مجلس الشيوخ بكامل هيئته "في أقرب وقت ممكن".
وأضاف شومر في بيان: "بعد موجة مستمرة من حالات الانتحار والقتل المرتبطة بالأسلحة النارية، بما في ذلك عمليات إطلاق النار الجماعي، يستعد مجلس الشيوخ للعمل على إصلاحات منطقية لحماية الأميركيين في أماكن إقامتهم، وتسوقهم، ودراستهم".
وتابع: "يتعين علينا أن نتحرك بسرعة لتقديم هذا التشريع، لأنه إذا كان من الممكن إنقاذ حياة واحدة، فإن الأمر يستحق العناء".
وأقر مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، الأربعاء، مجموعة شاملة من إجراءات السلامة المتعلقة بحمل الأسلحة، لكن ليس هناك فرصة أمام التشريع لنيل الموافقة في مجلس الشيوخ، إذ يعارض الجمهوريون القيود المفروضة على الأسلحة باعتبارها انتهاكاً للتعديل الثاني للدستور الأميركي لحق حمل السلاح.
جدل مستمر وتأييد شعبي
وسلطت حوادث القتل الجماعي أخيراً الضوء من جديد على الجدال المستمر في البلاد بشأن العنف المسلح، رغم أن احتمالات صدور تشريع بشأن هذه المسألة لا تزال غير مؤكدة.
وفي الأسابيع الأخيرة، تعهدت مجموعة من مفاوضي مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالتوصل إلى اتفاق.
وتركز جهود المشرعين على تغييرات متواضعة نسبياً مثل تحفيز الولايات على إقرار قوانين للرقابة على الأسلحة تتيح للسلطات منع الأفراد الذين يعتبرون خطراً على الآخرين من حيازة أسلحة.
وأقرّت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكول، الاثنين الماضي، حزمة قوانين لتقييد حيازة الأسلحة النارية مررها مجلس شيوخ الولاية، تشمل رفع السن القانوني لشراء الأسلحة شبه الآلية، واشتراط الحصول على إذن لحيازتها.
وتفرض ولاية نيويورك التي يحكمها الديمقراطيون في الأساس، قوانين مرتبطة بحيازة الأسلحة النارية تعد الأكثر تشدداً في الولايات المتحدة.
وفي مطلع يونيو، وجد استطلاع رأي أن 70% من الأميركيين يرون أن سَن قوانين جديدة للسيطرة على استخدام الأسلحة يجب أن تكون له الأولوية على حماية حقوق حيازتها.
وبحسب تقرير نشره موقع "أكسيوس" الأميركي، الأحد الماضي، تُشير نتائج الاستطلاع الذي أجرته شبكة "إيه بي سي نيوز" ومؤسسة "إبسوس" البحثية، إلى الدعم واسع النطاق لفرض قوانين أكثر صرامة للتحكم في استخدام الأسلحة، وذلك في أعقاب عمليات إطلاق النار الجماعية بعدة ولايات.
اقرأ أيضاً: