خرجت مظاهرات في هايتي للمطالبة بالقصاص لاغتيال الرئيس جوفينيل مويز، بعد عام على الحادثة، وما زالت التحقيقات تراوح مكانها والمدبرون مجهولون والدوافع غير معروفة، بينما يشهد المُناخ السياسي في هذا البلد تدهوراً خطيراً مع شغور منصب الرئاسة وعدم تحديد أي موعد لانتخاب خلف له.
وبسبب هذا الوضع لم تتم متابعة هذا الحدث سوى بإجراءات قضائية بطيئة في هايتي والولايات المتحدة.
وكان مسلحون دخلوا بسهولة على ما يبدو إلى مقر الرئيس مويز في يوليو 2021، وقاموا باغتياله. وبعد ساعات برهنت الشرطة الهايتية على سرعة استثنائية باعتقالها نحو 20 شخصاً بينهم 18 عسكرياً كولومبياً سابقاً.
وفي العاصمة بور أو برنس، كُلف في الدعوى 5 قضاة تحقيق على الأقل الواحد تلو الآخر. ولم يوجه أي منهم الاتهام لنحو 40 شخصاً موقوفين، بينهم كولومبيون يعتقد أنهم كانوا أعضاء في الكوماندوز.
وعبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن قلقه إزاء "التقدم المحدود" في التحقيق، وعن أسفه لأن السلطات الهايتية لم تتخذ "إجراءات أمنية معززة لحماية الطاقم القضائي المكلف هذه القضية".
الاشتباه بمسؤول كبير
ويبدو القضاء الهايتي المعروف ببطئه منهاراً في العاصمة، حيث تحتل مكاتب النيابة العامة منذ شهر عصابات تقوم بعمليات خطف.
وأدى التورط المحتمل لرئيس الوزراء آرييل هنري إلى توقف التحقيق.
وكان هنري عُين قبل يومين فقط من اغتيال الرئيس ويشتبه بأنه أجرى محادثات هاتفية مع أحد المشتبه بهم الرئيسيين بعد ساعات قليلة على الهجوم.
وقد دعاه النائب العام ليوضح موقفه لكنه لم يمثل أمامه ورأى أن هذا النهج يهدف إلى "حرف" التحقيق عن مساره. وقد أقال القاضي بعد ذلك وعين وزيراً جديداً للعدل.
وهذا الغموض دفع أرملة الرئيس مارتين مويز التي أصيبت بجروح خطيرة خلال الهجوم، إلى رفض دعوة لتكريم زوجها رسمياً في مراسم نظمها رئيس الحكومة الذي "تطاله فرضيات خطيرة بشأن اغتيال رئيس الجمهورية".
ونظمت مراسم مقتضبة قبل يومين في قلب حديقة متحف البانثيون الوطني في بور أو برنس.
وأكد آرييل هنري: "على الرغم من ضعفه، يجب أن يستمر القضاء في بذل جهوده القصوى لتعقب الجناة وفرض عقوبات نموذجية ورادعة عليهم".
وبعد ذلك تظاهر آلاف من أنصار الرئيس الراحل ضد رئيس الوزراء الذي اتهموه بعلاقته بالمؤامرة الإجرامية. وقامت الشرطة بصد الحشد الذي أراد التوجه نحو مرتفعات العاصمة، حيث يقع المبنى الذي قتل فيه مويز.
وأدى اغتيال مويز إلى تفاقم الأزمة السياسية الهايتية العميقة أساساً.
فالبرلمان لم يعمل منذ عامين وجوفينيل مويز لم ينظم أي انتخابات منذ وصوله إلى السلطة في 2017، بينما تعاني البلاد من سلطة قضائية فاشلة في غياب تعيين قضاة في محكمة النقض.
وفي غياب الثقة بمؤسسات بور أو برنس، يلتفت عدد كبير من الهايتيين إلى القضاء الأميركي الذي وجّه الاتهام رسمياً إلى 3 مشتبه بهم في ميامي.
وتوصلت الشرطة القضائية الهايتية في تقرير حول تحقيقها، أن المؤامرة ضد الرئيس تم تدبيرها في فلوريدا، وأن المرتزقة الكولومبيين جندتهم شركة أمنية مقرها في ميامي.
تحقيق أميركي مريب
وفي يناير، اتُّهم في فلوريدا أول شخصين يشتبه بتورطهما في الاغتيال هما ماريو بالاسيوس وهو كولومبي يشتبه بأنه أحد 5 رجال مسلحين دخلوا الغرفة التي قُتل فيها الرئيس، ورودولف خار وهو من هايتي.
ووجّه الاتهام إلى شخص ثالث في يونيو هو السيناتور الهايتي السابق جون جويل جوزف، بتهمة المشاركة في القتل.
واعتقل شخص يعتقد أنه رابع أفراد المجموعة المسلحة، في مطار اسطنبول في نوفمبر. لكن القضاء التركي الذي رفض أخيراً طلب هايتي تسليمه وأمر بالإفراج عنه.
لكن الآمال التي أثارها سير الإجراءات القانونية في ميامي تلاشت عندما قرر قاض أميركي في أبريل فرض السرية على أدلة وجلسات استماع الدعوى.
واتخذ هذا الإجراء لأن من بين المشتبه بهم مخبرين سابقين اثنين للوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات ومخبر سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).
وقال مصدر قضائي هايتي: "لا ننظر بارتياح إلى منح الولايات المتحدة نفسها إمكانية حماية بعض المعلومات". وأضاف: "سيبقى جزء كامل من هذه القصة غير معروف".