المغرب ينتقد سياسة أوروبا تجاه الهجرة: "لن تؤدي سوى للفواجع"

المؤتمر الصحافي الذي عقده المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان في الرباط بشأن "مأساة مليلية"- 13 يوليو 2022 - @CNDHMaroc
المؤتمر الصحافي الذي عقده المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان في الرباط بشأن "مأساة مليلية"- 13 يوليو 2022 - @CNDHMaroc
الرباط-أنس عياش

حذر المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان، الأربعاء، من أن سياسة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة "لن تؤدي سوى إلى الفواجع والمآسي"، وذلك في ظل استمرار "إغلاق الحدود وتشجيع ضبط تدفقات الهجرة من طرف دول الجوار".

جاء ذلك في تقرير قدمه المجلس في مؤتمر صحافي، لعرض خلاصات أولية لمهمة استطلاعية بشأن الأحداث التي شهدها السياج الحدودي الفاصل بين مدينتي الناظور شمالي المغرب، ومليلية الخاضعة للسيادة الإسبانية، وخلفت وفاة 23 مهاجراً وعشرات الجرحى، بينهم عناصر في صفوف الأمن.

ودعا التقرير السلطات المغربية إلى إطلاق مشاورات جديدة مع الاتحاد الأوروبي، للوصول إلى "شراكة حقيقة ومتكافئة" في مجال ضبط الهجرة، مؤكداً ضرورة "اتخاذ تدابير جديدة تقوم على مبادئ حقوق الإنسان في ضبط الحدود، بما في ذلك تفعيل مقتضيات الميثاق العالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية".

"لا رصاص"

ونفى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة مغربية رسمية، استخدام الرصاص ضد المهاجرين خلال تلك الأحداث، مؤكداً أن الوفيات "ترجع في أغلبها إلى الاختناق الميكانيكي والازدحام وإلى السقوط من أعلى سور السياج".

وقال تقرير المجلس إن الكشف الطبي الأولي على جثث المهاجرين أظهر أنه "لا وجود لآثار كدمات أو نزيف دموي خارجي"، مضيفاً أن "الأعراض الخارجية التي تمت معاينتها تتطابق طبياً مع حالات وفاة جراء الاختناق"، لكنه أشار إلى أن تحديد الأسباب الحقيقية التي قد تكون أدت إلى الوفاة "تستلزم إجراء تشريح طبي"، لافتاً إلى أن اللجنة الجهوية للمجلس "تتابع أطوار التشريح وتحاليل الحمض النووي" التي تجري بأمر من النيابة العامة.

وأكد تقرير المجلس أن قوات الأمن المغربية "لم تلجأ لاستعمال السلاح الناري"، ونقل عن الوكيل العام للملك (النائب العام) أن القوات العمومية "قامت بواجبها في احترام تام للقانون، ولم تلجأ لاستعمال العنف المفرط، رغم الطبيعة العنيفة للمهاجمين وعددهم الكبير، حيث كانت القوات في مواجهة مع ما يناهز ألفين من المهاجرين المسلحين بالحجارة والعصي والأسلحة البيضاء".

سابقة.. هجوم "محكم التنظيم"

وكشفت الأحداث الأخيرة بمعبر مليلية وجود تغير ناشئ وجذري لطبيعة عبور المهاجرين يتسم بـ"الهجوم المباغت والمحكم التنظيم"، وفقاً لتقرير المجلس.

وأضاف التقرير أن المواجهات "شكلت سابقة في تاريخ تدفقات الهجرة على السياج الحديدي الفاصل بين الناظور ومليلية، واتسمت باستعمال العنف الحاد"، مشيراً إلى احتجاز عدد من أفراد من القوات العمومية، والمس الخطير بالسلامة الجسدية لأحدهم والاستيلاء على معداتهم.

وسجل تقرير المجلس، وجود "متغيرات كبيرة في دينامية الهجرة"، محذراً من اتساع رقعتها بسبب الفقر والجفاف والنزاعات. 

ودعا المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان إلى إعمال القواعد الدولية المتعلقة بحماية جميع المهاجرين "بغض النظر عن وضعيتهم القانونية أو جنسيتهم وأينما تواجدوا"، مشدداً على أهمية التعجيل بإصدار القوانين المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب وشروط منح اللجوء.

انقسام مجلس الأمن

وكانت "مأساة مليلية" قد أحدث انقساماً في مجلس الأمن الدولي، إذ فشل أعضاء المجلس الـ15 نهاية يونيو الماضي في الاتفاق على موقف موحد تجاه المأساة التي شهدها جيب مليلية الخاضع لسلطة إسبانيا، بعد وفاة ما لا يقل عن 23 مهاجراً إفريقياً على الأقل أثناء محاولتهم الدخول عنوة.

واقترحت كينيا التي طلبت عقد هذه الجلسة، إصدار بيان يدين معاناة المهاجرين الأفارقة على طول ساحل البحر المتوسط ويدعو كلاً من المغرب وإسبانيا إلى إجراء تحقيق سريع ونزيه في الفاجعة، لكن هذا النص، الذي أثار على وجه الخصوص امتعاض الولايات المتحدة، لم يرَ النور في غياب الإجماع المطلوب لصدوره عن المجلس.

ورغم نفي المغرب وإسبانيا استخدام القوة المفرطة، استنكر الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، ما قال إنه اللجوء إلى "الاستخدام المفرط للقوة" ضد المهاجرين الذين حاولوا اقتحام مليلية، داعياً إلى إجراء "تحقيق مستقل" في الحادثة التي أسفرت عن وفاة 23 مهاجراً.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن دوجاريك قوله بعد وقوع الحادثة: "هذا غير مقبول، ويجب التحقيق في هذه المأساة"، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة لاحظت "الاستخدام المفرط للقوة على جانبي الحدود". وتابع: "لقد صُدمنا بمشاهد العنف الذي وقع عند الحدود نهاية هذا الأسبوع".

وأشار الناطق باسم الأمم المتحدة إلى أن "الأشخاص الذين يُهاجرون لديهم حقوق يجب احترامها، وكثيراً ما نراها تُنتهك".

وتُعد حصيلة الضحايا تلك الأعلى على الإطلاق خلال المحاولات الكثيرة التي قام بها مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء لدخول مليلية وجيب سبتة، وهما الجيبان المغربيان الخاضعان للسيطرة الإسبانية، واللذان يُشكلان الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع القارة الإفريقية.

وكانت السلطات المغربية وجهت تهماً لـ65 مهاجراً أغلبيتهم من السودان، أوقفوا بعد محاولتهم اقتحام السياج.

تصنيفات