أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، الاثنين، دعم أبوظبي لأمن الطاقة في فرنسا، فيما وقع البلدان اتفاقية لتعزيز التعاون في هذا القطاع، وذلك خلال أول زيارة دولة لرئيس دولة الإمارات إلى الخارج منذ توليه منصبه.
وكان ماكرون وزوجته بريجيت في استقبال الشيخ محمد بن زايد عند مدخل قصر الإليزيه، حيث اجتمع الرئيسان على مأدبة غداء قبل أن يلتقيا مجدداً في المساء خلال عشاء رسمي في قصر فرساي بحضور 100 ضيف. وزار الشيخ محمد بن زايد كذلك مجلس الشيوخ الفرنسي.
وفي وقت سابق الاثنين، زار الشيخ محمد بن زايد ساحة متحف الجيش الوطني الفرنسي، حيث استقبله وزير الدفاع سباستيان لوكونور.
وبحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس"، أسفرت هذه الزيارة عن "اتفاقية شراكة استراتيجية عالمية حول التعاون في مجال الطاقة"، وقعها وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير، ووزير انتقال الطاقة أنييس بانييه روناتشر مع وزير الصناعة والتكنولوجيات المتقدمة بدولة الإمارات سلطان الجابر.
وقالت الحكومة الفرنسية في البيان، إن "الهدف من هذه الشراكة هو تحديد المشاريع الاستثمارية المشتركة في فرنسا أو الإمارات أو أي مكان آخر في العالم في مجالات الهيدروجين أو الطاقات المتجددة أو حتى الطاقة النووية".
وستساعد هذه الاتفاقية على "إنشاء إطار عمل مستقر طويل الأجل لهذا التعاون، لتمهيد الطريق لعقود صناعية جديدة وتحديد مشاريع الاستثمار المشتركة المستقبلية"، بما يشمل "إمكانية إنشاء صندوق ثنائي لتمويل المشاريع الخضراء".
ونقلت وكالة أنباء الإمارات "وام"، عن الشيخ محمد بن زايد قوله إن الطاقة بكل أنواعها تُمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، مضيفاً أن "الإمارات حريصة على دعم أمن الطاقة في العالم عامة وفي فرنسا الصديقة خاصة".
اتفاقيات ومذكرات تفاهم
ووقعت الإمارات وفرنسا، الثلاثاء، عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في إطار زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا.
وتضمنت الاتفاقيات والمذكرات التي وقعها وتبادلها الجانبان، بحسب وكالة أنباء الإمارات "وام"، خارطة طريق للتعاون بين مجلس توازن الاقتصادي لدولة الإمارات والإدارة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية.
بالإضافة لمذكرة تفاهم بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا للتعاون في استكشاف القمر، فضلاً عن خطابي نوايا حول رصد الأرض وأنشطة رحلات الفضاء البشرية.
كما شملت إعلاناً مشتركاً للتعاون بين الدولتين في مجال التعليم العالي، ومذكر تفاهم بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ومجموعة أفنور للتعاون في مجال التقييس.
ومذكرة تفاهم بين مكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي والحكومة الفرنسية في مجال العمل المناخي، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بين معهد "باستير " ومركز أبوظبي للصحة العامة.
كما تم توقيع عقد تأسيس شركة "أن تي إنيرجيز" بين شركة تكنيب وشركة الإنشاءات البترولية الوطنية، وخطاب نوايا بشأن منح الإذن لأفراد عائلات موظفي البعثات الدبلوماسية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي لمزاولة العمل.
تنويع المصادر
وكان مستشار رئاسي فرنسي قال في وقت سابق، إن أحد أهم البنود خلال زيارة رئيس الإمارات هو "الإعلان عن ضمانات تُقدمها الإمارات بشأن كميات إمدادات المحروقات (الديزل) لفرنسا"، مشيراً إلى أن "فرنسا تسعى إلى تنويع مصادر إمدادها على خلفية الحرب في أوكرانيا"، علماً أن الإمارات لا تزود فرنسا بالديزل في الوقت الحالي.
وتُغطي الاتفاقية الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة والهيدروجين وغيرها، على أن تعزّز كذلك التعاون في التنقيب عن الغاز، خصوصاً عبر شركة "توتال" الفرنسية.
وبحسب البيان الحكومي الفرنسي، من المفترض أن يوقع البلدان أيضاً على اتفاقية بين "توتال" وشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" للتعاون في مجال إمدادات الطاقة، بالإضافة إلى اتفاقية لإنشاء مشروع مشترك من أجل "تطوير مشاريع التحول في مجال الطاقة بدولة الإمارات".
وبلغت الصادرات الإماراتية إلى فرنسا التي يُهيمن عليها النفط والغاز، وفقاً لـ"فرانس برس" 1.5 مليار يورو في عام 2019.
وذكر الإليزيه أن المباحثات بين الرئيسين ركزت أيضاً على "جهودهما المشتركة" لتعزيز "الاستقرار والأمن" في الشرق الأوسط، لا سيما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
إمكانية تعاون ونمو
وتطورت العلاقات بين الإمارات وفرنسا بشكل كبير خلال السنوات الماضية. وخلال تصريحات الجمعة، قال مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية أنور قرقاش، إن "اختيار فرنسا كأول زيارة رسمية للشيخ محمد بن زايد هو قرار واع يستند إلى العلاقات التاريخية بين البلدين، ولكن أيضاً إلى إمكانية تعاون ونمو أكبر مع فرنسا".
وتابع قرقاش: "الإمارات مُصمّمة على أن تظل شريكاً موثوقاً في مجال الطاقة، إذ أنها تستثمر في زيادة القدرة لتلبية الطلب العالمي. لقد قمنا ببيع نفطنا إلى الشرق الأقصى لمدة 40 عاماً، ونحن الآن نوجهه نحو أوروبا في وقت الأزمة".
دعم أمن الطاقة
وبحسب ما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، قال الشيخ محمد بن زايد إن الطاقةَ بكل أنواعها تُمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين.
وأضاف أن "دولة الإمارات حريصة على دعم أمن الطاقة في العالم عامة وفي فرنسا الصديقة خاصة"، منوهاً بتوفر العديد من إمكانيات الشراكة ومقوماتها بين البلدين في هذا المجال.
وذكرت الوكالة أن الرئيسين استعرضا خلال اللقاء مسارات التعاون المتنوعة في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والثقافية والعلمية، والتكنولوجيا المتقدمة، والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي، بجانب البيئة والتغير المناخي وغيرها من المجالات الحيوية.
وبشأن التعاون في مجال التغير المناخي، قال الشيخ محمد بن زايد، إن الإمارات وفرنسا لديهما اهتماماً كبيراً بقضايا البيئة ومواجهة التغير المناخي في إطار "اتفاق باريس بشأن المناخ".
وتابع: "هذا يفتح المجال أمام مزيد من العمل المشترك في هذا الشأن، خاصة أن الإمارات ستستضيف مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 28) خلال عام 2023، وتتطلع إلى التنسيق والتعاونِ مع بلدكم الصديق، لتعزيز الاستجابة الدولية للخطر الذي يُهدد كوكبنا والمتمثل في التغير المناخي".
ومنح ماكرون رئيس الشيخ محمد بن زايد "وسام جوقة الشرف " من طبقة الصليب الأكبر والذي يعد أعلى وسام وطني فرنسي، تقديراً لدوره في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات وفرنسا على مختلف المستويات.
ووفقاً لـ"وام"، منح رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "وسام زايد"، وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات، يُمنح للرؤساء والملوك الذين أسهموا بأدوار بارزة في خدمة علاقات البلدين وازدهارها.