دعا رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر عموم الناخبين إلى الإقبال على عملية الاستفتاء على الدستور، مقراً بحدوث محاولات "ممنهجة" لعرقلة عملية الاستفتاء في بعض الدوائر بالخارج.
وشدَّد بوعسكر، خلال مؤتمر صحافي، على أن الهيئة لا تعنيها النتائج بقدر ما تعنيها نسب الإقبال، مؤكداً أن الهيئة ستعلن عن النتائج كما هي، وأنها "مؤتمنة على أصوات" التونسيين، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة "الشروق" التونسية.
يأتي ذلك في وقت تستعد فيه البلاد للاستفتاء الاثنين على مشروع الدستور الجديد الذي طرحه الرئيس التونسي قيس سعيد، وسط معارضة من متظاهرين وقوى سياسية، علماً بأن التصويت على الدستور في الخارج بدأ منذ السبت.
وشدد بوعسكر على أنَّ "البلاد أمام استفتاء حول مشروع دستور جديد لأول مرة في تاريخ البلاد التونسية، فهذه ليست انتخابات تشريعية أو رئاسية، وأنا في اعتقادي أن الاستفتاء على مشروع الدستور أهم حتى من الانتخابات التشريعية والرئاسية، لأن الدستور يحكم البلاد لمدة طويلة، فعلى الناخبين إعطاء آرائهم سواءً بنعم أو لا".
مراكز الاقتراع
والأحد، دعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عموم الناخبين خارج البلاد وداخلها إلى التثبت مسبقاً من مراكز الاقتراع المسجلين بها قبل التوجه إليها، وذلك حرصاً على "سلاسة" عملية الاستفتاء.
وأضافت الهيئة في بيان أنَّ عملية التثبت هدفها "تفادي أي اضطراب من شأنه المس من حسن سير العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع".
ويأتي هذا التحذير من الهيئة بعدما شهدت بعض مراكز الاقتراع في الخارج حالات من الاضطراب ومحاولات لعرقلة الاستفتاء.
وكشف رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أنَّ عدداً من الناخبين بالخارج خاصة في دوائر فرنسا وألمانيا "تعمدوا التوجه لمراكز انتخابية غير مسجلين فيها، وحاولوا إحداث اضطرابات"، بما في ذلك محاولة ناخبة في مدينة هامبروغ الألمانية الاعتداء على أحد أعضاء مركز الاقتراع وتهشيم الصندوق.
وبحسب ما نقلته صحيفة "الشروق"، وصف بوعسكر هذه العمليات بـ"الممنهجة"، مشيراً إلى أنها "لا تخلو من الطابع السياسي"، ومبيناً أنه تم إيقاف أطراف في تونس تواصلت مع هؤلاء الأشخاص بالخارج.
وتوقع بوعسكر تسجيل مثل هذه الأحداث خلال الاقتراع بالداخل الاثنين، محذَّراً مما وصفه بـ"بث الشائعات" لإرباك عملية الاستفتاء من خلال مثل هذه الممارسات.
وقال: "لن نسمح بعرقلة التونسيين من القيام بالتصويت"، مؤكداً أن الهيئة ستتخذ القرارات اللازمة إذا "ثبت وجود نية إجرامية لتعطيل الاقتراع".
إقبال ضعيف
وكانت مراكز الاقتراع في الخارج قد فتحت أبوابها لاستقبال الناخبين أيام 23 و24 و25 يوليو من الساعة الثامنة صباحاً إلى السادسة مساءً وفق التوقيت المحلي لبلد التصويت.
وشهد الاستفتاء في الخارج إقبالاً ضعيفاً في يومه الثاني، وذلك وفقاً لما أظهرته إحصائيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وأعلن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر خلال المؤتمر الصحافي أنَّ نسبة المشاركة في الدوائر الانتخابية الست بالخارج إلى حدود الساعة السادسة مساء بتوقيت تونس، بلغت في دائرة "فرنسا 1" 4.8 % وفي دائرة "فرنسا 2" 4.2 % وفي ألمانيا 4.7 % وفي إيطاليا 3.4 %.
أما في الأميركتين وبقية البلدان الأوروبية، فقد بلغت نسبة المشاركة، بحسب بوعسكر، 4.1 %، وفي البلدان العربية 6.5 %، وذلك وفقاً لما نقلته إذاعة "موزاييك" التونسية.
وقال بوعسكر إنَّ نسق التصويت في الاستفتاء يتقارب كثيراً مع نسب المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2019، معتبراً أنَّ الجاليات التونسية تتجه للتصويت بشكل كبير في اليوم الأخير من أيام الاقتراع المخصصة، أي يوم 25 يوليو.
وأشار بوعسكر إلى أنَّ القانون الانتخابي لا يشترط حداً أدنى للمشاركة في الاقتراع.
وتجري الاثنين عملية الاستفتاء في داخل تونس، ويبلغ عدد المسجلين في السجل الانتخابي 9 ملايين و296 ألف ناخب من بينهم 348 ألفاً و876 ناخباً مسجلاً بالخارج.
وإذا أُقر الدستور نهائياً، فسينقل البلاد إلى نظام يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات أكبر، ويقول المعارضون إن الاستفتاء هو "أحدث خطوة ضمن سلسلة خطوات اتخذها سعيد صوب ترسيخ حكم الرجل الواحد".
وتظاهر مئات الأشخاص في العاصمة التونسية، السبت، احتجاجاً على مشروع الدستور الجديد. وقال مراقبون إن عددهم كان أقل من ألف شخص، وفقاً لما نقلته وكالة "فرانس برس".
وتشهد تونس أزمة سياسية عميقة منذ احتكر الرئيس قيس سعيّد السلطتين التنفيذية والتشريعية في 25 يوليو 2021 حين أقال رئيس الحكومة وعلَّق أعمال البرلمان قبل أن يحلَّه.