كيف تحوّلت أجواء العراق إلى ساحة حرب؟

انفجار في مدينة أربيل شمالي العراق بعد سقوط صواريخ قرب القنصلية الأميركية - 13 مارس 2022 - "واع"
انفجار في مدينة أربيل شمالي العراق بعد سقوط صواريخ قرب القنصلية الأميركية - 13 مارس 2022 - "واع"
دبي -رشا العزاوي

تحوّلت الضربات العابرة للحدود في العراق أو انطلاقاً من أراضيه إلى نمط يتبعه عدد من الدول الفاعلة في الساحة العراقية. وبحسب الموقف العراقي الرسمي، فإن هذه الضربات جميعاً تمثل انتهاكاً للقانون الدولي، غير أن الدول التي تعلن تنفيذ الهجمات تؤكد أنها جزء من وسائلها للدفاع عن أمنها القومي.

تبنت 3 دول رسمياً شنّ هجمات في العراق أو منه لقصف دول أخرى، كما فعلت إيران في 18 يونيو 2017 إذ استخدمت الأراضي العراقية لشن هجوم في سوريا. وأطلقت ما مجموعه 13 صاروخاً باليستياً متوسط ​​المدى من طراز "ذو الفقار" أو "قيام-1" عبر الأجواء العراقية، وسقط ما لا يقل عن ثلاثة من الصواريخ داخل الأراضي العراقية.

تاريخ الهجمات

القصف الإيراني طال أيضاً قرى في إقليم كردستان العراق، ففي 8 سبتمبر 2018، أطلقت إيران 7 صواريخ من طراز "فاتح-110" من منطقة تبريز على قاعدة تابعة للمعارضة الإيرانية في بلدة كويسنجق العراقية، ما أسفر عن مصرع 18 شخصاً.

واتهم الحشد الشعبي العراقي إسرائيل بشنّ هجمات ضده داخل العراق، ففي الـ20 من أغسطس 2019 قصفت طائرتان مسيّرتان مخازن لعتاد الحشد غرب العراق قرب الحدود السورية، وخلال اجتماع بين الرئاسات العراقية الثلاث اتهم "الحشد" إسرائيل بالوقوف وراء القصف، ولم تتبنَّ الأخيرة ذلك وكانت الهجمة ضمن سلسلة هجمات مشابهة في  العام ذاته.

وشنّت الولايات المتحدة أيضاً هجمات في العراق بشكل منفصل عن عمليات التحالف الدولي، ففي الثالث من يناير 2020 نفّذت قصفاً قرب مطار بغداد الدولي طال موكب قائد فيلق القدس الإيراني المدرج على لائحة الإرهاب الأميركية، قاسم سليماني. 

وبعد وقت قصير ردت إيران بإطلاق 16 صاروخاً باليستياً من طراز "ذو الفقار" و"قيام-1" على قاعدة "عين الأسد" الجوية في الأنبار، وصاروخ آخر من طراز "قيام -1" باتجاه "مطار أربيل الدولي.

قصف آخر تبنته إيران رسمياً طال أربيل في الثالث من مارس 2022 بـ 12 صاروخاً باليستياً، وزعم الحرس الثوري الإيراني أنه استهدف مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً.

كما أن وزير الدفاع العراقي جمعة عناد أكد أن تركيا نفّذت 22 ألفاً و700 هجوم على العراق منذ عام 2018 حتى 2022، بمعدل 15 هجمة صاروخية أو مدفعية أو قصف بطائرات مسيّرة يومياً.

السيطرة على الحدود

شكل ضبط الحدود أزمة كبيرة للعراق طوال الأعوام الماضية، خاصة ما يتعلق بحدوده مع تركيا التي تمتد لنحو 376 كيلو متر، تقع بمجملها في إقليم كردستان.

بحسب تصريح رئيس أركان الجيش عبد الأمير يار الله، لا تمتلك وزارة الدفاع العراقية السلطة لنشر أي جندي من الجيش العراقي على المناطق الحدودية مع تركيا، دون "الموافقات الرسمية من سلطة إقليم كردستان".

القوات العراقية الموجودة هناك من قوات حرس الحدود فقط، وهي قوات اتحادية للإنذار وليست مقاتلة ولا تملك حق الدفاع عن النفس أو الاشتباك، في حال تعرّضها لهجوم من القوات التركية.

وأوصى وزير الدفاع، خلال مشاركته في جلسة برلمانية، بضرورة نشر قوات تابعة للجيش العراقي على الحدود مع تركيا والسيطرة على المناطق الفارغة أمنياً.

وزير الدفاع العراقي جمعة عناد السعدون كشف أن تركيا تعترض على عدم سيطرة القوات العراقية على الأرض في المناطق المحاذية لها، وهو ما يسمح، بحسب أنقرة، بتوغل عناصر حزب العمال الكردستاني ويدفع تركيا لنشر قواتها في الإقليم.

وقالت وزارة الدفاع العراقية إن تركيا زادت نقاطها الأمنية في الأراضي العراقية من 40 نقطة أمنية، العام الماضي، إلى 100 نقطة أمنية تركية داخل الأراضي العراقية العام الجاري.

الإنفاق العسكري

ويعد العراق أحد أكثر بلدان الشرق الأوسط إنفاقاً على التسليح، وبالرغم من أزماته المالية خصص 18.7 مليار دولار للإنفاق العسكري في عام 2021، وتشمل النفقات التشغيلية وتسليح الجيش وهيئة الحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب ووزارة الداخلية بجميع مؤسساتها الأمنية. 

يبلغ الإنفاق العسكري 4% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق وفق البنك الدولي. ونسبة تسليح الجيش العراقي من حجم الإنفاق العسكري لا تتجاوز الـ30%.

ومن أبرز الدول التي يستورد العراق منها الأسلحة الولايات المتحدة بـ41% من أسلحة الجيش العراقي، كما يعد العراق ثالث أكبر مستورد للأسلحة من كوريا الجنوبية في السنوات الخمس الماضية.

كانت مجلة CEOWORLD 2021 قد كشفت، في تقرير سابق، أن العراق احتل المرتبة الـ11 بين أكبر مستوردي الأسلحة في العالم بين 2017 و2021. ورغم ذلك لا يمتلك العراق أنظمة جوية متطورة وطائرات مقاتلة قادرة على حماية أجوائه.

معوّقات التطوير

انتشار الفصائل المسلحة في العراق والهجمات التي تتبناها ضد الدول كان سبباً في تصاعد نمط الهجمات العابرة لحدوده، لكن دور تلك الفصائل أثر أيضاً في رغبة المجتمع الدولي برفع قدرات الجيش العراقي الهجومية والدفاعية وتطويرها. وأبدت عدة دول خشيتها من سقوط أسلحة نوعية بيد الفصائل المسلحة المنتشرة في البلاد، ما منع رفع قدرات الجيش العراقي القتالية إلا ضمن حدود مواجهة تنظيمات متطرفة. 

وفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظر أسلحة على العراق بأشكال مختلفة منذ عام 1990 حتى 2003. 

لكن بعد الحرب في العراق عام 2003، تم تعديل الحظر بقرارات لاحقة بحيث يُسمح بمبيع الأسلحة إلى حكومة العراق، ولكن ليس للمستخدمين النهائيين الآخرين، في إشارة إلى التنظيمات المسلحة داخل العراق.

في يونيو 2004، نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 على أن "الحظر المتعلق ببيع أو إمداد العراق بالأسلحة والأعتدة ذات الصلة بموجب قرارات سابقة لن ينطبق على الأسلحة أو المواد ذات الصلة التي تطلبها حكومة العراق أو القوة متعددة الجنسيات"، مع التأكيد على أن جميع الدول مطالبة بالالتزام الصارم بالقيود المفروضة على توريد الأسلحة للمستخدمين النهائيين الآخرين في العراق.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات