دعت وزارة الخارجية الأرمينية، الأربعاء، المجتمع الدولي إلى وقف تصرفات أذربيجان "العدوانية" في ناجورني قره باغ، وذلك عقب مصرع 3 أشخاص خلال مواجهات عسكرية في الجيب الانفصالي المدعوم من يريفان، في وقت اتهمت موسكو باكو التي أعلنت السيطرة على عدة مناطق، بانتهاك اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقالت وزارة الخارجية الأرمينية في بيان إن "القوات المسلحة الأذربيجانية انتهكت البيان الثلاثي (روسيا وأرمينيا وأذربيجان) الصادر في نوفمبر 2020.. المتضمن وقف الأعمال العدائية في منطقة ناجورني قره باغ"، داعيةً "الأسرة الدولية لاتخاذ تدابير لوقف التصرف والأعمال العدوانية لأذربيجان وتفعيل الآليات لتحقيق ذلك".
وأضافت أنه "على الرغم من الخطوات التي اتخذها الجانب الأرميني لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، تواصل أذربيجان سياستها لإرهاب سكان ناجورني قره باغ، وتعريضهم للتطهير العرقي والاحتلال"، وفق تعبيرها.
التحركات الأذربيجانية
ولقي جندي أذربيجاني ومقاتلان أرمينيان حتفهم، الأربعاء، في أعمال عنف قرب الإقليم المتنازع عليه منذ الحرب في عام 2020.
وأعلن الجيش الأذربيجاني أنه سيطر على مرتفعات استراتيجية عدة في الإقليم، مشيراً إلى أنه شن عملية أطلق عليها اسم "انتقام" رداً "على التحركات الإرهابية غير المشروعة للمجموعات الأرمنية المسلحة في أراضي أذربيجان"، وفق تعبيره.
وقد تؤثر هذه الحوادث على محادثات السلام التي تجري منذ عدة أشهر بين أذربيجان وأرمينيا الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين في القوقاز بوساطة من الاتحاد الأوروبي.
وقالت السلطات في الجيب الانفصالي إن عنصرين من القوات الانفصالية الأرمينية سقطا وجرح 14 في غارة جوية من مسيرة أذربيجانية، مستنكرة "الانتهاك الصارخ لوقف إطلاق النار".
واعتبرت وكالة الأنباء الأذربيجانية أن "تواجد القوات المسلحة لأرمينيا والوحدات الأرمينية المسلحة غير القانونية في الأراضي الأذربيجانية التي تتمركز فيها مؤقتاً قوات حفظ السلام الروسية، انتهاك للبيان الثلاثي ومصدر للخطر والتهديد".
واعتبرت أن "نزع الأسلحة في تلك الأراضي والانسحاب الكامل لجيوش أرمينيا منها ونزع أسلحة العناصر الأرمينية المسلحة غير القانونية أمر لا مفر منه بالإطلاق".
يأتي ذلك بعد ساعات من توقيع زعيم الانفصاليين في ناجورني قره باغ أرايك هاروتيونيان، الأربعاء، مرسوماً يعلن تعبئة عسكرية جزئية في هذه المنطقة، بحسب موقع الرئاسة.
اتهامات روسية
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان، الأربعاء، رصدها لتوتر في ناجورني قره باغ، مشيرةً إلى أن "القوات المسلحة الأذربيجانية انتهكت نظام وقف إطلاق النار في منطقة مرتفعات ساريبابا".
وأكد البيان الروسي أن "قيادة قوات حفظ السلام الروسية تقوم مع ممثلي الجانبين الأذربيجاني والأرميني باتخاذ تدابير استقرار الأوضاع".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى الثلاثاء، مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، ناقشا فيه تنفيذ بنود الاتفاق الثلاثي الموقع بين روسيا وأذربيجان وأرمينيا عام 2020.
من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، إلى "الوقف الفوري" للقتال بين القوات الأذربيجانية والأرمنية في ناجورني قره باغ.
وقال بيتر ستانو المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان "من الضروري الحد من التصعيد والاحترام الكامل لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات للبحث عن حلول تفاوضية".
الاتفاق الثلاثي
وبعد حرب أولى في التسعينيات، تواجهت أرمينيا وأذربيجان في خريف العام 2020 للسيطرة على منطقة ناجورني قره باغ الجبلية التي انشقت عن أذربيجان بدعم من يريفان.
أسفرت الحرب الأخيرة عن سقوط حوالى 6 آلاف و500 شخص وانتهت بهدنة تم التوصل إليها بوساطة روسية.
في إطار اتفاق الهدنة، تخلّت أرمينيا عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها، ونشرت روسيا قوة لحفظ السلام قوامها نحو ألفي عسكري مكلفين مراقبة التقيد بالهدنة الهشة.
واعتبرت أرمينيا اتفاق وقف إطلاق النار "إهانة"، وطالبت العديد من أحزاب المعارضة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان لتقديم الكثير من التنازلات لباكو.
على الرغم من الهدنة الدبلوماسية الخجولة بين أرمينيا وأذربيجان، لا يزال التوتر على أشده بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين، حيث يبلغ كلا البلدين بانتظام عن اندلاع أعمال عنف وسقوط ضحايا في صفوف الجنود.
وبوساطة من الاتحاد الأوروبي تجري الدولتان مفاوضات للتوصل إلى معاهدة سلام. إذ أجرى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف محادثات في بروكسل في أبريل ومايو مع باشينيان. وبحسب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يمكن أن يجتمع الزعيمان مرة أخرى هذا الصيف.
كذلك التقى وزيرا خارجية البلدين الشهر الماضي في جورجيا لإجراء أول محادثات مباشرة بينهما منذ نهاية حرب 2020.