وجهت وزارة العدل الأميركية، الأربعاء، اتهاماً لعنصر من الحرس الثوري الإيراني، بمحاولة اغتيال جون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس السابق دونالد ترمب، فيما حذرت إيران من اتخاذ إجراءات ضد مواطنيها بذريعة "اتهامات سخيفة".
وبحسب وزارة العدل، فإن المواطن الإيراني شهرام بورصافي، المعروف أيضاً باسم مهدي رضائي، بدأ الترتيب لاغتيال بولتون في أكتوبر 2021، ورجّحت أن يكون التخطيط للاغتيال رداً على اغتيال قائد "فيلق القدس" السابق في الحرس الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020.
وأوضحت الوزارة في بيان أن المتهم، 45 عاماً، "حاول دفع 300 ألف دولار لأفراد مقابل تنفيذ عملية الاغتيال في العاصمة واشنطن أو (ولاية) ماريلاند".
ونقل البيان عن ماثيو جي، مساعد المدعي العام الأميركي، قوله إن "هذه ليست المرة الأولى التي نكشف فيها عن مؤامرات إيرانية للانتقام من أفراد على الأراضي الأميركية"، مضيفاً: "سنعمل من دون كلل لفضح وإحباط كل هذه الجهود".
من جانبها، قالت لاريسا ناب، مساعدة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي إن "إيران لديها تاريخ من التآمر لاغتيال أفراد في الولايات المتحدة تعتبرهم تهديداً لها"، مشددة على أن الولايات المتحدة "ستضل يقظة إلى جانب شركاؤها في مكافحة مثل هذه التهديدات، هنا في الولايات المتحدة وخارجها".
في حالة إدانته، سيواجه بورصافي عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات وغرامة تصل إلى 250 ألف دولار، لاستخدام مرافق تجارية في الولايات المتحدة من أجل ارتكاب جريمة قتل مقابل أجر، والسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً وغرامة تصل إلى 250 ألف دولار، لمحاولة تقديم الدعم المادي لمؤامرة قتل عابرة للحدود.
يشار إلى أن وزارة العدل الأميركية أكدت أن بورصافي ما يزال طليقاً خارج الولايات المتحدة.
إيران تحذر
وشككت إيران في صحة الاتهامات الأميركية، ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، بداعي أن وزارة العدل الأميركية "لم تقدم دلائل".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان، إن إيران "تحذر من اتخاذ أي إجراءات ضد مواطنين إيرانيين، وتشدد على احتفاظها بحق اتخاذ إجراءات معاكسة في إطار القانون الدولي، بهدف الدفاع عن حقوق الحكومة الإيرانية والمواطنين الإيرانيين".
وجاء في البيان أن "السلطات القضائية الأميركية وجهت اتهامات من دون تقديم الأدلة الصحيحة والوثائق اللازمة".
وأضاف: "مثل هذه المزاعم التي لا أساس لها من الصحة، تأتي بأهداف سياسية، وهي في الواقع تخلق حملة دعائية، تهدف بشكل خاص إلى التهرب من مسؤولية الرد على العديد من الجرائم التي تورطت فيها الحكومة الأميركية بشكل مباشر، مثل اغتيال الجنرال قاسم سليماني".
وفي السياق، اعتبر المستشار الإعلامي للوفد الإيراني المفاوض في فيينا محمد مرندي أن الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة لطهران بالتخطيط لاغتيال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون "سخيفة".
وقال مرندي لـ"الشرق": "سمعنا للتو عن مزاعم الولايات المتحدة بشأن جون بولتون، وهي اتهامات سخيفة ويُستخف بها في إيران، وقد سمعنا في الماضي اتهامات مشابهة أيضاً، مثل تلك المتعلقة بالسفير الأميركي في جنوب إفريقيا، عندما قالت واشنطن إن طهران كانت تود اغتياله".
وأضاف مرندي: "اعتدنا من الولايات المتحدة على هذه الأمور السخيفة. ربما تُريد الولايات المتحدة أن يفشل الاتفاق، لكن إيران تقول إنها لن تسمح لأحد بإفشال الاتفاق، لأن الأساسات يجب أن تكون جيدة ومتينة، وبالتالي هذه الاتهامات الفارغة يجب التصدي لها قبل الاتفاق بين الأطراف المختلفة".
بولتون يشكر أجهزة الأمن
وفي تغريدة على تويتر، شكر بولتون وزارة العدل الأميركية، ومكتب التحقيقات الفدرالي لـ"جهوده في اكتشاف وتعقب التهديد الإجرامي للنظام الإيراني على مواطنين أميركيين، والجهاز السري لتوفير الحماية ضد جهود طهران".
واتهم مستشار الأمن القومي السابق قادة إيران بـ"الكذب"، واعتبرهم "إرهابيين وأعداء للولايات المتحدة". وحذّر من أن أهدافهم المعادية للولايات المتحدة "لم تتغير"، مشدداً على أن "برنامج إيران النووي وأنشطتها الإرهابية تعد وجهاً لعملة واحدة".
وقال بولتون إنه "لا توجد حكومة أميركية مسؤولة يمكنها التفكير عكس ذلك"، معتبراً أن العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران سيكون بمثابة "جرح" تتسبب به أميركا لنفسها.
تفاصيل مخطط الاغتيال
وفي تفاصيل مخطط الاغتيال، قالت وزارة العدل إن بورصافي تواصل عبر الانترنت مع شخص يقيم في الولايات المتحدة في 22 أكتوبر 2021، وطلب منه أخذ صور لجون بولتون، مبرراً ذلك بحاجته إليها من أجل كتاب يقوم بإعداده.
وجاء في البيان أن الشخص اقترح على بورصافي شخصاً آخر لإنجاز المهمة، مقابل مبلغ يتراوح بين 5 و10 آلاف دولار. وتواصل بورصافي مع الشخص الثاني عبر تطبيقات للرسائل المشفرة في 9 نوفمبر 2021، وعرض عليه 250 ألف دولار مقابل "تحييد" مستشار الأمن القومي السابق. وتم التفاوض بشأن المبلغ حتى ارتفع إلى 300 ألف دولار.
كما اقترح بورصافي على الشخص الذي كان يتواصل معه، والذي لم تكشف وزارة العدل عن هويته، دفع مليون دولار مقبال عملية اغتيال ثانية، بعد نجاح عملية اغتيال بولتون.
وطلب بورصافي من الشخص، الذي وافق على تنفيذ العملية، فتح محفظة رقمية للعملات المشفرة، لتسهيل الدفع، لكنه اشترط تنفيذ العملية قبل الدفع، قائلاً إن "جماعة" بورصافي ستغضب في حال فشل العملية.
وتبين لاحقاً لهذا الشخص أن بورصافي فرد في الحرس الثوري الإيراني، بعدما اكتشف صوراً له بالزي العسكري للحرس، بحسب البيان. ولم ينف بورصافي بعدها صلته بالحرس الثوري.
وفي 19 نوفمبر 2021، أخبر بورصافي أن "الجماعة" لا يهمها طريقة تنفيذ العملية، لكنها تريد تأكيداً بالفيديو "لقتل الهدف".
وفي 22 ديسمبر 2021، بعث بورصافي صورة لحقيبتين، يبدو أن كل منهما يحتوي على أكوام من العملات الورقية الأميركية، مرفقة بملصق قصير كُتب عليه بخط اليد الاسم الكامل للشخص، الذي وافق على تنفيذ العملية، وتاريخ ذلك هو 22 ديسمبر 2021.
وفي 3 يناير 2022، اشتكى بورصافي بتعرضه لضغوط من "رؤسائه" لإتمام العملية، وأعرب عن أسفه لأن العملية لن تتم بحلول ذكرى اغتيال قاسم سليماني في 3 يناير 2020، إثر ضربة جوية قرب مطار بغداد نفذتها القوات الأميركية.
وفي 18 يناير 2022، أخبر الشخص بورصافي بأنه يمكنه تنفيذ العملية خلال رحلة مرتقبة لبولتون خارج العاصمة واشنطن، غير أن بورصافي طلب منه الانتظار، ثم عاد إليه بعد ساعة، ليخبره بأن المعلومة غير دقيقة وأن بولتون لن يسافر.
هدف ثاني
وفي 21 يناير 2022، قال بورصافي للشخص الثاني إنه بعد أن تكتمل المهمة الأولى بنجاح، سيحصل على مهمة ثانية، لافتاً إلى أن الهدف الثاني اكتمت مراقبته.
وقال بورصافي إن المعلومات عن الهدف الثاني تم جمعها "من داخل الولايات المتحدة" ، وليس "عبر محرك غوغل" ، مما يشير إلى أن شخصاً يعمل نيابة عن الحرس الثوري الإيراني، قد أجرى بالفعل مراقبة ميدانية لتحركات الهدف الثاني في الولايات المتحدة.
واستمر التواصل بين الطرفين حتى 10 مارس 2022، حين طلب بورصافي عدم إعطاء الأولوية لاغتيال بولتون نظراً لأن مسؤوليه غضبوا من تأخرها، وعرض عليه عملية اغتيال ثانية، قائلاً إنه في حال تنفيذها بنجاح فإنه سيمكنه من استعادة المهمة الأولى وتنفيذ اغتيال بولتون.
وفي 28 أبريل 2022 ، قال الشخص لبورصافي إنه لن يستمر في العمل دون أن يحصل على أجر، ليوافق بورصافي على ذلك، وبعث إليه عملات مشفرة بقيمة 300 دولار أميركي.