تزداد الأزمة السياسية في العراق حدة مع احتكام الأطراف السياسية إلى الشارع، إذ دعا "التيار الصدري" إلى تظاهرات حاشدة السبت المقبل، لدعم مطالبه بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فيما يعتصم أنصار "الإطار التنسيقي" لدعم مطلب تشكيل حكومة جديدة دون انتخابات مبكرة.
ووسط هذا الجدل، قال فتاح الشيخ، النائب السابق عن كتلة "التيار الصدري"، في حديث لـ"الشرق"، إن هناك إمكانية لكي يصل العراق إلى "حكومة طوارئ تقود لتغيير جذري"، وهو ما استبعده محمود الحياني، العضو في تحالف "الفتح"، المنضوي تحت عباءة "الإطار التنسيقي".
وقال فتاح الشيخ، إن "الخناق قد ضاق" حول "الإطار التنسيقي"، مشيراً إلى أنهم "يبحثون عن مخرج من المأزق السياسي وليس عن حل للأزمة" القائمة في البلاد.
وأضاف الشيخ: "يبدو أن هناك تعنت داخل الإطار التنسيقي قاد إلى الدخول في أزمة"، وتابع أن "القضاء العراقي عاجز عن حل الأزمة السياسية".
وقال إن الصدر "خرج عن مزاج السياسيين إلى مزاج الشارع العراقي، الذي يطالب بالتغيير، وهو رافض لهؤلاء الثلة من السياسيين الفاسدين، الذين جثموا على صدر العراق منذ أكثر من 4 دورات (انتخابية) متتالية، ولم تحقق شيئاً".
وأوضح أن زعيم التيار الصدري "لم يذهب إلى معالجة الأزمة بالترقيع، إنما ذهب إلى أكثر من ذلك، وفي أكثر من تغريدة يدعو فيها ويطمح إلى أن تكون هناك معالجة جذرية".
وكان مقتدى الصدر قد رفع من مستوى الضغط على خصومه، السبت، بدعوة مقرّب منه لتظاهرة "مليونية" في بغداد، حيث قال صالح محمد العراقي، في بيان، إنه "بعد أن انقسم الاحتجاج إلى فسطاطين"، بات لزاماً معرفة أي المعسكرين "أكثر عدداً وأوسع تعاطفاً عند الشعب العراقي".
وقال الشيخ إن الشارع العراقي "يتطلع اليوم، لا سيما بعد دعوة الصدر، لتظاهرة مليونية تكون بمثابة قول الفصل، ترسل رسالة إلى العالم أجمع، بما فيها الأمم المتحدة، التي تعد الراعية للديمقراطية في البلاد".
وأضاف أن الأمم المتحدة "ستذعن إلى ما يريده الشعب العراقي، وقريباً جداً نبتعد عن حل مجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال، وسنكون أمام واقع لا بد منه، وهو حكومة طوارئ تساهم مساهمة فعالة في إيجاد التغيير الجذري في العراق".
في المقابل، اعتبر العضو في تحالف "الفتح" محمود الحياني، في مقابلة مع "الشرق"، أن "حكومة الطوارئ تنبثق في أجواء الوحدة الوطنية، ولا تتم بهذا الوضع السياسي المتأزم"، مشيراً إلى أنها تتم في حال "تعرض البلد لعدوان خارجي أو كوارث طبيعية".
زيارة أربيل
وزار رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري إقليم كردستان شمالي العراق، الأحد، لبحث آلية لحل للانسداد السياسي القائم منذ أكتوبر الماضي، في وقت بلغت فيه الخلافات ذروتها بين "الإطار التنسيقي" و"التيار الصدري"، الذي يطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما يرفضه "الإطار" بدعوى أن "حل البرلمان يجب أن يكون وفق السياقات الدستورية".
وقال العضو في تحالف "الفتح" العراقي محمود الحياني إن زيارة هادي العامري إلى أربيل جاءت لـ"الحوار والتباحث حول آلية وكيفية عقد ربما جلسة لانتخاب رئيس مجلس الوزراء أو حل البرلمان".
وأضاف أن كل الخيارات مطروحة على طاولة الحوار، منها "هل سنحل البرلمان بعقد جلسة و(تكليف) رئيس حكومة جديدة مؤقتة، أم الإبقاء على الحكومة (الحالية)، عبر إيجاد المخارج القانونية والدستورية لإنهاء الانغلاق السياسي".
وعن الخلافات الدائرة بين الحزب الديموقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بشأن المرشح لمنصب رئيس الجمهورية، قال الحياني إن المسألة "لم تحل حتى الآن بين الحزبين الكرديين"، مشيراً إلى أن "جزء من المكون السني أصبح مع الإطار التنسيقي ولكن هذا لن يكفي".
"حل بطريقة دستورية"
ولفت الحياني إلى أن التيار الصدري يطالب بـ"حل البرلمان وإعادة الانتخابات"، إلا أن "القضاء العراقي أعلن أنه لا يستطيع حل البرلمان لأن ليس لديه الصلاحية"، قائلاً إن الحل لا يتم إلا بـ"الطريقة الدستورية والقانونية".
وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق أكد، الأحد، أنه لا يملك صلاحية حل مجلس النواب، بعدما طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر القضاء بذلك خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع، مبرراً طلبه بأن الكتل السياسية لن ترضخ "لمطالبة الشعب بحل البرلمان".
وأشار الحياني إلى أن "المادة 64 من الدستور العراقي أوضحت أن البرلمان يحل بتقديم طلب من ثلث أعضاءه، بعد ذلك يصوت بالأغلبية المطلقة ويحل البرلمان نفسه، أو يقدم طلب من رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية بالحل"، معتبراً الخيار الأخير "غير موجود لأن الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال، ولا تستطيع إصدار القرارات".
ولفت الحياني إلى وجود مباحثات بين القوى السياسية في العراق، متوقعاً أن "تظهر مبادرات في الأيام القادمة لحلحلة الأزمة"، لكنه قال: "نحن مع مطالب الشعب العراقي بكل أطيافه"، واصفاً التظاهرات الحالية في البلاد بـ"الصحية للعملية الديمقراطية، ولم تكن موجودة سابقاً في العراق".
وذكر أن المشكلة القائمة حالياً بين التيار الصدري وتحالف "دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي وأحد مكونات "الإطار التنسيقي"، مضيفاً أن ترشيح محمد شياع السوداني لتولي منصب رئيس الحكومة "أثار شارع التيار إذ يعتبرونه تابعاً للمالكي"، مؤكداً أن "السوداني لا يتبع للمالكي".
وفي سؤاله عن إمكانية أن يلتقي العامري بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قال الحياني: "زيارة الصدر في أجندته (العامري)، وهذا متوقف على الحوار الذي سيجريه مع الأكراد والسنة"، مبيناً وجود جهات سياسية "لا ترغب بعقد جلسة برلمانية أو الذهاب لتشكيل حكومة من خارج البيت الشيعي".
ومع ذلك قال الحياني إن "البرلمان الحالي أصبح معطلاً، ولا يوجد له أي دور بعد المظاهرات الحاصلة (أمام مقره)، لذلك من الواجب أن يحل البرلمان وهو مطلب جماهيري"، وأضاف أن "تحالف الفتح من المطالبين الأوائل بحل البرلمان، الذي لن يتمكن في ظل وضعه الحالي من تشكيل حكومة".
انسداد سياسي
ويعيش العراق انسداداً سياسياً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي والتي فاز فيها التيار الصدري بالعدد الأكبر من المقاعد بـ74 مقعداً، قبل أن يستقيل نواب كتلته من البرلمان في يونيو الماضي، بتوجيه من مقتدى الصدر، بعد الفشل في تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية.
ويكمن الخلاف الأساسي في أن التيار الصدري أراد حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في "الإطار التنسيقي" الإبقاء على الصيغة التوافقية.
ويواصل كلّ من التيار الصدري و"الإطار التنسيقي"، الضغط في الشارع مع تأزّم الوضع بينهما، حيث يقيم مناصرو الصدر منذ 30 يوليو الماضي اعتصاماً في باحات البرلمان العراقي، بينما باشر مناصرو "الإطار التنسيقي" اعتصاماً مضاداً على أسوار المنطقة الخضراء منذ يومين.